ورثت مهنة "الطبابة" من والدتها وتواصل أداء رسالتها

مريم كدروو امرأة عربية ورثت مهنة الطبابة الشعبية من والدتها، تداوي المرضى في منزلها وتؤمن مورداً مالياً لإعانة ابنتها الصغيرة.

ورثت مهنة "الطبابة" من والدتها وتواصل أداء رسالتها
17 نيسان 2018   03:32

هيفيدار حراني / كري سبي

منذ فجر التاريخ وحتى يومنا الراهن، ورغم جميع مساعي النظم المتسلطة المعادية للمرأة، إلا أنها لم تتمكن من إبعاد المرأة عن الطبيعة الأم. حيث من المعلوم إن جهد وكحد المرأة تعرض للنهب والسلب منذ عصر المجتمع النيوليتي من قبل الأنظمة الذكورية الأبوية والدينية، وأخيراً نظام الحداثة الرأسمالية.

تعرضت المرأة عبر التاريخ لأشد أنواع التعذيب والقمع بسبب امتهان مهنة الطبابة، ولعل أكثر المراحل التي تعرضت فيها المرأة للقمع بسبب هذه المهنة كانت في عهد محاكم التفتيش في أوروبا بين أعوام (1400-1700) والتي فرضتها الكنسية الكاثوليكية. حيث ظهرت محاكم التفتيش بداية في إيطاليا وانتشرت من هناك في باقي البلدان الأوروبية. وفي المحصلة تم حرق حوالي 60 امرأة. النساء اللواتي تعرضن للحرق والقتل كن من النساء اللواتي كن تداوين الناس بالأدوية الطبيعية، ونلن ثقة واحترام المجتمع. وعليه تم حصر الطب بشكل كامل في أيدي الرجال وأصبح تحت سيطرة المتسلطين. ونتيجة لكل هذه الضغوطات تراجعت جهود ومساعي النساء في مجال الطب وفقدت ثقتها سواء في أوروبا أو في الشرق الأوسط.

ورغم جميع هذه المعوقات إلا أن العديد من النساء وفي مختلف أنحاء العالم لا زلن تمارسن مهنة الطبابة. وإحدى هذه النساء هي مريم كدرو العربية، وهي من أهالي ناحية زورشمر التابعة لمدينة الرقة. مريم تصنع الأدوية من الأعشاب وتستخدمها لمداواة الناس في المنازل. مريم ورثت مهنة الطبابة من والدتها فاطمة أحمد، التي كانت تعلمت الطب بدورها من امرأة كردية. أما مريم فهي مارست وتعلم المهنة على يد أمها منذ كانت في العاشرة من عمرها، وبعد وفاة الدتها واصلت مريم عمل والدتها ومارست مهنة الطبابة.

مريم تعاني من إعاقة في ساقها، تزوجت عندما كانت تبلغ 20 عاماً، وواصلت عملها في الطبابة بعد زواجها، وفيما بعد رزقت مريم ببنت تبلغ من العمر الآن عامين، أما زوجها فقد تخلى عنها وتوجه إلى أوروبا.

مع ظهور داعش عادت أيام محاكم التفتيش

بعد أن احتل مرتزقة داعش مدينة الرقة عام 2014، أعادت مرة أخرى عقلية وذهنية عصر محاكم التفتيش. حيث أقدم المرتزقة على منع مريم من ممارسة مهنتها بحجة أنها "تعارض الدين". وبحسب أهالي المنطقة فإن مرتزقة داعش قتلوا العديد من المسنين ممن كانوا يصنعون الأدوية من الأعشاب. وتقول مريم  أنها اضطرت لترك مهنتها عندما دخلت داعش إلى الرقة.

مريم تجلب الأعشاب التي تصنع من الأدوية من مناطق قامشلو والطبقة ومنبج وتصنع أدوية لعلاج آلام الأرجل والصداع وآلام الظهر والمعدة وكذلك الالتهابات.

مريم تؤكد على أهمية العلاج الطبيعي وتقول إن الأدوية الطبيعية أفضل من الأدوية التي تباع في الصيدليات، وأضافت "عندما تتوفر لدي الإمكانيات سوف أداوي أعداد أكبر من الناس وأساعد المحتاجين، وأنا أقبل النقود التي تدفع لي مقابل عملي لأن لدي أبنة تبلغ عاملين ويجب أن أعمل على رعايتها."

(ك)

ANHA