صحف عربية.. تعقيدات عديدة تواجه مسار التقارب بين دمشق وأنقرة وخلاف بين السوداني والمالكي

قال مراقبون، إن هناك تعقيدات ميدانية وأخرى خارجية كبيرة تواجه رغبة أردوغان؛ بإحراز تقدم في مسار التقارب مع حكومة دمشق، فيما تفجر خلاف جديد بين رئيس الوزراء العراقي السوداني من جهة، ونوري المالكي من جهة أخرى، في حين تسعى كل من الولايات المتحدة الأميركية ومصر؛ لتهدئة الأوضاع في فلسطين.

تناولت الصحف العربية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء، مسار التقارب بين حكومة دمشق والاحتلال التركي، والوضع العراقي إلى جانب التصعيد في فلسطين.

تعقيدات ميدانية متزايدة بوجه تركيا | أنقرة - دمشق: أردوغان متمسّك بالتطبيع

البداية من الشأن السوري، قالت صحيفة الأخبار اللبنانية: "في وقت تحتفل فيه «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) بمرور ستّة أعوام على سيطرتها على إدلب، وقيام «إمارة» لها فيها، تحاول تركيا، جاهدةً، تسريع وتيرة الحلحلة في ملفّ المحافظة الواقعة في شمال غرب سوريا، كخطوة أولى حقيقية على طريق التطبيع مع سوريا، تطبيعٌ يبدو أن رجب طيب أردوغان ما زال متمسّكاً به، على الرغم من الضغوط الأميركية المتزايدة في الاتّجاه المُعاكس له، كونه يمثّل، بالنسبة إلى الرئيس التركي الذي يخوض انتخابات حاسمة، السبيل الأفضل لمعالجة جملة من المشاكل، التي شارك هو بنفسه في صناعتها خلال السنوات الماضية، غير أن هذا الطريق التركي الجديد ما زال محفوفاً بالمخاطر، سواء الخارجية، أو حتى المتعلّقة بـ«خطر الجهاديين»، وهو ما بدأت تَظهر ملامحه بشكل متزايد، واضعةً تركيا في مأزق قد يُدحرج «كرة النار» إلى مناطق كانت، حتى وقت قريب، خارج الحسابات الحالية.

عقد مسؤولون أمنيون وعسكريون أتراك، اجتماعاً جديداً مع قياديّين في «هيئة تحرير الشام»، لتقييم الأوضاع على طريق حلب - اللاذقية (M4)، والذي تنوي أنقرة إعادة تشغيله كخطوة أولى على طريق الانفتاح على دمشق، الاجتماع الذي ذكرت مصادر «جهادية» أنه امتدّ على مدار ساعتَين قرب معبر باب الهوى الحدودي في ريف إدلب، أحيطَ بالسرية، ولم يتسرّب عنه الكثير من المعلومات، باستثناء تأكيد تركيا عملها على تأمين الطريق، وإبلاغها الفصائل نيّتها تسيير دوريّات تابعة لها في الجانب الذي تسيطر عليه «الهيئة» من الطريق خلال الفترة المقبلة، قد تتْبعها دوريّات مشتركة مع روسيا، ولاحقاً مع سوريا، تبعاً للاتّفاقات الأمنية والعسكرية التي قد يتوصّل إليها الطرفان (أعلنت أنقرة إمكانية عقْدهما اجتماعاً على مستوى وزيرَي الدفاع في الأسبوعَين المقبلَين). وأفادت المصادر نفسها بأن الجيش التركي أجرى، في الأيّام الفائتة، سلسلة تحرّكات ميدانية، بينها نقْل نقاط مراقبة إلى مناطق تُشرف بشكل كامل على «M4» في منطقة جبل الزاوية، موضحةً أن أنقرة تعمل، في هذه الأيام، على اختبار الأوضاع وتقييم المخاطر الأمنية التي قد تتسبّب بإفشال فتْح الطريق، سواء بشكل متعمّد من قِبَل «تحرير الشام»، التي أكدت لتركيا، أكثر من مرّة، التزامها بأيّ اتّفاق يتعلّق بـ«حلب - اللاذقية»، أو من فصائل أو عناصر منفلتة قد تحاول التشويش على ذلك المسار.

وفي وقت تعمل فيه أنقرة على ضبْط الميدان، تمهيداً لاجتماع مع دمشق وموسكو قد تنضمّ إليه طهران، واصلت «تحرير الشام»، التي يقودها رجل «القاعدة» السابق، أبو محمد الجولاني، تحرّكاتها في ريف حلب، في محاولة منها لتجذير حضورها في عفرين التي تسيطر عليها، ومنْع انتزاع المعابر الأهمّ الواقعة في قبضة القاطع الشرقي في «حركة أحرار الشام» - بات عملياً تابعاً للجولاني -، والذي يسيطر على معبر الحمران الواصل بين مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، ومناطق نفوذ الفصائل الموالية لتركيا.

وبحسب مصادر مطّلعة، تحدّثت إلى «الأخبار»، تخوض «الهيئة» محاولات حثيثة لتصفية ما تبقّى من جماعات «جهادية» في إدلب، عبر فتْح الباب أمامها للخروج من سوريا نحو أوكرانيا. غير أن هذه الضغوط دفعت بعض الفصائل إلى الانتقال إلى ريف حلب، على شكْل مجموعات صغيرة وخلايا، الأمر الذي زاد من تعقيدات الأوضاع في الشمال السوري، وخصوصاً بعد ظهور أصوات مناوئة للتوجّه التركي داخل «تحرير الشام» ذاتها، على خلفية اغتيال القيادي في القاطع الشرقي في «أحرار الشام»، صدام الموسى، وسط اتّهامات بوقوف أنقرة وراء هذا الاغتيال عبر طائرة مسيّرة. وسيكون من شأن حركات النزوح التدريجية من إدلب نحو ريف حلب لفصائل يحاول الجولاني التخلّص منها، وظهور انقسامات داخل «تحرير الشام»، بالإضافة إلى التوتّر المتزايد بين «الهيئة» وفصائل أخرى منتشرة في ريف حلب، أن يخلق جوّاً مناسباً لتجدّد الصراع المسلّح في المنطقة، التي تحاول أنقرة جاهدةً إبقاءها، أقلّه في الوقت الحالي، خارج النقاشات المبدئية مع كلّ من دمشق وموسكو.

الترشيحات لانتخابات مجالس المحافظات تفجر خلافاً بين السوداني والمالكي

وفي الشأن العراقي، قالت صحيفة العرب: " كشفت مصادر سياسية عراقية عن تفجّر خلاف جديد بين رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، ورئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي؛ بسبب ترشيح السوداني لقيادي بحركة عصائب أهل الحق لانتخابات مجالس المحافظات المقبلة، ما اعتبره المالكي تمرداً إذ يريد حصر الترشيحات في شخصه.

والحديث عن الخلاف ليس الأول من نوعه، إذ كشفت مصادر في الثامن والعشرين من ديسمبر 2022 عن وقوع خلافات بين قادة في الإطار التنسيقي ورئيس الوزراء العراقي؛ بسبب اتخاذ الأخير بعض القرارات دون الرجوع فيها إلى الهيئة القيادية في الإطار، الأمر الذي أثار حفيظة ورفض لقادة الإطار يتقدمهم المالكي.

وقال مصدر سياسي مطلع، إن السوداني قدم للإطار التنسيقي مهند شاكر مسؤول تنظيمات عصائب أهل الحق لجانب الكرخ ببغداد كمرشح له بانتخابات مجالس المحافظات المقبلة.

وأضاف المصدر إن المالكي الذي يعدّ نفسه زعيم الإطار التنسيقي من جهة، والراعي لعصائب أهل الحق من جهة أخرى، اعتبر هذه الخطوة تمرداً عبر سحب مرشحي العصائب لمعسكر السوداني، حيث يريد المالكي أن يكون تقديم مرشحي الإطار التنسيقي بيده حصراً.

 وقال إن السوداني يرفض هذا الاستحواذ من قبل المالكي، ويشاركه بذلك بعض قادة الإطار.

وبخصوص موقف زعيم العصائب قيس الخزعلي من هذا الخلاف، قال المصدر إن الخزعلي يقف بموقع الحياد، لكنه بعث بإشارات عن انضمامه مع السوداني؛ لتكوين قائمة انتخابية، تشمل تيارات أخرى في الإطار.

جهود أمريكية مصرية لـ«خفض التصعيد» في «الضفة»

وفي الشأن الفلسطيني، قالت صحيفة البيان: "أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي على ضرورة العمل الفوري؛ لتهدئة الأوضاع في فلسطين في ظل التطورات الأخيرة، فيما دعا وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن إلى «الهدوء وخفض التصعيد» بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

والتقى الرئيس المصري مع بلينكن وبحث معه تهدئة الأوضاع، قبيل توجه المسؤول الأمريكي إلى القدس ورام الله، في مستهل زيارة للشرق الأوسط تستمر ثلاثة أيام.

وقال السيسي إن: «تطورات الأحداث الأخيرة، تؤكد أهمية العمل بشكل فوري في إطار المسارين السياسي والأمني لتهدئة الأوضاع والحد من اتخاذ أي إجراءات أحادية من الطرفين»، مشدداً على «موقف مصر الثابت بالتوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني».

وإثر اللقاء، طار بلينكن إلى تل أبيب، حيث يجري المسؤول الأمريكي محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين. وطالب الجميع باتخاذ خطوات لتهدئة التوتر.

ويلتقي بلينكن في القدس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قبل أن يتوجه إلى الضفة الغربية للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

في الأثناء، توقع سياسيون أردنيون أن جولة وزير الخارجية الأمريكي إلى المنطقة بما فيها رام الله وتل أبيب، ستتخذ من «التهدئة للمشهد المقلق» بين الفلسطينيين والإسرائيليين عنواناً أساسياً للمحادثات التي ستجرى بين المسؤولين، ومع أن الزيارة كان مخططاً لها في السابق، ولكنها جاءت في خضم دوامة العنف.

في قراءة لأهداف الزيارة، يبين خبير فض النزاعات الدولية، أستاذ الدراسات الدولية في الجامعة الأردنية د. حسن المومني، أن هنالك اجتماعات مكثفة أمريكية ـ إسرائيلية ملحوظة، وهذا يعبر عن اشتباك أمريكي أكثر من قبل، انطلاقاً من الرغبة في التهدئة، وهنالك تواصل دائم فعال بين الأمريكان وبين الأطراف المعنية بما يحصل مباشرة، والإدارة الأمريكية تسعى لخفض التصعيد لتأسيس مرحلة تمهيدية قد تخلق ظروفاً مواتية من أجل إعادة إنعاش المفاوضات.

من جهته، يؤكد خبير الشؤون الإسرائيلية، د. أيمن الحنيطي أنّ وقف التصعيد في القدس والضفة الغربية سيهيمن على زيارة بلينكن للمنطقة، فالوضع في الأراضي الفلسطينية يعيش حالة خطرة جداً، خاصة بعد عمليتي جنين والقدس وما تبعها من تداعيات.

وتوقع الحنيطي أن ترى الجهود الأمريكية النور في المستقبل القريب من أجل السيطرة على هذه المرحلة، ومن إعداد بيئة مناسبة لإطلاق العملية السلمية وإعطاء أمل للفلسطينيين، والتوصل إلى حلول عادلة شاملة تريح جميع الأطراف.

(ي ح)

ANHA


إقرأ أيضاً