منذ بدء الأزمة السورية، كانت ناحية تل تمر التابعة لمقاطعة الحسكة، محط أنظار العديد من القوى نتيجة موقعها الجغرافي المهم، كونها نقطة اتصال برية تربط مناطق إقليم الجزيرة بمناطق الداخل السوري.
عرّضها موقعها الاستراتيجي لهجمات من قبل جهات عديدة، ومن أعنف ما تعرضت له، كانت هجمات مرتزقة داعش عام 2015، الذين عمدوا فيها إلى ارتكاب مجازر بحق شعبها، وتدمير فسيفساء المنطقة المتشكل من مكوناتها "الآشورية، والكردية، والعربية"، وتهجير الشعب الآشوري إلى جانب باقي المكونات واختطافهم وتدمير قراهم.
ومع بدء جيش الاحتلال التركي ومرتزقته "الجيش الوطني السوري" في 9 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، بشن هجماتهم على مناطق مختلفة في شمال وشرق سوريا، واحتلالها لمنطقتي "سري كانيه وكري سبي/ تل أبيض"، عادت تل تمر إلى خط المواجهة مجدداً، لتشهد أعنف الهجمات عقب هجمات داعش خلال عمر الأزمة.
تحولت ناحية تل تمر إلى الخط الأول في وجه جيش الاحتلال التركي ومرتزقته، وتتعرض يومياً لقصف عنيف بالصواريخ والمدافع، في محاولة من تركيا استكمال ما لم تستطع مرتزقة داعش فعله.
وبالعودة إلى الهجمات التي تعرضت لها المنطقة خلال 10 أعوام الفائتة؛ فقد كان لسكان المنطقة تاريخ زاخر بالصمود والبقاء والتشبث بالأرض، تجسّد في البقاء وعدم النزوح، والمساندة المستمرة لقواتهم العسكرية "قوات سوريا الديمقراطية".
ويواجه أهالي ناحية تل تمر منذ قرابة 3 أعوام، هجمات دولة الاحتلال التركي، من قصف بري صاروخي ومدفعي، دون النزوح عنها. يمارسون حياتهم، دون الاكتراث بالصعوبات والمعوقات التي تواجه بقاءهم فيها، في مؤشر واضح على إصرارهم على البقاء في أرضهم وعدم تركها عرضة للاحتلال، مجددين صورة المقاومة في وجه الهجمات كما عام 2014 ضد داعش.
الـسبعيني محمد طاهر يونس من سكان الناحية، الذي يرفض مغادرة الناحية وترك منزله، لا يزال يصر على البقاء منذ هجوم مرتزقة داعش وإلى اليوم، يقول "عشنا ظروفاً صعبة للغاية مع بدء الثورة السورية، وبدء الجماعات الإرهابية بمهاجمة مدينتنا".
ويضيف "كان نهر الخابور ما يفصلنا عن الإرهاب، لم نكن نستطيع المشي في شوارعنا وخاصة في النهار، كنا نقوم بتغطية شوارعنا بالأقمشة لنستطيع السير دون أن يرانا القناصون، الهجمات التي تعرضت لها تل تمر حينها واجهناها بقرار البقاء والمقاومة رغم الصعوبات، تلك الآلام لا تزال ذكرى قائمة في أذهان سكان المنطقة، إلا أننا فخورون بها".
ويعيد يونس سر البقاء والمقاومة إلى القناعة التي توصل إليها أهالي ناحية تل تمر "القناعة كانت سبيل البقاء ومواجهة التحديات، فكانت قناعتنا قواتنا ومساندتها، وارتباطنا بأرضنا، فكيف لنا أن نتخلى عن أرضنا وكرامتنا، لذلك كان خيارنا الأول والأخير هو البقاء في منازلنا ومقاومة جميع الهجمات مهما اشتدت".
يؤكد يونس أن قناعة أهالي الناحية دحرت داعش، وأعادت الأمن والاستقرار إلى الناحية، ولا تزال قناعتنا المستمرة سر البقاء، والتي تجددت مع تجدد هجمات دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها على المنطقة، بأسماء وذرائع مختلفة، بعد وصولهم إلى مشارف الناحية.
ويوضح قائلاً: "هجمات الاحتلال على الناحية هي الأعنف منذ بدء الهجمات التركية على شمال وشرق سوريا، لكننا ما زلنا باقين في هذه الأرض ونمارس حياتنا الطبيعية، وقرارنا الأول والأخير هو البقاء على أرض الأجداد".
(أم)
ANHA