المياه في قامشلو.. تفاصيل دقيقة ومعوقات ومطالب الأهالي
تضخ مصادر المياه نحو 70.000 متر مكعب في الساعة إلى أحياء مدينة قامشلو بمقاطعة الجزيرة، وعلى الرغم من هذه الأرقام، تشهد أجزاء من المدينة نقصاً حاداً في مياه الشرب، وتتزايد مطالب الأهالي لإيجاد الحلول، وسط المعوقات التي تحدّ من الوصول الآمن للمياه إليهم.
في ظل انقطاع مستمر للمياه في أجزاء واسعة لأحياء من مدينة قامشلو، يطلق سكان المدينة مطالبات لإيجاد حل نهائي لهذه المعضلة المتفاقمة التي تتجدد سنوياً مع قدوم فصل الصيف.
تربط بلدية الشعب أزمة انقطاع المياه، بانهيار أبراج الكهرباء بسبب عاصفة غبارية، ما أدى إلى انقطاع الخط السادس المغذي لمحطات الكهرباء في مقاطعة الجزيرة أيار الماضي، لكن اهتراء شبكة المياه القديمة، وتوقف تدفق المياه عن بعض الأحياء نتيجة إغلاق صمامات إمدادات المياه، وانخفاض مناسيب الآبار والسدود إلى مستويات قياسية، بالإضافة لغياب الوعي البيئي وهدر المياه وتسربها، أزمات باتت تؤرق سكان المدينة.
وفي الماضي، كانت المحطة الشمالية لمدينة قامشلو تُزوَّد محطات المياه بالكهرباء، لكن بعد أن دمر الاحتلال التركي هذه المنشآت ومصادرها، زوّدت هيئة الطاقة كهرباء محطات المياه في المدينة، بالكهرباء من سد الفرات.
موارد المياه في قامشلو
وتتغذى مدينة قامشلو من 3 مصادر مائية رئيسة، منها محطة الهلالية، والعويجة، وجقجق، بالإضافة إلى محطة سد سفان التي تزود محطة العويجة بالمياه وتضخ المياه لأحياء مدينة قامشلو، بالتناوب بين القسمين الشرقي والغربي كل 24 ساعة.
هذا وتضم محطة الهلالية 52 بئراً، تعمل في الخدمة في الوقت الحالي فقط 47 بئراً، بغزارة 4000 متر مكعب في الساعة، لتضخ إلى أحياء المدينة من خزان التجميع في الساعة نحو 50 ألف متر مكعب، لتغذي 80% من المدينة، وفق إحصائيات مديرية المياه.
وتبقى هذه المحطة في الخدمة مع انقطاع التيار الكهربائي، حيث أن المديرية زودتها بـ 6 مولدات توليد للكهرباء، 5 منها تبلغ استطاعتها 1 ميغا لكل واحدة وواحدة أصغر.
وتوفر محطة العويجة المياه من 11 بئراً، ومحطة جقجق 6 آبار، بالإضافة إلى 13 بئراً موزعة، ما يوفر نحو 20% من احتياج المدينة من المياه، حيث يصل معدل ضخ محطة العويجة إلى 355 متراً مكعباً في الساعة، بما يعادل 8520 متراً مكعباً في اليوم.
أيضاً يعدّ سد السفان الذي يغذي محطة الحويجة أيضاً، واحد من أبرز السدود الاستراتيجية في مقاطعة الجزيرة، وتغذي مدن (ديرك، وكركي لكي، وجل آغا، وتربه سبيه، وقامشلو) بالمياه، تضخ في الساعة ما بين 800 إلى 900 متر مكعب، بمعدل 19200 متر مكعب في اليوم.
بشكل إجمالي، تضخ موارد المياه، نحو 70.000 متر مكعب في الساعة إلى أحياء مدينة قامشلو، وعلى الرغم من هذا الرقم تشهد أجزاء من أحياء مدينة قامشلو نقصاً حاداً في مياه الشرب.
عقبات وصول المياه
عقبات كبيرة تعترض الوصول الآمن للمياه إلى المدينة، منها اهتراء شبكة المياه بنسبة عن 40%، بعد مرور 5 عقود على مد أنابيب وخطوط المياه، ما يفسر قلة المياه في بعض الأحياء.
وصممت شبكة المياه على شكل حلقي شرق المدينة، وعنكبوتي غرب المدينة، وهي غير مؤهلة للازدياد السكاني والتوسع العمراني الحاصل.
إلى جانب الجفاف وأزمة المناخ، هناك عوامل أخرى تعرّض الحياة في السدود لخطر النضوب والانحسار، مع انخفاض معدلات هطول الأمطار السنوية، حيث فقد سد سفّان الاستراتيجي الذي يعتمد على مياه الأمطار والينابيع والأنهار جزءاً كبيراً من منسوبه، وبات السد ينحسر بعد خسارة إحدى مصادره المتمثلة بالأمطار هذا العام، والذي أثّرت بشكل كبير على منسوب المياه الجوفية في الآبار أيضاً نتيجة حالة الجفاف.
كما ألقى الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا 6 شباط 2023 بظلاله على المنطقة، وخفض مستوى منسوب الآبار الجوفية التي تزود قامشلو بالمياه إلى ما يزيد عن 4 أمتار، في تحدّ آخر، يواجه الموارد المائية، وفق إحصائيات مديرية المياه.
نأمل أن تعود المياه إلى مجاريها
تقول صابرين فيصل موسى من حي الهلالية، "لا نعرف سبب انقطاع المياه منذ 5 سنوات، ونأمل أن تعود المياه إلى مجاريها كما جميع الأحياء المجاورة لنا".
ومنذ 5 سنوات تعاني صابرين وغيرها، من انقطاع المياه عن الحي، وتشير إلى بروز أزمة المياه قبل سنوات "كنا نستيقظ باكراً لتعبئة المياه، فالمعاناة لا تقتصر على فصل الصيف فحسب، ففي الشتاء أيضاً نعاني من انقطاعها، لا توجد نقطة مياه في أنابيب المياه لذلك نقوم بتعبئة المياه كل يومين بمبلغ 50 ألف ليرة سورية، ما يزيد من التكاليف والأعباء الاقتصادية مقارنة مع دخلنا اليومي".
المياه معدومة في حيّنا منذ سنوات
بدورها، تقول حمدية عبد الرحمن صالح من أهالي حي الهلالية، إن المياه معدومة في حيهم منذ سنوات والأنابيب لا تضخ حتى الهواء، وتشير إلى أن سبب انقطاع المياه يعود إلى إغلاق صمام الحي، وإلا كيف نفسر عدم انقطاع المياه عن الأحياء المجاورة؟.
وتتمنى حمدية من الجهات المعنية إصلاح صمام حيهم وإعادة الحياة إليه.
أزمة المياه المتكررة سببت لنا المتاعب
وفي مشهد يتكرر يومياً، تقول عائشة شبلي من حي الكورنيش إن الهدوء لا يعرف الطريق إلى حيهم الذي يعج دائماً بالصهاريج لتعبئة المياه لأهالي الحي، "فأزمة انقطاع المياه المتكررة كل سنة سببت لنا متاعب كثيرة".
وتشير عائشة "عندما نطرح سبب انقطاع المياه عن الحي، يقولون إن الكهرباء منقطعة أو هناك أعمال صيانة، نحن أيضاً لا نعلم السبب".
حلول للحد من أزمة المياه المتفاقمة في قامشلو
أثّرت التغييرات المناخية على أنماط هطول الأمطار وتوافر الموارد المائية في إقليم شمال وشرق سوريا، وعليه يجب على الجهات المعنية اتخاذ إجراءات سريعة للحد من وطأة أزمة المناخ، والتكيف مع آثارها، واستخدام المياه الجوفية بحكمة بالتوازي مع انخفاض مناسيبها.
كما أن ترك شبكات المياه المهترئة دون إصلاح، قد يكون عاملاً أساسياً يعيق الوصول الآمن للمياه إلى جميع خطوط الشبكة في المدينة، وعليه يجب تطوير البنية التحتية للمياه وإمداد كل منزل بالمياه.
إن ازدياد الطلب على المياه مع زيادة النمو السكاني والتوسع العمراني في المدينة، يضع الموارد وشبكات المياه في مواجهة ضغوط إضافية، وهنا تترتب على بلدية الشعب مسؤولية توعية السكان بأهمية الحفاظ على المياه وترشيد استهلاكه لتحقيق الأمن المائي.
(سـ)
ANHA