متخصص في الشأن التركي: لا سبيل لحل الأزمة السورية دون حوار سوري

متخصص في الشأن التركي: لا سبيل لحل الأزمة السورية دون حوار سوري
24 كانون الثاني 2023   01:25

استبعد الباحث المتخصص في الشأن التركي، محمد أبو سبحة، انسحاباً تركيا من الأراضي السورية المحتلة في إطار مساعي التقارب الذي بدأته مع حكومة دمشق، مؤكداً أنه لا حل جذري للأزمة السورية إلا بحوار بين السوريين أنفسهم.

أوضح الباحث المختص في الشأن التركي، محمد أبو سبحة، أن هدف دولة الاحتلال التركي من التقارب مع حكومة دمشق برعاية روسية بعد 11 عاماً من العداء، واحتلال مساحات شاسعة من الأراضي السورية، وإدخال الآلاف من المرتزقة عبر حدودها إلى سوريا؛ للتخلص من أزمة اللاجئين السوريين قٌبيل الانتخابات.

وجاء حديث، محمد أبو سبحة خلال حوار، أجرته معه وكالتنا، وقال إن "التدخل التركي لم يفد الشعب السوري قط، بل تم فيه استغلال أزمة اللاجئين عدّة مرات؛ لابتزاز دول أوروبا بهم، واستغلال التنظيمات المرتزقة من أجل محاربة الكرد".

وفيما يلي نص الحوار:  

ما هي الأهداف التركية من التدخل في الشأن السوري؟

سياسة أردوغان تجاه سوريا نفعية بلا شك؛ وهي تهدف لإثبات حضور في الساحة الدولية من جهة، وتحقيق منافع سياسية داخلية من جهة أخرى.

أردوغان نجح من خلال تدخله في سوريا، أن يقول، إن تركيا موجودة على الساحة الدولية بجانب روسيا والتحالف الدولي، ولها الحق في الجلوس مع الكبار على طاولة المفاوضات، لكن بالنسبة للشعب السوري، فإن التدخل التركي لم يفد قضيتهم في شيء، بل تم استغلال أزمة اللاجئين عدّة مرات؛ لابتزاز الدول الأوروبية بهم، فيما تم استغلال التنظيمات المسلحة في محاربة الكرد، وأكبر دليل على أن أردوغان يبحث دائماً عن مصالح سياسية من وراء تحركاته، وسعيه الحثيث للتطبيع الآن مع دمشق في تحول رهيب من النقيض إلى النقيض، بينما، منذ البداية، يمكن لتركيا أن تلعب دوراً في احتواء الحرب الأهلية بدلاً من إشعالها من خلال استغلال العلاقات الدبلوماسية وعلاقة الصداقة التي جمعت بين الأسد وأردوغان.

 كيف تقيمون المواقف العربية تجاه التداخلات التركية في شؤون البلدان العربية؟

هناك موقف عربي شبه موحد رافض للتدخل التركي في سوريا وفي كافة الأراضي العربية، والجامعة العربية لديها لجنة وزارية مخصصة؛ لمتابعة التدخلات التركية في الأراضي العربية وخاصة في سوريا والعراق وعلى الرغم من عدم ترحيب العديد من الدول العربية باستعادة العلاقات الرسمية مع سوريا؛ بسبب النفوذ الإيراني من جهة، والموقف من الحرب الأهلية من جهة أخرى، إلا أن هناك شبه إجماع على رفض التدخل التركي في سوريا، فيما تتحفظ دول حليفة مثل قطر على إظهار هذا الموقف، ودول أخرى عربية حليفة غير مؤثرة، مثل جيبوتي والصومال، إلا أنه لا توجد دولة عربية واحدة تعلن موافقتها على التدخل التركي في سوريا أو في العراق أو ليبيا.

ومؤخراً صدر بيان سعودي مصري مشترك، يرفض أي عمل عسكري يستهدف سوريا، في إشارة غير مباشرة لـ تركيا التي عاودت التهديد؛ بتنفيذ عملية عسكرية في شرق سوريا.

مؤخراً عقد اجتماع ثلاثي بين وزراء الدفاع السوري والتركي والروسي، ما هي الأهداف التركية من هذا الاجتماعات؟

أردوغان يريد في المقام الأول التخلص من عبء اللاجئين السوريين في بلاده، وليس هناك حل جذري لهذه الأزمة سوى بعقد اتفاق مع الحكومة السورية، خصوصاً مع فشل الحصول على دعم أوروبي؛ لمخطط المنطقة الآمنة، حيث يريد الرئيس التركي أن يضمن عودتهم في إطار هدنة طويلة الأمد دون تعرضهم لما يجعله محط اتهام بالتضحية بهم، وهدف التخلص من اللاجئين مرتبط بالانتخابات التي ستشهدها تركيا خلال أشهر، حيث وعد أردوغان العام الماضي ناخبيه بإعادة مليون لاجئ سوري إلى بلادهم، وهذه القضية أثارتها المعارضة كثيراً في السنوات الأخيرة وكانت ضمن أجندة عدد من قادة الأحزاب، فقرر أردوغان أن يحولها لمكسب انتخابي خاص به، أي أنه كما وصفه محبوه في السابق بأكبر زعيم يستقبل اللاجئين في بلاده، سيصبح الآن هو أيضاً من يخلص تركيا من عبء اللاجئين.

وبالنسبة للجماعات المتطرفة في سوريا، استطاع أردوغان أن يطوعها لخدمته في محاربة الكرد بدلاً من النظام، لقاء إغراءات مالية بعد أن تخلى عنهم الداعمين القدامى، وفي مقابل ذلك انحسرت بشكل حاد المساحات التي تحت أيديها، على عكس السابق، وبالتالي سيقنعها أردوغان اليوم بالتكيف مع الواقع الجديد الذي سيرسمه لها، فهو يظل الداعم الوحيد لهذه الجماعات، ويمكن أن ينقلها للعمل في أي ميدان آخر، كما حدث في ليبيا وكاراباخ، لذلك لن تطالها البطالة.

هل يمكن أن تنسحب تركيا من الأراضي السورية المحتلة؟

مع تطور عملية التطبيع، بالتأكيد سينخفض الوجود العسكري التركي تدريجياً في الشمال السوري لكنه لن ينتهي تماماً، ستكون هناك تفاهمات بين الطرفين سواء أعلنتها دمشق على الفور أم لم تعلن عنها على غرار ما أسفرت عنه تفاهمات أستانا من إنشاء نقاط مراقبة تركية، كذلك ستتذرع تركيا باتفاقية أضنة لإثبات أحقيتها في الحفاظ على أمن حدودها، وفي الغالب سيكون هناك اتفاق أمني برعاية روسية يضمن وجوداً أمنياً تركياً لفترة زمنية طويلة داخل حدود سوريا.

وفيما يخص أهمية حلب لتركيا باعتبارها عاصمة تجارية ويجب احتلالها، فجميعها اجتهادات وتحليلات سياسية ليست صائبة ولا خاطئة بالضرورة، لكن ما يمكن أن أقوله في هذه الجزئية، هو أن إتمام المصالحة التركية السورية سيتبعه استعادة جزئية للنشاط التجاري بين البلدين وبالأخص في الشمال السوري، بما يمنح تركيا فرص رسمية وشرعية، للنفوذ إلى السوق السوري المتعطش للسلع المستوردة، دون الحاجة للسيطرة على حلب أو غيرها.

في سياق متصل، أكدت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أن حل الأزمة السورية؛ يكمن في الحوار الوطني الشامل، ودعت حكومة دمشق لفتح باب الحوار، وأن الدولة التركية دولة محتلة ولا يمكن التفاوض معها، كيف تقيمون تصريحات الإدارة الذاتية؟

بلا شك، لا سبيل لحل الأزمة السورية بشكل جذري دون حوار سوري- سوري، لكن التطورات الأخيرة تنعكس سلباً على الإدارة الذاتية، إذ أن أردوغان يقدم نفسه، الآن كمساهم في استعادة الحكومة السورية سيطرتها على شرق سوريا، بعد أن كان ينظر إليه كطامع في ثروات المنطقة، فمنذ أن بدأ الجيش التركي عملياته العسكرية في المنطقة؛ بهدف القضاء على الوجود الكردي الذي هو مكون أصيل من الشعب السوري، كان من الملاحظ تراجع فرص الحوار شيئاً فشيئاً بين الإدارة الذاتية ودمشق، التي انصرفت نحو مواجهة التهديد التركي الذي كان يسعى لفرض وجوده في شرق وشمال سوريا.

كما أن سعي تركيا للتطبيع مع بشار الأسد في الوقت الذي تخشى فيه دول عربية، استعادة علاقاتها مع سوريا؛ بسبب موقفها من الحرب الأهلية من جهة وموقفها من النفوذ الإيراني من جهة أخرى، يجعل دمشق ترحب بأي اعتراف دولي أو تقارب حتى وإن كان من عدوها اللدود.

وفيما يخص الإدارة الذاتية، أنا أؤكد على أهمية وأحقية أن يكون للكرد وجود ثابت في أي تفاوض سوري مع تركيا، باعتبار الكرد مكون أصيل للشعب السوري، وعانى كما عانى السوريون جميعاً من ويلات الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد، وكان لهم دور بارز في التصدي؛ لتنظيم داعش.

(ك)

ANHA