في لوزان موقف مناهض للوزان – رؤوف قره كوجان
مرت مائة عام على تقسيم كردستان عبر اتفاقية لوزان. في هذا القرن تحوّلت كردستان إلى مائدة للذئاب، ولم تترك الدول القومية في الشرق الأوسط أي شكل من الاضطهاد ولم تطبّقه على الشعب الكردي. في كردستان المحتلة، تعمّق الاضطهاد والقمع، وتمت التضحية بالكرد من أجل سياسات "فرق تسد"، وتبع ذلك ارتكاب المجازر، وتم حظر لغة وثقافة الكرد، وسرقت مواردهم الاقتصادية، وسياسياً تم تجاهلهم وإنكارهم وصهرهم.
القوات التي أصدرت أوامر في لوزان بتقسيم كردستان وإبادة الكرد عادت إلى الواجهة اليوم، ودخلت في لعبة أكثر خطورة. إذا كان القرن الأول من لوزان قد مهّد الطريق لتقسيم كردستان، فسيحاولون في القرن الثاني القضاء على الكرد بشكل كامل. من أجل لفت الانتباه إلى هذا الخطر، من الضروري التعامل مع هذه القضية بطريقة أكثر جذرية وعقلانية وإدراك أن المرحلة التي نمر بها ليست مرحلة عادية.
ينعقد في هذه الأيام مؤتمر في مدينة لوزان ضد اتفاقية لوزان التي تم توقيعها قبل قرن من الزمن لإبادة الكرد، لحل المشاكل ومناقشة الحلول. مما لا شك فيه انه أمر مهم ويستحق التقدير. يجب علينا الآن أن نتجاوز مرحلة مجرد الحديث عن موضوع اضطهاد الكرد. مجرد الالتقاء لا يكفي. كشعب، يجب أن نكون على دراية بالكارثة التي نحن فيها، والإبادة الكبرى التي تنتظرنا في المستقبل، واتخاذ خطوات جادة من أجل الوحدة الوطنية، وأن نكون حازمين، ونظهر موقفاً مشتركاً وعملياً.
يناقش الكرد فقط في لوزان، لكن المحتلين وشركاءهم يتخذون خطوات ملموسة ويتجهون نحو خطط للإبادة. إنهم يواصلون هجوماً عنيفاً لإنهاء حركة الحرية الكردية. على الرغم من انهيار الاقتصاد الذي أدى إلى الإفلاس، فإن الدولة التركية تستنفر الموارد للحرب وتستمر في مجازرها. إنهم يحاولون تطبيع العزلة على القائد آبو ويناقشون مرحلة التصفية الجسدي أيضاً بعد تلك المرحلة.
الهدف الأول هو روج آفا، والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإيران وتركيا وسلطة البرزاني تبتكر سيناريوهات عجيبة من أجل روج آفا. وتخطط للقضاء على الإدارة الذاتية. وسبق أن اجتمع مرتزقة المجلس الوطني في المناطق التي تحتلها الدولة التركية. ربما في المستقبل القريب سيقوم مرتزقة روج بدوريات في مناطق الاحتلال مع مرتزقة داعش والجيش الحر والنصرة. من أجل هذا الهدف، بدأت مؤسسة الاستخبارات التي تسمى مؤسسة البرزاني الخيرية في عفرين بتطبيق مبادرات ملموسة. إنهم يحاولون إنهاء قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة. مؤسسات الفكر والرأي تضع خططها الخاصة لاحتلال روج آفا.
إن مرحلة لوزان الجديدة القائمة على توسيع الدولة التركية والقضاء على النضال الكردي من أجل الحرية باتت على الأبواب. يجب ألا نُخدع بوجود الكرد في شمال كردستان دخلوا البرلمان. لقد تم تحديد التوقيت الزمني للقضاء على الكرد، وكما حدث عند الاستيلاء على البلديات، يمكن في أي لحظة القضاء على كل المكتسبات.
لا ينبغي لأحد أن يتحدث عن القانون والعدالة وحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات الصلة والمعايير الأخلاقية. القانون هو ما يتم تطبيقه في إمرالي! هذا القانون يطبق بشكل عام على الكرد. وكل ما عدا ذلك هو كذب.
تعتبر سلطة البرزاني، التي تأسست في الربع الأخير من القرن الماضي في جنوب كردستان، نموذجاً في سياق خطط التصفية. أبواب جنوب كردستان مفتوحة للاحتلال التركي والحزب الديمقراطي الكردستاني يلعب أفظع دور في القضاء على حزب العمال الكردستاني. إنه يعتبر الخيانة فضيلة، وأصبح أداة جيدة في الحرب ضد حزب العمال الكردستاني. من خلال السلطة التي أنشأها يسعى إلى حرمان الآخرين من حق الحياة. وحتى من عائلته، فهو لا يمنح أي فرصة لأي معارض (ومعاناة أدهم البرزاني معروفة). من أجل أن يصبح الحاكم الوحيد لجنوب كردستان، فهو يحاول القضاء على جميع الأطراف بما في ذلك الاتحاد الوطني الكردستاني.
تتواصل مساعي إبادة الكردي كما يتزايد الخطر يتزايد على كرد روجهلات. تعارض إيران الكرد بقدر ما تعارض النظام الرأسمالي. النظام الإسلامي في إيران ليس لديه أي سياسة حل سوى الإبادة الجماعية للكرد في روجهلات (شرق) كردستان. وهناك أيضاً سياسات مشابهة فيما يتعلق بالأجزاء الأخرى من كردستان. من أجل إنهاء الوضع الحالي في روج آفا، هناك اتفاقيات قذرة بين روسيا وتركيا وسوريا.
من مجمل هذه المستجدات، يمكن استنتاج ما يلي: في القرن الثاني من لوزان، يركز النظام الرأسمالي والدول المستعمرة وشركاؤها المحليون على القضاء على الكرد ويتم وضع خطط جديدة حول الكرد. لذلك، يجب بدايةً إجراء حسابات جيدة.
عندما يقفون ضد لوزان في لوزان، يجب أن يمتد هذا الموقف إلى أجزاء كردستان الأربعة. لا يجب أن نكتفي بالمؤتمرات. يمكن منع حدوث لوزان جديدة، من خلال الاعتصام على أبواب المؤسسات الأوروبية، ومواصلة النضال دون انقطاع حتى الوصول إلى النتيجة. والخطوة الملموسة التي يجب اتخاذها، والتي تعتبر بالنسبة للكرد العلامة الأكثر وضوحاً، هي إيضاح الوضع الخطير للقائد آبو وفك العزلة. كما يجب تطبيق القانون الدولي في إمرالي. بالنسبة للكرد، هناك حاجة ملحّة لإيجاد خريطة جديدة بخطة عمل طويلة الأمد. يجب ألا ننسى أن الأقوال التي لا تتحوّل إلى أفعال هي مجرد كلام فارغ مع الأسف.
(ك)