جيل الثورة

جيل جديد يضمّ أكثر من 800 ألف طفل وطفلة وُلدوا خلال الثورة، يدرسون اللغة والثقافة والفن والتاريخ والصحة والرياضة، في مدارس تسعى إلى تنشئتهم على المساواة والاحترام.

جيل الثورة
21 تموز 2024   03:40
مركز الأخبار

عندما اندلعت شرارة الثورة في محافظة درعا في الـ 15 من آذار عام 2011، كتب أطفال المدينة أيضاً بأناملهم الصغيرة كلمة "الحرية" على جدران المدارس، لقد حلموا وآمنوا بالحرية، لكنّ تدخّل القوى الأجنبية وهجماتها حوّلت هذه الثورة الشعبية إلى عنف ودمار راح ضحيتهما آلاف الأطفال. 

في روج آفا أيضاً، كان للأطفال أحلام وأمانٍ، أطفال أمّة مقموعة لم يُعترف بدولتهم حتّى، أطفال حلم أجدادهم وآمنوا بالحرية وناضلوا وحاربوا وقادوا وعملوا من أجل بناء مستقبلٍ مشرق لهم.

جاءت ثورة 19 تموز ووضعت بصمتها على صفحات التاريخ كثمرة لهذه الجهود العظيمة المبنية على العقل، والعلم والشجاعة والتجدّد. 

أمنيات جميع أطفال سوريا

انطلقت بقيادة الكرد، لكنّ سرعان ما تبنّاها جميع أبناء الشعب بكل مكوناته، ولهذا تُعرف باسم إقليم شمال وشرق سوريا.

وبهذا، فهي تحيي ذكرى جميع أطفال سوريا وتحقّق آمالهم وأمنياتهم، ويشكّل الأطفال الذين يترعرعون ويكبرون على ثقافتهم ولغتهم في بيئة حرّة، أساس مستقبل المنطقة.

ـ يُعدّ تعليم الأطفال أحد أهمّ القرارات المتّخذة خلال الثورة.

التعليم المتعدّد اللغات

ـ بموجب المواد المتعلّقة بالتعليم في العقد الاجتماعي، تمّ إصدار برامج تعليمية للأطفال، واللافت فيها ويميّزها عن الأنظمة التعليمية في باقي الدول هو أنّه يمكن لكلّ مكوّن إصدار البرامج التعليمية.

وتنصّ المادة 22 من العقد الاجتماعي والخاصة بهذه النقطة على: "منع الاحتكار في مجالي التعليم والصحة".

أمّا المادة 98 منه فتحدّد مهام مجلس التربية والتعليم وتنصّ على: "يقوم بتعليم اللغات الرسمية واللغات الأخرى الموجودة ضمن الإدارة الذاتية الديمقراطية، يهتم بالتوعية الشعبية، يقوم بتطوير ذهنية الأمة الديمقراطية، بدءاً من مرحلة الحضانة وحتى مرحلة الجامعة. يقوم بتطوير المشاريع التربوية والمناهج التعليمية والتثقيفية والعلمية. من أجل فئات المجتمع كافة. يطور المؤسسات المختصة بعمله، يقوم بافتتاح الأكاديميات التي تعمل على تأهيل الكادر التربوي".

ويعتمد نظام التعليم في المدارس الرسمية (الابتدائيّة، الإعداديّة، الثانويّة) 3 لغات (الكردية، العربية، السريانيّة)، ويمكن افتتاح مدارس خاصة إضافةً إلى ذلك.

800 ألف طالباً وطالبة

لم يتمّ إجراء إحصاء شامل في المنطقة، لكن وفقاً لعدد الأطفال الذين يتلقّون التعليم في المدارس، شهدت المنطقة منذ بداية الثورة وحتّى العام الجاري، ولادة 800 آلف طفل وطفلة، ويدرس هؤلاء الأطفال جميعاً التاريخ، الثقافة، الفن، اللغة، الجغرافية، الصحّة والرياضة في صفوف دراسيّة مختلفة، ويجري تنشئتهم على المساواة والاحترام والمعرفة بعيداً عن العنصريّة.

رياض الأطفال

بالنسبة للأطفال قبل المرحلة الابتدائيّة ممن تتراوح أعمارهم بين 1-5 أعوام، فقد جرى افتتاح رياض أطفالٍ عدّة، وتضمّ رياض الأطفال الـ 55 التابعة لمؤسسات الإدارة الذاتيّة 4 آلاف و265 طفلاً وطفلة، وتتولّى المعلمات والمربيات العناية بالأطفال في هذه الرياض التي تشتمل على صالاتٍ للعب، كما ينظّمن أنشطة عدّة كالمسرح والموسيقا.

إلى جانب رياض الأطفال التابعة للإدارة الذاتيّة، هناك رياض أطفال خاصة للأطفال الكرد، السريان والآشور والعرب والأرمن.   

56 فرقة فنية وثقافية

يُعدّ مجال الثقافة والفن أحد المجالات الهامة التي يجري تنمية الأطفال ومواهبهم فيها، وتستمر الأنشطة الموسيقية والمسرحية والرسم وغيرها تحت مظلة حركة الثقافة، وحركة ميزوبوتاميا للثقافة والفن، وحركة الهلال الذهبي لثقافة المرأة، وشُكّلت في مختلف هذه المجالات 56 فرقة للطفل من مختلف مكونات الإقليم، وتقدّم هذه الفرق فنّها وتؤدّي عروضها في مختلف الاحتفالات والبرامج والمناسبات.

تتلقّى الطالبة في المرحلة الثانوية (الصف العاشر) ألما مراد، البالغة 14 عاماً من العمر دروس تعليم الغيتار في مدرسة الشهيدة نويلا للفنون التشكيلية والصوتية والحركية، وتقول: "أتابع تعليمي وأصقل موهبتي الفنية معاً، إنّني أحوّل مشاعري لألحان ونغمات، وأريد إيصال صوت الثورة والمجتمع إلى العالم عبر هذا الفن".

200 فرقة رياضية

في مجال الرياضة، افتُتحت العديد من المدارس الرياضية منها ما هي تابعة لهيئة الشباب والرياضة ومنها ما هي خاصة، وبحسب تعداد المؤسسات المعنية، يوجد في شمال وشرق سوريا 20 مدرسة رياضية، 10 أكاديميات ويتمّ فيها تدريب الأطفال دون سن الثامنة عشرة عاماً، ومن الأقسام الموجودة في هذه المدارس والأكاديميات؛ كرة القدم، التايكوندو، كرة الطائرة، مرة السلة، كرة الطاولة، الشطرنج. وينضمّ الأطفال من هذه المدارس والأكاديميات إلى هذه الفرق، كما شُكّلت نحو 200 فرقة للطفل من مختلف أنواع الرياضات.

وتشارك بعض هذه الفرق الرياضية في مسابقات محلية وخارجية، وفاز منهم بجوائز هامة في مسابقات كرة القدم والتايكوندو على مستوى سوريا وآسيا.

"نريد تمثيل الإقليم"

تحدّثنا إلى المدرّب في مدرسة الإخوة (براتي) سميح علي، أثناء تدريبه لنحو 150 طفلاً في ملعب هيثم كجو، مع مدربين آخرين، وأخبرنا بعض المعلومات عن عمله في مجال الرياضة.

وكشف سميح علي أنّه يدرّب الأطفال بين 4 و13 عاماً منذ 10 أعوام، وقال: "إنّ الرياضة تنمي الجانبين الاجتماعي والصحّي أيضاً، وهدفنا من التدريبات التي نقدّمها هو أن يمثّل هؤلاء الأطفال في المستقبل الإقليم".

(ر)

ANHA