من الشهيدة زيلان إلى روكن وسارا.. نهج الفدائية يتواصل ضد الذهنية الفاشية

تنتهج النساء الكرديات نهجاً عميقاً من النضال نحو الحرية ضد الذهنية الاحتلالية والشوفينية، برفضهن العيش ضمن حياة بلا معنى على أرض قابعة تحت نير الاحتلال، حتى حولت الكثيرات منهن أجسادهن إلى منهل للحرية، إذ تقول النساء في روج آفا إن الشهيدات الفدائيات أمثال زيلان (زينب كناجي) وآرين وروكن وسارا سيكن مفتاح حرية شعب كردستان.

من الشهيدة زيلان إلى روكن وسارا.. نهج الفدائية يتواصل ضد الذهنية الفاشية
5 تشرين الأول 2022   21:42
قامشلو- سولين أحمي

على قمم جبال كردستان وفي ساحات معارك الحرية والنضال، سطرت النساء الكرديات ملاحم بطولية من المقاومة والفداء التي غيّرت من معادلة الحياة في شخص المرأة التي تعرضت للقمع والإبادة التاريخية، وبدأت بكتابة تاريخها من جديد بعملياتها الفدائية في وجه الذهنية الاحتلالية والشوفينية.

التاريخ النضالي للمرأة الكردية الذي لم يكتب إلا ما بعد تأسيس جمعية التعالي للمرأة الكردية عام 1919، والجمعيات النسائية الديمقراطية الثورية عام 1970، منح العديد من النساء الكرديات اللواتي جعلن من أرض كردستان ساحة لانطلاق شعار تحقيق حرية المرأة في العالم.

شهدت كردستان عبر التاريخ ملاحماً وقصصاً فدائية عظيمة للمرأة الكردية، ابتداءً من بسي التي انضمت إلى انتفاضة آكري عام 1927، ونفذت عملية فدائية بالقفز في الوادي رافضة أن تقع أسيرة بيد العدو، وصولاً إلى العملية الفدائية للشهيدة زيلان (زينب كناجي) في عام 1996، إلى روكن وسارا في عام 2022.

غيّرن معادلة الحياة

https://www.hawarnews.com/ar/uploads/files/2022/10/05/180038_hnyfh-mhmd.jpg

هذا التاريخ الحافل بالتضحية أثر بعمق في جميع النساء ومن مختلف المكونات في شمال وشرق سوريا. تقول الإدارية في لجنة العدالة بمؤتمر ستار في مقاطعة قامشلو، حنيفة محمد، أنه على الرغم مما فرضته الذهنية الذكورية على المرأة منذ 5000 سنة، إلا أنها لم تتخلَّ عن مبادئها وحقيقتها حتى وإن رضخت مرات لهذه الذهنية نتيجة القمع والاضطهاد الذي مورس بحقها، فمع بزوغ فكر القائد أوجلان وتعرفها عن قرب على فكره وفلسفته وطرحه لنظرية تحرر المرأة دبَّت فيها روح المقاومة من جديد، وتمكنت من كسر جدار الخوف حتى أصبحت رائدة لثورة الحرية بدءاً من المناضلة ساكينة جانسز وصولاً إلى الشهيدات زيلان وفيان وبيريتان.

الشهيدة زيلان (زينب كناجي) تحولت إلى منهل للحرية ومنبر للبطولة، بعمليتها الفدائية التي زرعت الرعب والخوف في قلب جيش دولة الاحتلال التركي في الـ 30 من حزيران عام 1996 في مركز لجيش الاحتلال أثناء مراسم رفع العلم في مدينة ديرسم بباكور (شمال كردستان)، رداً على محاولة الاغتيال التي نفذتها الاستخبارات التركية بحق القائد عبد الله أوجلان في العاصمة السورية دمشق في الـ 6 من أيار من العام ذاته.

حنيفة أكدت تأثير العمليات الفدائية التي قامت بها النساء الكرديات ضد ذهنية الاحتلال والفاشية، على جميع النساء في كردستان والعالم، وقالت: "في شخص الشهيدة بيريتان التي أقدمت على رمي نفسها من جبال الحرية ورفضت الاستسلام للخونة، والشهيدة فيان التي وقفت في وجه المؤامرة الدولية ضد القائد عبد الله أوجلان، وآرين ميركان التي غيرت من معادلة الثورة ونظرة العالم تجاه شعب روج آفا، أثبتت كل النساء إرادتهن في مواجهة السياسات القمعية".

'سيولد الآلاف من آرين وجينا وروكن'

مقاومة النساء الكرديات شقت طريقاً جديداً نحو الحرية والديمقراطية لكل النساء في العالم؛ بخصلة من شعرهن أوقدن شعلة الثورة لجميع الشعوب المضطهدة، إذ أوضحت حنيفة محمد أن "الشابة الكردية جينا أميني أيضاً أصبحت مفتاحاً لحرية جميع النساء في روجهلات كردستان وإيران، ومفتاحاً لثورة المرأة في روجهلات"، مضيفة "الشهيدة روكن أيضاً دكت عرش الاحتلال بعمليتها الفدائية وأثبتت الإرادة الحرة للمرأة الكردية مرة أخرى".

وأكدت أن القرن الحادي والعشرين، سيعرف بقرن ثورة المرأة، قائلة: "ثورة المرأة لن تنحصر في روج آفا وشمال وشرق سوريا، بل ستصبح المرأة مفتاح حرية المجتمع والعالم والشرق الأوسط"، مضيفة "سيولد الآلاف من آرين وجينا وروكن، لذلك سيكن هن الرائدات لحرية شعوبهن".

حنيفة محمد رأت أن الفدائية هي حقيقة جوهر المرأة المناضلة التي وقفت ضد الإبادة التاريخية ضد مجتمعها، مبينة "المرأة في روج آفا كانت من أوائل النساء اللواتي سرن على درب الفدائيات، حتى جعلت من ثورة 19 تموز، ثورة لحريتها، لذلك ستكتب المرأة تاريخها بيدها بقوة وإرادة مستمدة من فكر القائد أوجلان".

حققن انتصارات عظيمة بعملياتهن الفدائية

https://www.hawarnews.com/ar/uploads/files/2022/10/05/180052_hdyh-abdw.jpg

أما الإدارية في مؤتمر ستار في مقاطعة قامشلو، هدية عبدو، فلفتت الانتباه إلى الأساس الذي تتخذه النساء في نضالهن ضد الذهنية الذكورية الديكتاتورية، قائلة: "من زيلان حتى آرين ميركان، وقفت المرأة ضد أردوغان ومرتزقته بعملياتها الفدائية وتمكنت من تحقيق انتصارات عظيمة، وهذه الفدائية وهذا النضال سارت عليه الشهيدتان روكن وسارا اللتان جعلتا من نفسيهما فدائيتين في سبيل حرية شعبهما وأرضهما".

ثورة روج آفا وشمال وشرق سوريا أيضاً أفرزت قصصاً نضالية عدة لتحقيق الحرية والعيش المشترك، منها العملية الفدائية التي نفّذتها القيادية في وحدات حماية المرأة (YPJ)، آرين ميركان في مقاومة كوباني ضد مرتزقة داعش عام 2014، والعملية الفدائية للمقاتلة في وحدات حماية المرأة، آفيستا خابور ابنة جبال عفرين التي رفضت الاستسلام، حيث هاجمت بقنابلها دبابة لجيش الاحتلال التركي في اليوم الثامن من مقاومة العصر عام 2018، ونفذت عمليتها الفدائية.

مثال لمواصلة ثورة المرأة

هدية عبدو، حيّت العملية الفدائية للشهيدتين سارا وروكن في 26 أيلول المنصرم ضد مركز شرطة الاحتلال التركي في ناحية مزيتلي بمدينة مرسين ردّاً على الهجمات التي تشنّ بالأسلحة الكيماويّة والقمع داخل السجون، مؤكدة "سنسير على نهجهن ونعيد التاريخ النضالي للمرأة الكردية ضمن ثورة روج آفا، تاريخها المليء بالنضال في كل الساحات، العسكرية والسياسية والاجتماعية، وإثبات أنفسنا من جديد".

وبيّنت هدية في ختام حديثها: "بزغاريدهن حققن انتصارات عظيمة وكسرن مرتزقة داعش في روج آفا، وأفشلن مؤامرات ومخططات الدولة التركية في جبال كردستان، هؤلاء النساء اللواتي جعلن من أنفسهن فدائيات ليعيش شعبهن بأمان وحرية، تركن كل شيء وراءهن لتحقيق الحرية لكل النساء، لذلك فإننا سنتخذ من مقاومة النساء الفدائيات نهجاً لنا لمواصلة ثورتنا".

(ي م)

ANHA