صحفية إيطالية: يجب إعادة قراءة ثورة شمال وشرق سوريا

صحفية إيطالية: يجب إعادة قراءة ثورة شمال وشرق سوريا
الخميس 8 آب, 2019   01:30

التقت وكالة أنباء هاوار مع الصحفية والمخرجة الإيطالية Benedetta Argentieri   خلال زيارتها مناطق الإدارة الذاتية شمال وشرق سوريا للحديث عن التطورات التي طرأت في المنطقة منذ زيارتها الأولى للمنطقة في شهر أكتوبر 2014.

وفي هذا اللقاء استعرضت وكالتنا عدة محاور للنقاش والحوار مع الصحفية والمخرجة الإيطالية Benedetta Argentieri   .

فبعد أن تم تحرير المنطقة من إرهاب داعش والخلاص من الظلم والبطش خلال سيطرة خلافتهم المزعومة استطاعت المنطقة أن تخطو خطوات إيجابية نحو إعادة البناء وإصلاح ما أفسده ظلام الإرهاب، و في هذا السياق تم طرح السؤال التالي:

*ما الذي التمستموه من تغييرات في المنطقة، وخاصة أنكم كنتم قد زرتم المنطقة عام 2014؟

في الحقيقة تغيرت الكثير من الأمور منذ زيارتي في عام 2014 إلى الآن أستطيع القول إن المنطقة أصبحت نموذجاً يحتذى به، فرغم الدمار الهائل للبنية التحتية في فترة سيطرة داعش الذي مارس أبشع الجرائم ودمر كل شيء، استطاعت الإدارة رغم كل المصاعب أن تقود المنطقة وأن تفتح أبواباً أوسع للتطور نحو مستقبل أفضل.

*وفقاً للثورة التي عمت شمال وشرق سوريا هل استطاعت الدول أن  تُقيّم وتدرك المعنى الحقيقي لهذه الثورة على أرض الواقع كما هو؟

في هذه النقطة الأمر يبدو صعباً نوعاً ما دولياً، ومن جهة أخرى الإعلام الذي يأتي لرصد الحقائق لا يُركّز سوى على قضية واحدة دون الاهتمام بباقي القضايا الأخرى، ولهذا السبب فمن خلال زيارتي أحاول أن أتابع وأقيّم أبعاد هذه الثورة وآفاقها في مختلف المجالات، فلقد ركّز الإعلام الذي رصد هذه الثورة فقط على المرأة التي تحمل السلاح في وجه المرتزقة دون التطرق لنضال شعوب هذه المنطقة، ودون التطرق للخلفية السياسية لهذه الثورة، فلقد بقيت قراءتهم للثورة سطحية، فثورة روجافا استطاعت أن تحتل مكاناً مرموقاً في التاريخ من أوسع أبوابه، لهذا أعتقد أن قراءة هذه الثورة لم تصل إلى المستوى الذي يستطيع أن يلم بكافة جوانبها من حيث نظام الحكم والإدارة الذي قاد هذه الثورة وخاصة في هذه المرحلة بعد التحرر من داعش الذي أوقف مخاوف الدول من التنظيم الإرهابي، فليس هناك رغبة حقيقية للاطلاع على نظام حكم الإدارة الذاتية للمنطقة وكيف تُطبّق وماهيتها الحقيقية، أعتقد أنه من الضروري فهم هذه الثورة بكل معانيها لأنه في الوقت الذي كانت فيه وحدات حماية الشعب والمرأة وقسد يحررون المنطقة كان إلى جانب ذلك إدارة  فريدة من نوعها تدير المنطقة بكل تفاصيلها.

* وعن دور المرأة في هذه الثورة، هل استطاع الإعلام نقل حقيقة نضال المرأة أجابت الصحفية:

لقد تركز اهتمام الإعلام فقط على المرأة التي تحمل السلاح في وجه المرتزقة دون التطرق إلى التطور الإيديولوجي والفكري للمرأة (أذكر الفتاة الشهيدة من وحدات حماية المرأة تصدّرت عناوين صحف العالم كلها ولكن للأسف الشديد لم يتم إدراك ثورة المرأة الحقيقية بكل أطيافها).

إن ثورة المرأة في روجافا وقيادتها للمعارك الشرسة ضد الإرهاب أحدث قلقاً للأنظمة الرجعية التي ما زالت تعتبر المرأة كمربية للأطفال، و تهتم بالبيت و ما زالت تريد تقييد دور المرأة في هذا الإطار فنضال المرأة في المنطقة أثبت أنها لا تقل أهمية عن الرجل، ومن ناحية أخرى أرى أن نضال المرأة في روجافا استطاع أن يُولّد الثقة لدى النساء ويخلق إرادة قوية  في نفوس النساء في كل بقاع العالم، وفي الحقيقة هذا النضال أحدث تغييراً كبيراً في ذهني وأخبرت ذلك لصحفية من وكالة الفرات، والشيء المميز هنا هو روح التعاون والتضامن بين النساء، الأمر الذي نفتقده بين المجتمعات في العالم، وأستطيع أن أُضيف أنه في المجتمعات الغربية وفي الآونة الأخيرة  كانت هناك مساعٍ لتحرير المرأة جنسياً فلقد تركزت فقط في هذا الجانب وعلى العنف المُمارس ضد المرأة والتمييز الجنسي فكانت كلمة المرأة بحد ذاتها تعتبر تقليلاً من شأن الشخص إن أُطلق عليه أو إهانة له للأسف بدلاً من أن تكون ذات معنى أرقى وأسمى من ذلك .

*برأيك هل تدرك التنظيمات والحركات النسائية حول العالم مدى حقيقة ثورة ونضال المرأة هنا في المنطقة؟ هل هناك قراءة صحيحة لحقيقة ثورة المرأة هنا؟

باعتقادي نعم إنهم يفعلون ذلك، وهذا يوحي بالأمل من عدة جوانب، وأستطيع أن أقول أنه ما من امرأة أو هيئة أو حركة نسائية حول العالم تستطيع إنكار جوهر وحقيقة هذه الثورة النسائية في روجافا لأنهم توصلوا لمعنى هذه الثورة وأثّرت في نفوسهم كثيراً، لأنه بالرغم من تصدّر المرأة جبهات القتال والمعارك كان إلى جانب ذلك إدراك أن هذه الثورة يمكن أن تُطبّق في أماكن أخرى وليس فقط عسكرياً، بل في مجال العلاقة بين الرجل والمرأة ودور كل منهما في المجتمع، وكل هذه الإنجازات خرجت من رحم ثورة روجافا، وخاصة نضال المرأة الكردية الذي له تأثير عميق بكل صراحة على الحركات النسائية في العالم، ففي الحقيقة هذا النضال لم يبدأ من حرب كوباني بل هو نضال سابق للمرأة الكردية، لم ينطلق من روجافا فحسب بل تطور إلى أن بلغ هذا هذه المرحلة من النضال الثوري.

*لماذا لا تقوم الدول المعنية بإنهاء الصراع في سوريا بإيجاد حل سياسي وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا  رقم2245  الذي قرر أن الشعب السوري هو الذي يملك القرار في البلاد والعمل بشكل حاسم في القضاء على الإرهاب المُتمثل بجبهة النصرة و داعش ؟

أعتقد أن أحد الأسباب في هذا الخصوص هو الأزمة السياسية التي تعيشها الأمم المتحدة فما من دولة من دول الصراع التزمت بقرارات الأمم المتحدة وهذا يعود إلى عدم فعالية الأمم المتحدة رغم الجهود التي بذلتها منذ عام 2012 وهذا يعود إلى غياب الأطراف التي لها تأثير كبير بإيجاد حل مثل مناطق الإدارة الذاتية والكرد التي تم استبعادها من أستانا وباقي الاجتماعات الأخرى لذلك تعقّدت الأزمة السورية بسبب عدم إدراك حقيقة الأزمة وواقعها على الأرض وغياب الأطراف الفعّالة التي تملك الحل الناجع لإنهاء الصراع.

وعن التدخل التركي في الأزمة السورية ودعمها الصريح للإرهاب بمن فيهم جبهة النصرة وعدم محاربتها لهم كدولة في حلف الناتو أجابت الصحفية :

في الواقع تركيا لها علاقات مختلفة مع الدول العظمى في العالم كروسيا وأمريكا وألمانيا، الأمر الذي يتسبب بتناقضات دبلوماسية، وكمثال لاحظنا كيف أكّد جيمس جيفري استمرار دعم الولايات المتحدة لقوات قسد في مؤتمر صحفي، لكن هذا التصريح لم ينهِ الأطماع التركية في المنطقة. أما بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي فقد أدانت هذه الدول التصرفات والسلوك التركي في المنطقة، ولكن تركيا باستخدامها ورقة اللاجئين السوريين استطاعت الضغط عليهم وإثارة مخاوفهم بفتح حدودها أمام هؤلاء اللاجئين للذهاب إلى الدول الأوروبية الأمر الذي انعكس سياسياً على قرارات تلك الدول وعلى علاقتها بتركيا، لذلك يترددون في الضغط على الدولة التركية لتغيير سياستها في المنطقة.

*وفقاً للحقائق التي سردتها الصحفية هل يمكن التوصل لحل سياسي لهذه المنطقة بشكل عام؟

أجابت الصحفية أنه بعد مرور سبع سنوات على حرب دامية وما جلبته للمنطقة من دمار وقتل وتشرد للشعب فالحل السياسي هو الأنسب، ولكن في الواقع معظم الأطراف المشاركة في الصراع تدّعي التزامها بالحل السياسي أمام وسائل الإعلام والاجتماعات، وعلى أرض الواقع تشتد النزاعات المُسلّحة، الأمر الذي يُبعد الحل السياسي، ويتجه بالمنطقة نحو صراع دائم وخاصة في السنوات الثلاث الأخيرة، وخير مثال على ذلك غزو منطقة عفرين من قبل الدولة التركية فالجميع كان يدّعي بأنه ينشُد إحلال السلام في المنطقة، ولكن كيف سمحوا لتركيا بغزو منطقة عفرين؟

*إن أقدمت تركيا على غزو مناطق شمال وشرق سوريا فما تبعات هذا الغزو على المنطقة ؟

أجابت الصحفية أنه وبسبب وجود أطراف متعددة متداخلة في الصراع السوري ووجود عوامل كثيرة مؤثرة فيها فمن الصعب التكهن بنتائج هذا الغزو ولكن بالتأكيد سيجلب هذا الغزو نتائج كارثية على المنطقة، وسيؤدي بالمنطقة إلى صراع شامل، الأمر الذي سيُعقّد معاناة المدنيين وبالأخص شعوب مناطق شمال وشرق سوريا .

واختتمت الصحفية  والمخرجة الإيطالية  Benedetta حديثها بأنها تعمل الآن على نقل الصورة الحقيقية لثورة ونضال المرأة في روجافا بمختلف جوانبها، لأنه نضال يخص المرأة بشكل عام، وأنها عملت على إخراج فيلم عرض في مهرجان آماد للأفلام في باكور كردستان بعنوان " أنا الثورة" (I Am The Revolution) الذي تطرّقت فيه إلى حقيقة ثورة المرأة في روجافا التي أصبحت نموذجاً ومنبعاً للأمل لجميع نساء العالم وليس فقط في روجافا، وكان للفيلم وقعٌ كبير في نفوس النساء اللواتي أبدين إعجابهن بهذا النضال.

ANHA