حسن كوجر يحذر من تجاهل المكونات السورية في العملية السياسية وقرارات سلطات دمشق الأخيرة
وصف حسن كوجر، القرارات الأخيرة الصادرة عن سلطة دمشق، بأنها خطوة غير شرعية تتعارض مع الأسس الديمقراطية وحقوق جميع المكونات السورية، وأكد أن أي عملية سياسية مستقبلية يجب أن تشمل جميع المكونات السورية، وليس المجموعات المسلحة فقط، محذراً من تداعيات الإقصاء وقال بأنها قد تفتح الباب أمام إمكانية تصاعد الحراك الشعبي المناهض لسلطة دمشق.

لفت نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، حسن كوجر إلى النهج الحواري للإدارة الذاتية ولكنه قال بأنها لن تقبل بأي تسوية تُفرض بالقوة أو تهمّش حقوق شعوبها.
كما حذّر كوجر من استغلال الاحتلال التركي للفوضى السياسية في سوريا وإحياء مشروعه.
ودعا كوجر سلطة دمشق إلى تبيان موقفها من هجمات الاحتلال على شمال وشرق سوريا.
في خطوة مفاجئة وصادمة في الثلاثين من كانون الثاني الفائت، جرى تنصيب أبو محمد الجولاني رئيساً لسوريا خلال ما يسمى "مؤتمر النصر"، وسط حضور محدود اقتصر على متزعمي "هيئة تحرير الشام" ومتزعمي مجموعات مرتزقة تابعة للاحتلال التركي تلطخت أياديهم بدماء السوريين.
هذه الخطوة، التي تتعارض مع مطالب السوريين والمجتمع الدولي على حد سواء بضرورة إشراك جميع المكونات في العملية السياسية، تفتح باب التساؤلات حول تداعياتها على مستقبل البلاد. وكيف ستؤثر على المشهد السياسي؟ وما انعكاساتها على العلاقة بين الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا والسلطة الجديدة في دمشق؟
أسئلة عديدة طرحتها وكالتنا على نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، حسن كوجر، خلال حوار موسع، حيث تناول أبرز المستجدات والتحديات التي تواجه مستقبل سوريا بعد هذا الإعلان المثير للجدل.
ونص الحوار كالتالي:
* أنتم تتابعون الأحداث في سوريا عن كثب، بما فيها ما يسمى "مؤتمر النصر"، قبل الإعلان عن هذا المؤتمر، كان هناك حديث عن ضرورة إشراك جميع مكونات الشعب السوري والأطياف السياسية في العملية السياسية التي أعقبت سقوط النظام السوري السابق، بعد كل هذا الحديث هناك خطوة كانت متناقضة مع التصريحات التي صدرت من "هيئة تحرير الشام" والمطالب الدولية، أنتم في الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا كيف تفسرون هذه الخطوة؟
أولاً كان الأساس هو عقد مؤتمر الحوار الوطني، ولكن تفاجأنا باجتماع عسكري وقياديين من الفصائل المسلحة وكانت أيدي الكثير منهم ملطخة بدماء السوريين، في هذا الاجتماع تم إعلان أحمد الشرع كرئيس للجمهورية السورية، هذا أيضاً مناقض للحقوق والقوانين الدولية. الحكومات الانتقالية تأتي ضمن سياق مؤتمرات الحوار الوطني لبناء حكومة مؤقتة وإشراك جميع المكونات والثقافات والكتل والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية لبناء حكومة انتقالية من جهة وبناء لجنة لصياغة الدستور أيضاً، ولكن تفاجأنا بهذا الموضوع، فقط القياديون في الفصائل المسلحة كانوا موجودين في هذا الاجتماع، والإقرار عن طريق فئة عسكرية فقط، مناقض للحقوق والقوانين الدولية.
الثورة ليست ثورة عسكرة، الثورة التي بدأت بها المكونات السورية عام 2011 كان هدفها الوصول إلى الحرية ونظام ديمقراطي وإشراك جميع المكونات فيه، ولكن هذه الخطوة كانت خطوة خاطئة، وينقصها انضمام جميع المكونات للاجتماع، وخاصة الحركات النسوية لم تكن موجودة، وكذلك الشبيبة، وهذا كله مناقض للحالة الاجتماعية الموجودة في سوريا، لذلك كان هذا الاجتماع أحادي الجانب من قبل الفصائل المسلحة، زد على ذلك أنه كان هناك بين المجتمعين من تلطخت أياديهم بدماء السوريين وخاصة "أبو عمشة" و"حاتم أبو شقرا" الذي اغتال هفرين خلف الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل. هذه خيانة للتطلعات، وطعنة بحق شعوب إقليم شمال وشرق سوريا في الدرجة الأولى، وعار على أي إنسان حر وديمقراطي. بمعنى أن عقد هذا الاجتماع منافٍ لكل القوانين والحقوق والتعاريف السياسية. إن عقد أي مؤتمر حوار وطني دون مكونات شمال وشرق سوريا والعلويين والدروز والمسيحيين وكل المكونات والأديان، حينها ستتجه سوريا نحو عدمية الحل وتعميق الأزمة، لذلك على الجميع أن يعلم ويعي ذلك، وهذا مهم لمستقبل سوريا. مستقبل سوريا يجب أن يكون ضمن آمال الشعب السوري الذي قام بالثورة عام 2011.
انتهينا من نظام ديكتاتوري طاغٍ. فرح الشعب السوري بسقوط هذا النظام، ولكن تفاجأنا بانعقاد هذا الاجتماع. كانت التصريحات السابقة تقول إن هناك حواراً وطنياً سوف ينعقد، وقلنا إنه يجب أن تنضم إليه جميع المكونات والأطياف السورية للوصول إلى حكومة انتقالية. ولذا نحن في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا نقول بأن عدم مشاركتنا في هذا الاجتماع، يعني أن هذه الحكومة هي حكومة أحادية الجانب وليست لكل السوريين ومكوناتها.
* هل سيكون هناك تغيّر في تعاطي الإدارة الذاتية مع "هيئة تحرير الشام"، كنتم قد طرحتم مبادرة بعد سقوط النظام، كان هناك تواصل بين قيادات قوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام قُبيل المؤتمر، ولكن بعد هذا "المؤتمر"، هل سيكون هناك تغيّر في تعاطي الإدارة الذاتية مع الواقع الجديد في دمشق؟
لا، هدفنا الأساسي هو التعاطي مع الحكومة الجديدة، ولكن يجب على سلطة دمشق ألا تقوم بتهميش مناطق شمال وشرق سوريا مثل نظام البعث، إذا كانوا يقولون بأنهم سوف يعقدون مؤتمر حوار وطني فإننا يجب أن ننضم إلى هذا المؤتمر، يجب أن تنضم إليه جميع المكونات الموجودة في سوريا.
قدمت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا مبادرة سابقاً، هدفنا هو وحدة الأراضي السورية والوصول إلى نظام لا مركزي وديمقراطي مستند إلى دستور ديمقراطي. هذا هدفنا الأساسي وسيكون النقاش مع سلطة دمشق في هذا الاتجاه.
* قبل هذا المؤتمر، وبعد سقوط النظام مباشرة كانت هناك مواقف دولية تدعو لإشراك كافة المكونات في عملية انتقال سياسي شاملة في سوريا، بالطبع هناك القرار الأممي 2254 الذي ينص على وجود عملية انتقالية مدتها 18 شهراً، لكن بعد ما يسمى "مؤتمر النصر" رغم أن هذا الإجراء يتعارض مع القرار الأممي، لم نسمع أي رفض أو أي مواقف من القوى الدولية الفاعلة في سوريا، كيف تفسرون هذا الصمت؟
نحن في الإدارة الذاتية، قلنا سابقاً إننا ملتزمون بهذا القرار وذكرنا ذلك في العديد من المناسبات. إن موضوع الانتقال السياسي بهذا الشكل سيضر الشعب السوري بشكل عام. بالفعل هناك ردود فعل الآن من قبل الدروز والعلويين وبعض الشخصيات الوطنية وحتى من قبل الأحزاب السياسية. لا نقبل بهذه الحكومة على هذا النحو. هذه السلطة إن تقربت بهذا الشكل من المكونات فسيؤدي ذلك إلى ردود أفعال قوية، لذلك على سلطة دمشق العمل على عقد مؤتمر وطني عاجل بانضمام جميع المكونات وهذا هو هدفنا الأساسي.
بالنسبة للمواقف الدولية، الكثير من الفصائل الموجودة التي شاركت في الاجتماع مدرجة على "لائحة الإرهاب" لدى المجتمع الدولي ولم تتم إزالتها حتى الآن. يجب على الدول المعنية بالملف السوري وخاصة الدول العربية والأوربية أن تتعاطى على أن يكون هناك انتقال سياسي، انتقال يحدده الشعب السوري بكل مكوناته، وكل ما غير ذلك سيضر بانتقال البلاد والحل.
يجب أن يكون هناك انتقال سياسي شامل يضم جميع المكونات والأطياف والأديان والثقافات وحتى الشخصيات الوطنية الموجودة في سوريا، لذلك على الدول الكبرى وتلك المعنية بالملف السوري الانتباه لإرادة الشعب السوري وترك الانتقال لتلك الإرادة، وكما لاحظنا إرادته كانت غائبة كلياً في هذا الاجتماع. كل الدول تقول إن الشعب السوري يجب أن يقرر ولكن الشعب السوري لم يقرر في هذا الاجتماع لحكومته الانتقالية. بعض الفصائل اجتمعت وأقرت هذا القرار. إذن هذا خاطئ ومنقوص. يجب على الدول الانتباه إلى موضوع عدم إشراك جميع الشعب السوري في صنع هذا القرار.
* السويداء أعلنت صراحة رفضها لهذا الإجراء، وهناك مبادرة تدعو لإطلاق الحريات العامة في سوريا، والعريضة التي دعت إلى إطلاق الحريات كانت مؤلفة من 65 شخصية من فنانين ومخرجين ومثقفين وكتّاب، برأيكم إذا أصرت "هيئة تحرير الشام"، والسلطة الجديدة في دمشق على هذا الموقف وواصلت على هذا المنوال، هل تتوقعون تصاعد ردود الفعل ضد هذا الإجراء؟
طبعاً، هذا سيؤدي إلى بناء ردود أفعال مناهضة قوية وبشكل تدريجي ستتصاعد، لأن الشعب السوري لديه أمل في بناء سوريا الجديدة، ويجب أن تكون إرادة الشعب السوري هي الركيزة. بناء مجلس الشعب وحكومة انتقالية تستطيع إدارة البلد وبناء دستور ديمقراطي، هذا هو أمل الشعب السوري بشكل عام، وليس أمل شعب شمال وشرق سوريا فقط. إن تهميش هذه المكونات في هذه الاجتماعات سيؤدي إلى ردود أفعال قوية لأن آمال هذا الشعب هي الوصول إلى حياة حرة وإلى نظام لا مركزي ديمقراطي وتعددي، لأن الشعب السوري الموجود على الأراضي السورية فسيفسائي من جميع الثقافات والأديان، فلذلك انضمامهم إلى هذا الاجتماع مهم للغاية، إذا لم ينضموا إلى الاجتماعات المقبلة سيؤدي ذلك إلى ردود فعل أقوى لأن الشعب السوري لم يقبل بنظام بشار الأسد الديكتاتوري وقرارته قبل الآن.
* هل يمكن أن نعود لحالة مشابهة لحالة الحراك السوري عام 2011؟
الحركات السياسية الدرزية أوضحت هذه الفكرة بشكل واضح، قالت إن "الحراك الثوري موجود، إذا لم نصل إلى أهدفنا فإننا لن نقبل بهذه الأنظمة ولن نقبل بهذا النظام"، فلذلك جميع الشعوب الموجودة في شمال وشرق سوريا وحتى الموجودة في الداخل السوري أيضاً آمالها الكبيرة هي الوصول إلى نظام ديمقراطي، وإذا لم تصل إلى نظام ديمقراطي، فالثورة مستمرة، وستكون ضد هذا النظام. يجب على سلطة دمشق أن تعمل مع جميع المكونات تجنباً لأي صراعات وردود فعل مناهضة.
* يعني الإصرار على مخرجات ما يسمى "مؤتمر النصر" يمكن أن يعيد الأزمة السورية إلى المربع الأول؟
إذا قاموا بتهميش شمال وشرق سوريا والعلويين والدروز سيؤدي ذلك إلى بناء حالة اجتماعية وردود أفعال اجتماعية قوية جداً، هذا واضح، نحن بدأنا بالثورة للخلاص من الديكتاتورية والطاغية والنظام المركزي الذي سيطر خمسين عاماً وقام بتهميش جميع المكونات الموجودة ضمن النسيج الاجتماعي في سوريا، لكن الآن إذا لم تقبل السلطة الجديدة بهذه المكونات فإننا سنعود إلى المربع الأول، وسيؤدي ذلك إلى صراعات داخلية.
هناك الكثير من الفصائل المسلحة الموجودة في مناطق الداخل السوري تعمل على تأجيج الطائفية، مثلاً المسيرة التي ظهرت في ساحة الأمويين ضد شمال وشرق سوريا وضد قسد، هذا يدل على حقيقة واحدة وهي تأجيج الصراعات بين الشعوب، ولن نقبل بهذه الصراعات ولن نقبل بهذا التأجيج.
قلنا في بداية الثورة نحن مع وحدة الأراضي السورية وتوحيد النسيج الاجتماعي بين المكونات ونقولها مرة أخرى، والمظاهرة في ساحة الأمويين دليل على أنهم يريدون تأجيج الصراعات، وهنا تتحمل سلطة دمشق مسؤولية ذلك لسماحها بهذا النوع من المظاهرات، لأن هذه المظاهرة دليل على محاولة تشكيل الكراهية والحقد بين الشعوب الموجودة في سوريا، يعني الهجوم على قسد وكأن قسد غير وطنية وبأنهم وحدهم هم الوطنيون.
إن الذي حافظ على وحدة الأراضي السورية والنسيج الاجتماعي بين جميع المكونات من العرب والسريان والتركمان والأرمن والكرد هي قسد والإدارة الذاتية، ونحن نعيش هذه الحقيقة منذ 13 عاماً، أين كنتم من هذه الحقيقة، الكثير من الفصائل التي شاركت في هذا الاجتماع حاربت الشعب السوري وقتلت الشعب السوري، ليس هذا فقط بل أرسلوا مسلحيهم إلى ليبيا وقتلوا الليبيين وقتلوا الكثير من الناس، قاموا بارتكاب المجازر بحق الشعب وأحدثوا تغييرات ديمغرافية في عفرين وتل أبيض ورأس العين، ويقتلون الناس حتى الآن.
مقياس الوطنية يقاس بهذا الاتجاه، لذلك نحن لا نقبل بهذه الكراهية، وخلق الحقد والكراهية بين الناس. تتحمل مسؤولية ذلك سلطة دمشق، ويجب أن تمنع هذه المظاهرات، لأن هناك بعض الفصائل التي تقوم بتأجيج هذه المظاهرات من أجل خلق صراع بين الكرد والعرب والسريان، وبين المسيحيين والمسلمين.
* لكي تجنبوا سوريا كوارث العودة إلى المربع الأول، أنتم في الإدارة الذاتية على صعيد شمال وشرق سوريا وعلى صعيد الداخل السوري وعلى الصعيد الدولي ماذا ستكون خطواتكم المقبلة؟
هدفنا الأساسي وخطوتنا الأساسية هي التعاطي مع جميع الأمور بالحوار، وتجنب الدخول في صراعات عسكرية، لأنها ستعيد سوريا إلى المربع الأول، لذلك يجب على كل الأطراف تجنب التصعيد العسكري، ويجب أن تتوقف الهجمات التركية.
ولذلك؛ يتوجب على سلطة دمشق في مواجهة الهجمات على مناطق شمال وشرق سوريا، أن تتبنى موقفاً واضحاً لأن الدولة التركية تهاجم علانية بطائراتها، وكذلك تقوم بجمع بقايا داعش في تل أبيض وسد تشرين للهجوم على شمال وشرق سوريا.
كما أن مسؤولية القوى الدولية وكذلك مسؤولية سلطة دمشق، هي منع الاعتداءات على الأراضي السورية، لأن لذلك تداعيات خطيرة ليست فقط على الشعب السوري إنما على المجتمع الدولي بأسره، نظراً للمخططات التركية الرامية إلى إحياء داعش، لذا من مسؤوليتهم التدخل وإيقاف الهجمات وتبيان موقفهم. حتى إنه يتوجب على الجانبين تحمل مسؤوليته في منع تحكم تركيا بالقرار السياسي في سوريا.
نحن منذ بداية الثورة وحتى الآن حافظنا على وحدة الأراضي السورية، وهذا ما تمليه علينا وطنيتنا، على عكس أولئك الذين ارتهنوا لتركيا مقابل حفنة من الدولارات. هم يزعمون ويدعون بأن الإدارة الذاتية انفصالية، ويقولون ذلك في الإعلام، يريدون خلق حرب بين "هيئة تحرير الشام" وشعوب شمال وشرق سوريا.
نحن في مناطق شمال وشرق سوريا بعربها وكردها وسريانها سنحاور معاً سلطة دمشق حول وضع هذه المناطق بشكل واضح، أما ما يروج عن الانفصال وغيره، فهو ليس إلا تحريضاً من قبل وسائل الحرب الخاصة التي تديرها الدولة التركية من أجل خلق صراعات بين الكرد والعرب والسريان، وللتحكم بالمنطقة.
إن مناطق شمال وشرق سوريا مع وحدة وسيادة الأراضي السورية ولكن ضمن قوانين ودستور يضمن ويحافظ على حقوق جميع المكونات ويحافظ على حرية المرأة وانضمام الشبيبة إلى هذه الإدارة، هذا هو موقفنا وسوف نتباحث هذا الموضوع في المرحلة المقبلة مع سلطة دمشق.
(أم)
ANHA