الطبقة 365 يوم بعد التحرير -3
لم تكتفي المرأة الطبقاوية قبل التحرير بالانزواء خلف الأبواب المؤصدة رغم كل محاولات داعش لزجها خلف سجون جهلهم بالدين، فقاومت الحصار النفسي المفروضة عليها بحكمة الأم الموروثة وبطموح الشابة الناشئة.
المرأة في الطبقة تصنع كيانها الخاص
عبد الرزاق زكريا/الطبقة
سارت بعضهن إلى ربيع الحرية المتفتح وأرسلت أخريات أبناءهن لخوض معاركها منهن من قضين قبل الوصول إلى أهدافهن المنشودة مثل هناء وفاطمة الطبقة واحتفت المنتصرات بالإنجاز في العاشر من أيار من العام المنصرم متعهدات بالسير على الخطى المرسومة والاحتذاء حذو السابقات فكان أول ما سعت إليه المرأة هو حماية المرأة من جور وظلم الواقع المعاش لذلك قررت نساء الطبقة تأسيس مجلس للمرأة في منطقة الطبقة.
نضال فكري
وتذكّر الإدارية في هذا المجلس ضحى خليفة بالهيكلية المؤسساتية التي يقوم عليها مجلس المرأة " فمنذ افتتاحه في 19 تموز 2017 تمّ العمل على تشكيل خمس لجان تهتم جميعها بقضايا المرأة فمن التوعية بالحقوق والواجبات بإقامة عشرات الندوات والمحاضرات الفكرية مثل مؤتمر ستار وندوات المرأة في الأمة الديمقراطية علاوة عن اللقاءات الثقافية و الإرشادية إلى السعي لتأمين سبل المعيشة وفرص العمل للمرأة وصولا إلى حل الخلافات العائلية وتقديم الدعم النفسي والمعنوي للمرأة عبر لجنة الصلح التي عرفت نجاحا منقطع النظير حيث برزت المرأة المصلحة بآرائها الحكيمة لتنال إعجاب شرائح واسعة من المجتمع الأهلي لمنطقة الطبقة في تجربة كانت الأولى من نوعها على المستوى المحلي".
مشاركة واسعة في شتى المجالات
ولايزال مجلس المرأة بعد حوالي العام يضطلع بمهام جلية ليس فقط بالجوانب المتعلقة بالمرأة بل تجاوزته إلى عمل اجتماعي أشمل يعالج قضايا بيئية منها المساهمة بحملات التنظيف والمشاركة بحملة التشجير بالإضافة إلى إيكال مهمة توزيع ولصق منشورات التوعية إلى اتحاد المرأة الشابة المنبثقة من مجلس المرأة التي لم تأل جهدا في تقديم رسائل النصح والتوجيه إلى بنات جلدتهن من أجل مستقبل أفضل والتحذير من مخاطر التفريط والاضمحلال في إطار حملة "انتفضي" باعثة.
وجود راسخ في صنع القرار
لم تقتصر فعالية المرأة في منطقة الطبقة على مجلسها لكنها قطعت شوطا كبيرا في الأبعاد السياسية والإدارية من خلال إقرار مبدأ الرئاسة المشتركة الذي يضمن للمرأة تشاركية متميزة في تطوير ذاتها ضمن سياق أعم يضع على رأس أولوياته تطوير المجتمع فالمرأة أصبحت تطالب بواجباتها بالتوازي مع حقوقها من منطلق المسؤولية التاريخية والاخلاقية المناطة بها.
فالمرأة تتصدر المشهد التشريعي والتنفيذي، السياسي والاداري في بوتقة الإدارة المدنية الديمقراطية لمنطقة الطبقة كرئيسة مشتركة لمجلسي الإدارة تشريعيا كان أم تنفيذيا وعلى أعلى الهرم التنظيمي لجميع اللجان النافذة كالصحة والتربية والتعليم والبلديات والدفاع إلى كل الهيئات الناظمة كالهيئة الاقتصادية والسياسية وليس انتهاء بديوان العدالة الاجتماعية.
بروز على صعيد الدفاع
بهذا الصدد ترى عضوة قوى الأمن الداخلي أماني الصليبي أن حدود المرأة لا يجب أن يتوقف عند المجالات المدنية فحسب بل لا بد أن تتخطاها إلى الاختصاصات الأمنية والعسكرية فالكثيرون لم يكونوا يتوقعون أنّ يروا امرأة تمتشق السلاح وترتدي السترة العسكري أو البذلة الأمنية تسهر على حماية أمن مدنها وقراها.
وفي الـ 12 من تشرين الأول/أكتوبر أعلنت وحدات حماية المرأة عن تشكيل أول كتيبة عسكرية للمرأة في الطبقة حملت اسم "كتيبة الشهيدة هبون عرب" التي استشهدت خلال معارك ضد داعش في حملة تحرير مدينة الرقة التي خاضتها قوات سوريا الديمقراطية العام الفائت.
فالمرأة اليوم وصلت بها القدرة على إنشاء المراكز الأمنية الخاصة بها بعد أن تخرجت من الدورات التأهيلية والتدريبية فهي التي استطاعت أن تطور إمكانياتها عبر عام واحد من الحرية عقب التخلص من داعش لتقدم انموذجا حيا وملموسا عن عبقرية متجردة من القيود ومتجذرة الكيان.
دور وطني وإنساني
لقد نحت المرأة الطبقاوية في اختبار التحدي الذي خاضته ضد سنوات من الحزن والفقر والعذاب فهي التي تحدت الجوع بالخبز والفقر بالزراعة والجهل بالعلم والحزن بالأمل.
وقد تخطى الوعي آفاق السياسة والجغرافيا لتمارس المرأة الطبقاوية دورها الوطني والإنساني فقامت بوقفات احتجاجية ضد ممارسات عدوانية وخرجت في مسيرات تضامنية وعبرت بالكلمات والمعاني قبل أن تباشر بالدعم المادي حيث كان لها النصيب الأوفى والحظ الأكبر في مناسبتين متزامنتين إحداهما خيمة اعتصام واضراب للتعبير عن الوقوف إلى جانب أهالي عفرين والغوطة والثانية خيمة لجمع التبرعات لمساعدة الفارين من ممارسات الاحتلال التركي لعفرين.
وأخيرا وليس آخرا لم تقف المرأة الطبقاوية عقب عام من التحرير على جملة الانجازات المذكورة أعلاه بل لاتزال آفاق واسعة في انتظارها فما تزرعه اليوم المرأة ستحصده غداً.
(م)
ANHA