آلدار خليل: لأجل حل الأزمة السورية يجب الاعتراف بالإدارة الذاتية
"الدولة التركية تهدد المنطقة. الدفاع عن المنطقة وحمايتها لم تعد مسؤولية شعوب المنطقة فقط، بل هي مسؤولية جميع شعوب العالم".
نظراً لعدم حصول إدارة مناطق شمال وشرق سوريا على الاعتراف الرسمي، تواصل الدولة التركية بشكل يومي تهديداتها بالهجوم على المنطقة. ورغم جميع اللقاءات والمباحثات مع مختلف الحكومات والقوى العالمية، خاصة بعد هزيمة داعش، إلا أن تلك الدول والأطراف لم تبادر إلى الاعتراف بشكل رسمي بإدارة شمال وشرق سوريا.
فماهي الأسباب التي تقف وراء إحجام القوى الدولية عن الاعتراف بمناطق شمال وشرق سوريا؟ ما هي الخطوات اللازمة لأجل حل الأزمة السورية؟ وهل للتهديدات التركية أية علاقة أو رابط بين عدم الاعتراف الرسمي بإدارة المنطقة؟
جملة هذه الأسئلة طرحناها على عضو الهيئة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي آلدار خليل:
- تُصعّد الدولة التركية من تهديداتها باحتلال مناطق شمال وشرق سوريا، فما هي أهدف الدولة التركية من وراء هذه التهديدات.
الدولة التركية تُناهض وتُعارض منذ البداية تعزيز وترسيخ نظام الأمة الديمقراطية. ولذلك ناصبتنا العداء وتُحاربنا منذ بداية الثورة على مختلف الصُعُد الإعلامية والدبلوماسية والتنظيمية والاقتصادية والعسكرية وغيرها.
بعد هزيمة داعش، تتجه المنطقة نحو تعزيز نظامها الإداري، وهذا النظام موجود أصلاً على أرض الواقع. وتتجه هذه الإدارة أو يتجه هذا الواقع نحو الاعتراف الرسمي على الصعيد الدولي. والدولة التركية لا تتحمل هذا الأمر، وقالوها صراحة "في جنوب كردستان، لم نتخذ الإجراء المناسب في وقته، والآن تحولوا إلى بلاء فوق رؤوسنا، وتم تأسيس كردستان هناك. ولكن علينا الآن أن نتدخل في شمال وشرق سوريا". ورغم أن ظروفنا مختلفة عن ظروف جنوب كردستان، إلا أنهم يتحدثون بهذه الطريقة.
نحن لا نسعى إلى تقسيم سوريا، ولم نقل أبداً أن الإدارة التي ننوي تشكيلها تخص الكرد فقط. ومع ذلك فإن الدولة التركية لا تقبل بها. الأمر المثير، هو أنه بعد هزيمة داعش، رأت الدولة التركية كيف تتطور علاقاتنا على المستوى الدولي، وتتزايد زيارة الوفود الدولية إلى مناطقنا، وتطوّرت النقاشات والمباحثات حول موضوع تشكيل محكمة دولية لمحاكمة داعش، وأن بعض الأطراف تُجري مباحثات رسمية مع إدارة المنطقة، كل هذه الأمور أثارت حفيظة أردوغان وبدأ بتصعيد وتيرة تهديداته.
’ستسعى الدول إلى إبرام الصفقات بخصوص المنطقة‘
تهديات أردوغان جدية، ولا يُستبعد أن تكون الدولة التركية تفاهمت واتفقت مع النظام السوري، بأن تسمح دمشق وروسيا لتركيا بالهجوم على شمال وشرق سوريا، وقد تعمل الدولة التركية على تصعيد الحرب في إدلب.
النظام السوري وروسيا لم يُحرزا أي تقدم في إدلب، والسبب في ذلك يعود إلى الدعم الذي تقدمه تركيا لمجموعات المرتزقة الموجودة في إدلب. فإذا تراجع أردوغان خطوة واحدة وتنازل عن بعض الأمور بشأن إدلب، فربما سيلتزمون الصمت إزاء أي هجوم تركي.
فتلك المنطقة ليست تحت سيطرة النظام، بل هي تحت سيطرة روسيا، ولذلك هناك مساعٍ لإبرام صفقات معينة حول المنطقة.
أما مناطقنا التي حررناها من احتلال داعش، بدماء الشهداء، تتعرض اليوم لتهديدات متواصلة من أردوغان. وعليه فإن الدفاع عن المنطقة وحمايتها لم تعُد مسؤولية شعوب المنطقة فقط، بل هي مسؤولية جميع شعوب العالم. يجب على الجميع أن يتخذ موقفاً صارماً، ويُعبّروا عن رفضهم لاحتلال المنطقة التي تم تحريرها من أيدي داعش.
ما هي العوائق التي تحول دون الاعتراف الرسمي بإدارة المنطقة؟
العائق الأكبر هو تهديدات الدولة التركية. كما لا يوجد أي تفاهم أو اتفاق مع النظام حول النظام الإداري في المنطقة. ولأجل الحصول على شرعية مناطقنا يجب علينا أيضاً إقناع النظام وتوقيع بعض الوثائق بيننا. كما أن القوى الفاعلة في سوريا هي أيضاً لم تعترف بالنظام الإداري في المنطقة. نحن نبذل المزيد من الجهود والمساعي من أجل الحصول على الاعتراف الرسمي بمناطقنا. الشعب يساند النظام الإداري في المنطقة بشكل واسع، ويجب على الشعب السوري أيضاً مساندة هذه الإدارة، مساعينا متواصلة. هناك مساعي للتوصل إلى اتفاق مع النظام السوري ومع القوى الخارجية، ولكن هناك عوائق تتمثل بالتهديدات والهجمات، هذه التهديدات والاعتداءات تؤثر على مساعينا.
ما هي تداعيات حصول المنطقة على الاعتراف الرسمي؟
الاعتراف الرسمي سيكون له العديد من النتائج الإيجابية على المنطقة، فإذا تم الاعتراف الرسمي بالنظام الإداري في المنطقة، فهذا يعني قبول النظام الديمقراطي وأخوة الشعوب والتعايش المشترك، وقطع الطريق أمام احتمال حدوث حرب ضد المنطقة. الاعتراف الرسمي يعني ضمان وقبول الحقوق المشروعة للشعب الكردي وجميع مكوّنات المنطقة. مما سيُشكّل قاعدة صلبة لأجل بناء سوريا ديمقراطية مستقبلاً. يجب أن يكون معلوماً إن هذا سيؤدي إلى بناء النظام الديمقراطي في الشرق الأوسط. ومشروع الأمة الديمقراطية سيُصبح مشروع جميع الشعوب والبلدان. الاعتراف الرسمي بإدارة المنطقة يعني الاعتراف بالمكاسب التي تحققت. ولن تتمكن الدولة التركية وقتها من تهديد المنطقة والاعتداء عليها بسهولة.
كيف سيؤثر الاعتراف الرسمي بالإدارة الذاتية على النظام السوري والأزمات التي تعانيها المنطقة؟
مما لا شك فيه أن الاعتراف الرسمي بالنظام الإداري في المنطقة سيُؤثر بشكل إيجابي على حل الأزمة السورية. فإن لم يحدث توافق وتفاهم لن تتشكل حالة ديمقراطية. فهناك حصار دولي على سوريا، وهناك قرارات دولية تمنع التعامل مع سوريا. ورغم أن لمناطقتنا خصوصيات معينة إلا أننا لا نستطيع الفصل والنأي بمناطقنا عن مجمل الأوضاع العامة في سوريا. فإذا حدث اتفاق سوري وتم إنجاز دستور سوري فإن ذلك سيؤثر على مناطقنا أيضاً.
ما هو المطلوب لإنجاز ذلك؟
,الخطر يهدد المنطقة بشكل عام‘
الأمر الأهم هو تنظيم شعوب المنطقة على مبادئ وأسس "الشعب الثوري"، فلولا تنظيم الشعب لما حدثت مقاومة كوباني، ولما تمكنا من فتح ممر إنساني في شنكال ولا كانت هناك مقاومة في عفرين. فلولا تحرير الرقة ودير الزور وباقي المناطق لما تمكّنا من عقد وإجراء أي علاقات مع القوى والدول العالمية. فشعبنا هو صاحب الدور الرئيسي في تحقيق الاعتراف الرسمي بالإدارة والدفاع عن المكتسبات. فمع تعزيز تنظيمنا سنتمكن من الحصول على الاعتراف الرسمي بإدارتنا. ولأجل أن نتمكن من حماية المكتسبات لا بد من التفاف الجماهير حول هذه المكتسبات. الخطر يهدد المنطقة بشكل عام.
مع بداية تأسيس الجمهورية التركية، وخاصة في الفترة بين أعوام 1924- 1937 برزت نقاشات حول منح الشعب الكردي حقوقه على شكل مناطق ذات إدارة ذاتية. وفي تلك الفترة أيضاً رفضت الدولة لتركية هذه الحقوق. فهل كان الشعب الكردي يحارب تركيا في تلك الفترة؟ وهل كانت توجد تنظيمات كالتي تتحدث عنها الدولة التركية الآن؟. لم يكن هناك شيء من هذا القبيل. الدولة التركية تأسست على إبادة الشعب الكردي، وهي الآن تعتبر إبادة الكرد مقياس وضمان بقائها.
أجريتم العديد من الزيارات واللقاءات مع العديد من الأطراف الدولية، ولكن حتى الآن لم يتم خطو أي خطوة نحو الاعتراف بالإدارة الذاتية. لما لا يتم الاعتراف بالإدارة؟
الدول التي لا ترغب بالاعتراف بالإدارة الذاتية لديها حسابات مختلفة، فهي تنظر إلى الدولة السورية بنفس منظورها قبل الثورة، هذه الدول تعتقد أن التغيير في سوريا مرتبط بتغيير رئيس النظام السوري. هذه الدول لا تتبنى مشاريع ديمقراطية. نحن فقط من قدمنا وطرحنا المشروع الديمقراطي، حتى أن المعارضة السورية ترفض المشروع الديمقراطي، هم يعتمدون بشكل أساسي على مشاريع سلطوية، كما أن هناك العديد من الدول التي لا ترغب للإدارة أن تتطور، لأن تطورها يعني أنها ستتحول إلى نموذج على مستوى الشرق الأوسط بشكل عام.
’يجب أن يُشارك أصحاب المشروع الديمقراطي في مساعي حل الأزمة السورية‘
مفتاح حل الأزمة السورية يكمن في قبول مشروع الأمة الديمقراطية، ولأجل حل الأزمة السورية وإعداد دستور جديد لسوريا يجب أن يشارك أصحاب المشروع الديمقراطي في العملية السياسية، فإذا تمكّنا من المشاركة في العملية السياسية فإننا سوف نتمكن وقتها من بناء سوريا ديمقراطية.
ANHA