سوريا في ذكرى الثورة.. مراحل ومفاصل هامة منذ البداية حتى سقوط النظام -1

مع دخول الثورة السورية عامها الـ 15، شهدت البلاد تحولاً استراتيجياً كبيراً يتمثل بسقوط نظام الأسد بعد ارتكابه الكثير من الانتهاكات والجرائم بحق السوريين وفرضه لسياسة القمع والاقصاء، إلا أن هذه الثورة تم حرفها عن مسارها بسبب التدخلات الخارجية من قبل دولة الاحتلال التركي التي أقصت القوى الديمقراطية ودعمت التنظيمات المتشددة والجماعات المرتزقة التي ساعدتها على احتلال أراضي سورية، وبعد سقوط النظام يتأمل السوريون أن تتحقق أهداف ثورتهم الحقيقية بعيداً عن مصالح الخارج.

سوريا في ذكرى الثورة.. مراحل ومفاصل هامة منذ البداية حتى سقوط النظام -1
السبت 15 آذار, 2025   03:50
مركز الأخبار 
يحيى الحبيب

خلال السنوات الفائتة، شهد السوريون الكثير من التطورات والأحداث، وكانت هناك الكثير من العوامل والأسباب التي أدت إلى تعمق الأزمة السورية، من بينها تمسك نظام الأسد بخيار الإقصاء لجميع الآراء والقوى، بالإضافة إلى تشدد ما تسمى المعارضة وتحولها إلى أداة ومرتزقة بيد الاحتلال التركي.

وفي هذا التقرير المؤلف من جزأين، سنلخص مسار الأزمة السورية بشكل مقتضب، منذ انطلاقتها عام 2011 وحتى دخولها عامها الـ 15.

شرارة الأحداث تنطلق من الجنوب

على وقع انتشار رياح ما يسمى "الربيع العربي"، أطلق السوريون حراكهم الشعبي في 15 آذار عام 2011 وكانت البداية من درعا في الجنوب، على إثر الانتفاضة ضد نظام الأسد بسبب إقدامها على اعتقال بعض الأطفال بسبب كتابة عبارات مناوئة لها.

وسرعان ما توسعت هذه المظاهرات، إذ شهدت مدينة حمص وريف دمشق مظاهرات ضخمة تمت مواجهتها من قبل قوات النظام السوري بالعنف؛ ما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا، ودخل الحراك السوري مرحلة جديدة تلوّح بالدموية، بعد دخول قوات النظام إلى مدينة حمص وسقوط المزيد من الضحايا.

نظام الأسد يبحث عن الحسم المبكر

وفي آذار عام 2012، وجه نظم الأسد ترسانته العسكرية إلى حمص، وهاجم حي بابا عمرو وأعلن السيطرة عليه بعد قتال عنيف استمر قرابة 26 يوماً، وفي شهر تموز، أخذت الأزمة السورية منعطفاً آخر بعد أن أعلن تلفزيون النظام مقتل كل من وزير الدفاع داوود راجحة ونائبه آصف شوكت، وحسن تركماني معاون نائب بشار الأسد في تفجير استهدف مبنى "الأمن القومي السوري" في حي الروضة بدمشق.

تركيا تغرق المدن السورية بالمرتزقة والمتشددين

على الرغم مما حققته المجموعات المسلحة من تقدّم على نظام الأسد ودخولها العديد من المدن، فقد غير النظام من استراتيجيته وخططه؛ هرباً من الاستنزاف، وركز سيطرته على المدن الاستراتيجية ذات الأهمية والتي سميت "سوريا المفيدة"، لكن الدعم الإيراني وإرسال المجموعات الشيعية، ومن بينها حزب الله اللبناني، وكذلك تنامي جبهة النصرة وداعش، شكلوا عبئاً مضافاً على الحراك في سوريا؛ ما خلط الأوراق وجعل المشهد يبدو ضبابيّاً.

وفتحت تركيا مطاراتها لاستقبال المرتزقة من أنحاء العالم كافة، وسهّلت عبورهم إلى الأراضي السورية، كما حوّلت حدودها إلى معابر يتدفق منها السلاح إلى المرتزقة في سوريا، وقدّمت كل أشكال الدعم المادي والمعنوي والطبي لهم؛ أما إيران فحشدت الشيعة أينما كانوا، وأرسلتهم إلى سوريا للقتال إلى جانب النظام السوري.

داعش يدخل على خط الأزمة

مع تزايد قدوم المرتزقة الأجانب من كل أصقاع العالم واستخدام الشحن الطائفي والقومي في المنطقة كوسيلة لتجنيد المسلحين، احتل مرتزقة داعش صيف 2014، مساحات كبيرة من سوريا والعراق، بدءاً من الموصل العراقية بداية شهر حزيران، ثم مدينة الرقة التي أعلنها عاصمة لخلافته المزعومة في 29 حزيران.

كما احتل الغالبية العظمى من دير الزور، بالإضافة إلى وجوده في كل من حلب، وإدلب، وحماة، وريف دمشق وعدد من المناطق السورية الأخرى، وبذلك بات يحتل ما يقارب نصف مساحة سوريا.

روسيا تتدخل بشكل مباشر

عام 2014، شهدت قوات النظام السوري انهياراً كبيراً، حيث سيطرة جبهة النصرة، على مساحات كبيرة من حلب، وإدلب، وحماة، ودرعا، وحمص، والقنيطرة، وانحصر وجود النظام في المدن الرئيسة فقط.

ونتيجة لهذا تدخّلت روسيا ووقّعت اتفاقاً مع النظام، في آب 2015، يمنح الحق للقوات العسكرية الروسية باستخدام قاعدة حميميم في كل وقت دون مقابل، وإلى أجلٍ غير مسمى، وابتداءً من أيلول 2015، عززت روسيا حضورها العسكري في سوريا.

مسار مغاير في شمال وشرق سوريا.. عقد اجتماعي وانتخابات

بالتزامن مع الانهيار الذي شهده النظام السوري وانسحابه من المناطق السورية وتركه الأهالي لقمة سائغة أمام مرتزقة داعش، حملت وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة على عاتقها مهمة الحفاظ على مقاطعات الإدارة الذاتية الديمقراطية الثلاث التي أعلنت في روج آفا، في كانون الثاني 2014، والمتمثلة في مقاطعات الجزيرة وعفرين وكوباني، لتتوسع هذه الإدارة وتشمل مناطق شمال وشرق سوريا.

وعملت الإدارة الذاتية على تطبيق نظرية الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب، حيث تمكنت من جمع مكونات المنطقة كافة وعززت السلم الأهلي، كما تمكنت من الحفاظ على المنشآت السورية الحيوية وطورتها عبر تشكيل مؤسسات مدنية اعتمدت على تطبيق الاقتصاد المجتمعي وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، كما عززت دور المرأة عبر تطبيق نظام الرئاسة المشتركة لكل مؤسسة وهيئة، بالإضافة إلى أنها تستمر بتطوير العمل السياسي والاجتماعي من خلال تطبيق عقد اجتماعي جديد ستتبعه انتخابات خلال الفترة المقبلة.

القوات الأميركية رسمياً في سوريا

راقبت الإدارة الأميركية جدارة وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة في محاربة مرتزقة داعش؛ لذا وبعد الإعلان عن تشكيل التحالف الدولي المناهض لداعش عام 2014، اضطرت قوات التحالف الدولي؛ لتقديم الدعم الجوي لوحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، وخاصة في معركة كوباني، في أيلول عام 2014، ليستمر هذا الدعم فيما بعد حتى إعلان تشكيل قوات سوريا الديمقراطية وإلى الآن.

وحررت قوات سوريا الديمقراطية عموم شمال وشرق سوريا من داعش، وأبرز المناطق التي تم تحريرها؛ هي منبج والرقة ودير الزور وصولاً إلى الباغوز، حيث أُعلن عن القضاء على "الخلافة" المادية لداعش.

اجتماعات أستانا.. استخدام تركي للاحتلال وتجميع المقاتلين

عقدت كل من روسيا – تركيا – إيران 22 جولة من اجتماعات أستانا بدءاً من 23 – 24 كانون الثاني 2017؛ لمناقشة أزمة السوريين دون حضور أصحاب الأزمة، إلا أن أهداف النقاشات ونتائجها كانت واضحة، وهي استمرار التفاهمات الروسية – التركية، ومهاجمة مشروع الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

واستغلت تركيا هذا الاتفاق من أجل احتلال عفرين وسري كانيه وكري سبي وأجزاء من أرياف إدلب واللاذقية وحلب في المقابل مكّنت روسيا نظام الأسد من السيطرة على مناطق سورية واسعة، كما أن وخلال هذه الاجتماعات عملت على تجميع المجموعات المسلحة في شمال غرب سوريا وخاصة إدلب لتقوم بذلك بالانقلاب على شركائها في أستانا وتدعم عملية عسكرية أدت لسقوط نظام الأسد فيما بعد.

المعارض السوري، علي الأمين تحدث حول مراحل انطلاق الثورة السورية وتحولاتها، قائلاً: "قامت الثورة السورية في 15 آذار 2011 لتنقذ سوريا وشعبها، وحضارتها من براثن الديكتاتورية الأسدية التي رهنت سوريا وشعبها، وحضارتها لخدمة استمرارية النظام في السلطة، واستمرار الفساد، واستمرار بقاء سوريا بعيدة عن أخذ دورها الإيجابي في الحضارة المعاصرة".

وأوضح "قامت الثورة السورية بشكل سلمي وحضاري في جميع أنحاء سوريا، لم يكن هنالك فرق بين عربي أو كردي، أو بين مسيحي أو مسلم، فالكل شارك في المظاهرات السلمية يهدف إلى اسقاط نظام الأسد لإعادة بناء سوريا على أسس حضارية".

وأشار إلى أن "نظام الأسد قابل غصن الزيتون المرفوع بيد السوريين بالمدافع والطائرات، والقتل، والتدمير، واستجلاب المرتزقة الإيرانيين والروس وحزب الله والفصائل الجهادية الإرهابية، فدمر سوريا وبناها التحتية، وقتل أكثر من مليون انسان، وهجر 12 مليوناً، ورهن الوطن للدول المجاورة وتآمر مع تركيا لاحتلال الشمال السوري برمته".

غداً:

سنسلط الضوء على فشل الاجتماعات والمنصات الدولية بتقديم حلول للأزمة السورية، بالإضافة إلى مسارات التقارب بين النظام السوري والاحتلال التركي، والتطبيع العربي مع النظام السوري، إلى جانب مرحلة سقوط النظام السوري وآمال السوريين بتحقيق أهداف الثورة والتحديات التي تواجه ذلك.

(أم)

ANHA