السيسي وأردوغان.. تصافح بعد عقد من العداء والتهديدات
اتجهت الأنظار مؤخراً إلى لقاء السيسي وأردوغان، وذلك بعد سنوات عديدة من العداء المباشر والصريح والاتهامات المتبادلة. جاء ذلك عقب دعم أردوغان وحكومته لمجموعات المرتزقة والإخوان المسلمين، الذين سعوا لإسقاط السيسي والإضرار باستقرار مصر وأمنها.
استقبل رئيس دولة الاحتلال التركي رجب طيب أردوغان، يوم الأربعاء نظيره المصري عبد الفتاح السيسي عند نزوله من الطائرة، في أول زيارة رسمية له إلى تركيا بعد عقد من المقاطعة، مرحباً بـ "أخيه العزيز" الذي وصفه قبل خمس سنوات بـ"الطاغية" و"القاتل".
ووقّع الجانبان الأربعاء 17 اتفاقية تعاون، وأكدا مجدداً أمام الصحافيين رغبتهما في رفع حجم التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار سنويا خلال خمس سنوات، في حين يبلغ حالياً أقل من 10 مليارات.
ولطالما وصف أردوغان، السيسي في السنوات السابقة وقبل "المحادثات الاستكشافية" بـ "الانقلابي" وفي غضون ذلك كان يوجه لشخصه كلمات لاذعة تتعلق بكيفية وصوله إلى السلطة وانتزاعه كرسي الحكم من الرئيس المخلوع محمد مرسي الذي كان ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
من ليبيا وصولاً إلى شرق المتوسط إلى عموم أفريقيا والعراق وسورية وأرمينيا كلها ملفات وساحات صراع بين الدولتين، سعى خلالها كل من أردوغان والسيسي لتشكيل تحالفات إقليمية ودولية بهدف المواجهة بينهما، لكن وبعد عقد من الزمن تحول هذا الصراع إلى "أخوة وتصافح" بحسب ما وصف.
نتائج هذا المسار الجديد تبين من خلال تغير المعادلة السياسية في ليبيا حيث لم تتدخل تركيا مؤخراً ضد تحركات الجيش الوطني الليبي الذي يقوده خليفة حفتر ضد حكومة طرابلس وميليشياتها المدعومة من تركيا، وهذا يأتي في سياق الحديث عن تقاسم للنفوذ بين تركيا ومصر في ليبيا.
تأثيرات على الملف الكردي وشمال شرق سوريا
هذه السياسة التي ينتهجها السيسي تشير إلى دور سلبي ستتخذه مصر خلال المرحلة المقبلة؛ فبعد أن كان يتحدث السيسي عن تحرير الدول العربية والحفاظ على أمنها وسيادتها، تبين بأنه تقبّل وجود قوات ومرتزقة تابعين لدولة الاحتلال التركي في ليبيا، وهذا ما كان يرفضه سابقاً.
وبالتالي، فإنه من المتوقع أن يكون هناك تبادل تركي – مصري للنفوذ في معظم المناطق وتوافق يخدم مصالحهما على حساب مصالح شعوب هذه الدول، وبالتالي يمكن أن تتكرر سياسة الرئيس المصري السابق حسني مبارك والذي كان له دور سلبي في القضية الكردية، وأسهم نوعاً ما بالمؤامرة على القائد عبد الله أوجلان، وكان وسيطاً غير محايد وصولاً إلى مشاركته بالتوصل إلى اتفاقية أضنة التي استخدمتها تركيا فيما بعد لتوسيع احتلالها للأراضي السورية.
ومن الملفات التي يمكن أن يكون فيها تعاون بين مصر وتركيا هو دخول القاهرة على خط التفاوض بين دمشق وأنقرة ورعاية اتفاق أضنة جديد يكون على حساب مصالح الشعب السوري ومنطقة شمال وشرق سوريا تحديداً، كما لا يستبعد أن يؤدي التعاون الأمني والاستخباراتي إلى تهديد الناشطين الكرد وممثلي شمال وشرق سوريا في مصر.
لكن السؤال الأهم من كل ذلك، هل أنهت تركيا وأردوغان كل أدواتها في مصر وسوريا وليبيا وأفريقيا؟ ماذا عن مواصلة احتضان تركيا لقادة الإخوان ومنصاتهم الإعلامية والذين يحاولون التماهي مع السياسات التركية حيث باتوا يتحدثون بهدوء إلى مصر؟
إذاً يبدو أن كل من السيسي وبشار الأسد وقادة ليبيا لم يتعلموا من الدروس السابقة، حيث كان أردوغان وزوجته يتجولان مع الأسد وزوجته في أحياء دمشق وحلب ومع ذلك، لم تمضِ سوى سنوات عديدة حتى سعى أردوغان لإسقاط بشار الأسد عن الحكم.
السياسة التركية واضحة منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، وهي تهدف إلى توسيع النفوذ وترسيخ مفهوم العثمانية الجديدة من خلال عدة أساليب. تشمل هذه الأساليب تعزيز العلاقات القوية تحت شعار 'صفر مشاكل'، والتغلغل الاقتصادي والثقافي، بالإضافة إلى دعم الجماعات المرتزقة والتغلغل الأمني والعسكري. ويبدو أن السيسي والأسد، وغيرهم ممن يسعون للحفاظ على السلطة بأي شكل، سيقعون في فخ السياسات التركية العميقة الساعية إلى الهيمنة والاحتلال. وعلى الرغم من تقليم أظافر هذه السياسات، إلا أن الأدوات التي تستخدمها لا تزال موجودة.
(آ)
ANHA