في الذكرى 166 لـ 8 آذار.. Jin, Jiyan, Azadî -٣

كانت المرأة المضطهدة تردّد قبل 113 عاماً شعار "نريد الخبز لحياتنا والورد لأرواحنا" واليوم في القرن الـ 21 يبنين نظاماً جديداً تحت شعار " Jin, Jiyan, Azadî" أي "المرأة، الحياة، الحريّة".
في احتفالات الذكرى السنويّة الـ 114 ليوم العالمي للمرأة، الذي يصادف الـ 8 من آذار من كلّ عام، ستخرج النساء في جميع أنحاء العالم إلى الساحات ويهتفن شعار "المرأة، الحياة، الحريّة" في وجه الهيمنة الأبويّة والنظام الرأسمالي.
يصادف 8 من آذار، اليوم العالمي للمرأة، مقاومة المرأة التي انتفضت على العبوديّة قبل 166 عاماً.
قامت العاملات اللواتي يعملن في ظروف عملٍ قاسية وبأجور متدنيّة في مصنعٍ للنسيج في نيويورك، بتنظيم 40 ألف عامل/ة وانتفضن على العبوديّة والاستغلال. ويُعدّ هذا الإضراب من أكبر الفعاليات النسائيّة حتّى ذلك الوقت. فقد ضحّت النساء بأرواحهنّ في سبيل الحريّة، لكنّ مدراء العقليّة الذكوريّة تعاملوا معهنّ بالعنف وقاموا باحتجازهنّ داخل المصنع. وأسفر الحريق المفتعل الذي نشب في المصنع، عن فقدان 19 عاملاً و129 عاملة لحياتهم. حافظت النساء على إرث النضال هذا وأعلنت يوم الـ 8 من آذار يوماً للوحدة، التضامن، الدعم والنضال، تحتفل نساء العالم بيوم 8 آذار بوصفه يوماً للتضامن والنضال منذ 113 عاماً.
وتمتّد هذه المقاومة التي تخوضها النساء اللواتي تقلن: "ثقوا بأنّنا سنغيّر العالم" تحت شعار "المرأة، الحياة، الحريّة" بتضحيات كبيرة، إلى شتّى بقاع العالم ويصفها القائد عبدالله أوجلان بأنّها "صيغة سحريّة". وفي هذا السياق، نسلّط في ملفنا الضوء على نضال المرأة ضدّ السياسات التي تنتهجها الدولة ضدّها، في الشرق الأوسط.
المغرب
المغرب الواقعة في اقصى شمال افريقيا التي ازداد فيها العنف في السنوات الأخيرة إلى جانب نضال المرأة. وتواصل المرأة فيها نضالها من أجل حقوقها وحقوق الإنسان والديمقراطيّة عامةً.
شهد المغرب خلال عام (من شهر أيلول 2021 إلى أيلول 2022) ارتفاعاً كبيراً بمعدّل العنف ضدّ المرأة والفتيات. فقد نشرت شبكة منتدى الزهراء تقريرها السنوي حول حوادث العنف، وبحسب هذا التقرير، فإنّ 74.4 بالمائة من حالات العنف ضدّ المرأة تُرتكب داخل الأسرة، و3.6 بالمائة من حالات العنف تجري في مكان العمل، فيما تصل نسبة العنف في الأماكن العامة إلى 7.4 بالمائة، ومن بين 3 آلاف و689 امرأة هناك ألفان و818 امرأة تعرّضت للتعنيف داخل المنزل فيما تتراوح أعمار 46 بالمائة منهنّ بنين الـ 18-35 عاماً، و33 بالمائة منهنّ بين 35-50 عاماً من العمر.
وبسبب سياسات الدولة المتمثّلة بإعفاء المجرمين ولأن القوانين الحاليّة مجرّد حبر على ورق، فإنّ 12 بالمائة فقط من هؤلاء النساء اللواتي تعرّضن للعنف الاجتماعي، الجنسي والإلكتروني والقانوني لجأن إلى الشرطة فيما لجأت 8 بالمائة منهنّ فقط إلى الدرك. يُنظّم نضال المرأة في المغرب من قبل الجمعيات النسائيّة، فقد تمّ تأسيس العديد من المؤسسات المدنيّة ومراكز التضامن لتقديم الدعم النفسي والقانوني للمرأة لمواجهة العنف الذي تتعرّض له.
وقد حققت المرأة في المغرب نتيجةً لنضالها، بعض المكاسب الدستوريّة والقانونيّة والسياسيّة والحقوقيّة. فبين عامي 2002-2021، ازداد عدد النساء في البرلمان، وارتفع عدد النساء في مجلس النوّاب من 30 إلى 60 امرأة. بعدها تمّ زيادة عدد المقاعد في البرلمان (395 مقعداً في المجموع) إلى 95 مقعداً للمرأة. لكنّ النساء تعتبرن أنّ هذا العدد منخفض وتواصلن نضالهنّ.
مصر
في مصر أيضاً، تواصل المرأة نضالها ضدّ العنف ونظام الدولة تحت مظلّة المنظمات المدنيّة. ففي مصر التي تسير على خطا نفرتيتي، وصلت حوادث العنف، التحرّش والاغتصاب إلى مستوياتٍ عالية خلال السنوات الـ 10 الأخيرة. تتعرّض أكثر من 5 ملايين امرأة في مصر للعنف سنويّاً. ويبلغ عدد الأطفال دون 18 عاماً 39 مليوناً، 11 ألف منهنّ متزوجات أو أرامل. وعلى الرغم من منع ختان الفتيات، لا يزال العنف عبر الختان مستمرّاً. وبالإضافة إلى هذه البيانات الخطيرة، فإنّ مشاركة المرأة في السياسة يكاد يكون معدوماً ويتمّ تجاهلهنّ في مختلف المجالات العامة أيضاً.
تعمل المنظمات النسائيّة في مصر على الحدّ من العنف، كما تعمل على دعم النساء اللواتي تعرّضن للعنف نفسيّاً وماديّاً، إذ تقدّم جمعية المرأة القانوني، وجمعية حقوق المرأة والجمعية الجديدة للمرأة الدعم القانوني للنساء في مصر، فيما بدأت مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون بـ "الرعاية الآمنة" لتقديم الخدمات الصحيّة للنساء. كما تعمل المنظمات النسويّة مؤخّراً على حماية النساء من العنف الجنسي.
تونس
تنتهج تونس التي ازدهر فيها الربيع الشعبي والتي أصبحت رائدةً في سن القوانين للمرأة، اليوم سياسة استبعاد المرأة من السياسة وتجاهل إنجازاتها. وأدّى نضال المرأة التونسيّة إلى سنّ قوانين المساواة وحقوق المرأة المدنيّة والسياسيّة كحق التصويت، التعلّم والعمل. لكنّ الترتيبات الدستوريّة وانتخاب قيس سعيد رئيساً أدّى إلى تقليص دور المرأة، فالقوانين الجديدة تقيّد القيادة السياسيّة للمرأة.
انخفض عدد النائبات البرلمانيّات في البرلمان التونسي المتوقّع تشكيله هذا الشهر، من 57 نائبة إلى 25 نائبة فقط وتُبذل جهودٌ لإقصائها عن عملية صنع القرار. ومن جهة أخرى، استبعد دستور 2022 المرأة من السياسة لكن يتمّ تنظيمها في مختلف المجالات من قبل اللجان، النقابات، ومنظمات حقوق المرأة.
وفي إطار توحيد صوت المرأة وضمان الوحدة وحل المشاكل، تسعى المرأة التونسيّة إلى الحفاظ على إنجازاتها واستعادة حقوقها المنتزعة في المؤتمر الدوليّ الثالث للمرأة الذي عُقد بين 4-10 من أيلول المنصرم بمشاركة 300 امرأة من 50 دولة عربيّة، أفريقيّة وأوروبيّة.
أفغانستان
تستولي طالبان على السلطة في أفغانستان منذ آب 2021 وأصبحت الدولة منذ ذلك الحين جحيماً بالنسبة للنساء، إذ تتعرّض المرأة للعنف والقمع الممنهج في جميع مجالات الحياة.
وكشفت اللجنة الوطنيّة الباكستانيّة لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي لعام 2022 أنّ 139 امرأة أفغانيّة على الأقل و165 طفلاً فقدوا حياتهم في سجن كراتشي. وبحسب الإدارة العامة لسجون طالبان؛ تحوي السجون الأفغانيّة أكثر من 12 ألف معتقلاً بينهم نساء وأطفال فيما اُعتقلت 800 امرأة خلال عام 2022. وبحسب التقرير السنويّ لوزارة الصحّة لدى طالبان، فقد فقدت أكثر من 500 امرأة حياتها هذا العام أثناء الولادة. ولكن يُقال إنّ الأعداد الحقيقيّة أكبر من هذا.
تأسّس الاتحاد الثوري للمرأة الأفغانيّة (RAWA) في عام 2005 ضدّ ممارسات سلطة طالبان واُستهدف أفراده من قبل طالبان. ويواصل الاتحاد الثوري عمله منزلاً بمنزل سريّاً.
كردستان
تستمرّ مقاومة المرأة في كردستان خلال الـ 40 عاماً الأخيرة بشكلٍ أكثر تنظيماً مقارنةً بدول الشرق الأوسط، إذ تخوض المقاومة ضدّ المحتلّين في جميع أجزائها في سياق تقييمات القائد عبدالله أوجلان التي تفيد بـ "الثورة التي لا تستطيع تحرير المرأة لا تُعدّ ثورة".
باشور (جنوب) كردستان- العراق
تناضل نساء باشور كردستان (جنوب كردستان) ضدّ العقليّة الميهمنة وضدّ المحتلّين أيضاً، إذ تخضن نضالاً ضدّ الاحتلال، العقليّة السياسيّة، الهيمنة والقوانين الذكوريّة. لكنّ الموقف المنقسم للمنظمات النسائيّة في المنطقة يمنع تحقيق وحدةٍ قويّة في مواجهة المشاكل القائمة. ففي باشور وحدها هناك 4 آلاف و514 منظّمة محليّة وأجنبيّة تعمل لصالح المجتمع عموماً فيما تعمل 280 منظّمة في مجال نضال المرأة. لذا من الصعب الحديث عن وجود حركة نسائيّة موحّدة.
تختلف منظمة المرأة الحرّة الكردستانيّة (RJAK) من حيث أنّها قائمة على أساس بناء الوعي بالحريّة وإبراز قوّتها المُنظّمة، لكنّها تقع في مرمى استهداف الحكومة. فقد اُعتقلت العشرات من عضواته ومنعت الحكومة عملهم. كما تُعدّ أكاديميّة الجنولوجيا في الإقليم أيضاً رائدةً على صعيد تنظيم المرأة. هذا واستهدفت دولة الاحتلال التركي العديد من رائدات الجنولوجيا اللواتي ناضلن تحت شعار "المرأة، الحياة، الحريّة". كان آخرها استهداف الأكاديميّة، الناشطة في الجنولوجيا والصحفيّة ناكهان آكارسال بـ 11 رصاصة تسبّبت باستشهادها.
وتُدار المنظمات النسائيّة في باشور كردستان من قبل ضباط رفيعي المستوى بدلاً من النساء. هناك 28 منظّمة مناهضة للعنف ضدّ المرأة لكن للأسف فإنّ 95 بالمائة منها تُدار من قبل الرجال. ومثل هذه المنظمات التي تديرها عقليّة الهيمنة الذكوريّة، لا تكافح العنف ضدّ المرأة، بل تجبر المرأة على التزام المنزل والخضوع لهم. في شهر تشرين الأول المنصرم فقط، وقعت 3 آلاف و291 حالة عنف ضدّ المرأة.
ويزداد العنف ضدّ المرأة بما فيه الختان بشكلٍ مرعب يوماً بعد يوم. وبحسب إحصاءات منظمة وادي الألمانيّة لعام 2022، تمّ في رانيا خارج قلادز وهولير؛ ختان ألف و260 امرأة؛ منهنّ 110 امرأة تتراوح أعمارهن بين 0- 20 عاماً. كما ارتفعت نسبة الزواج المبكّر في باشور كردستان والعراق خلال عام 2022 وتفيد الإحصاءات بأنّه خلال السنوات الـ 10 الأخيرة، تمّ تزويج أكثر من 10 بالمائة من أطفال العراق دون سن 15 عاماً.
باكور كردستان- تركيا
تعدّ باكور كردستان مهد شعار " Jin Jiyan Azadî" إذ كان أوّل مكان رُدّد فيه هذا الشعار خلال مطلع الألفيّة الحاليّة (2000)، كما أنّها منطقة مختلفة من حيث النضال في سبيل المرأة في تركيا. وقد تزايد العنف ضدّ المرأة في ضوء السياسات الخاصة للحكومة التركية وساد الظلم. إذ تُخفّف عقوبات القتلة من الرجال. وتفسح أعذار تبرير الاغتصاب كعدم سلامة الصحّة العقليّة للمغتصب المجال لوقوع المجازر. ووفقاً للتقرير السنويّ لمنصّة سنوقف قتل النساء لعام 2022؛ فقد تعرّضت 334 امرأة للقتل على يد رجال فيما قُتلت 245 امرأة أخرى في ظروفٍ غامضة.
هذا واُعتقل المئات من النشطاء، الصحفيين، السياسيين والبرلمانيين الذين ناضلوا ضدّ هذا النظام. وبحسب بيانات وزارة العدل التركيّة، فقد بلغ عدد المعتقلين والمحكومين في تركيا وباكور كردستان منذ كانون الأوّل وحتّى الآن؛ 336 ألفاً و315 شخصاً. فيما ارتفع عدد المعتقلين والمحكومين خلال آخر 17 عاماً نحو 6 أضعاف.
وتتعرّض المنظمات النسائيّة المناهضة للهيمنة الأبويّة لهجماتٍ ممنهجة ويتعرّض أفرادها للاعتقال. وتنظّم حركة المرأة الحرّة التي أغلقت الدولة مؤسساتها عام 2016 اعتماداً على مبدأ "كلّما تحرّرت المرأة تحرّر المجتمع" نفسها مع الأحزاب السياسيّة والمنصات والمؤسسات والجمعيات النسويّة.
شمال وشرق سوريا- سوريا
انتشر شعار " Jin Jiyan Azadî" في شمال وشرق سوريا أيضاً إذ يتردّد صداها واسعاً في المنطقة. إذ تطوّر النساء اللواتي دافعن عن ثورة 19 تموز ضدّ حكومة دمشق، والدولة التركية ومرتزقتها ومخططاتهم المعادية للمنطقة، نموذجاً جديداً للحياة وتنشرنها عبر نموذج الحياة البيئيّة الديمقراطيّة والحرّة وذلك بالرغم من كلّ الهجمات.
إذ تسعى النساء في شمال وشرق سوريا التي تديرها الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة، إلى تعزيز وحدتهنّ في مناطقهنّ وفي عموم الشرق الأوسط على السواء. فقد أسّسن في عام 2005 اتّحاد ستار، وفي عام 2016 مؤتمر ستار وتعملن على تصدير تنظيمهنّ في المنطقة إلى عموم الشرق الأوسط كما جعلن من وحدة المرأة هدفاً لهنّ. كما تتمتّع المرأة بالاستقلاليّة في الكومينات والمجالس وتُعدّ مؤسسة المرأة السلطة الأولى في آلية العدل. فيما نظّمت النساء المنخرطات في المجالات العسكريّة والأمنيّة أنفسهنّ بشكلٍ لا مثيل له، إذ تنخرط المرأة في صفوف قوى الأمن الداخلي- المرأة، وحدات حماية المرأة، وحدات حماية المجتمع- المرأة.
تأسس مجلس عدالة المرأة ضمن الإدارة الذاتيّة وسنّ قانوناً إيجابياً للمرأة. وأصبح مجلس المرأة في شمال وشرق سوريا الذي يضمّ تحت لوائه جميع نساء المنطقة، هيكلاً يبني وحدة المرأة في المنطقة. هذا وتنص المادة 27 من العقد الاجتماعي في شمال وشرق سوريا والتي تضمن حريّة المرأة وحقوقها على: "للمرأة حقوق سياسيّة، اجتماعيّة، اقتصاديّة، وثقافيّة ويحقّ لها التمتّع بكافة حقوق الحياة". وتبلغ نسبة مشاركة المرأة في جميع مجالات الحياة 50 بالمائة لكنّ هذه النسبة أعلى في بعض المجالات كالتعليم.
حقّقت ثورة المرأة انتصاراتٍ مهمّة في المجالات العسكريّة، الاجتماعيّة والتنظيميّة في شمال وشرق سوريا. وكانت من أوائل الأماكن التي رُدّد فيها شعار " Jin Jiyan Azadî" وذلك خلال محاربة وحدات حماية المرأة لمرتزقة داعش. وأًصبحت هدفاً لعمليات الاغتيال المستمرّة منذ عام 2019 بالطائرات المسيّرة المسلّحة والمفخّخة كما تتعرّض لأساليب الحرب الخاصة. ويواجه هذا النموذج الجديد للحياة والذي أصبح نموذج حياةٍ للنساء في العديد من القارات خطر الإطاحة به يوميّاً.
وبالإضافة إلى الدفاع عن مناطقهنّ وتحقيق المنجزات، تأخذ المرأة في شمال وشرق سوريا على عاتقها مهمّة تحرير منطقة عفرين التي اُحتلّت عام 2018 ومنطقتا سري كانيه وكري سبي اللتان اُحتلّتا عام 2019. فقد حوّلت دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها هذه المناطق التي ترتكب فيها المجازر بحقّ المرأة إلى معاقل لإعادة إحياء داعش والقوى المتطرّفة الأخرى.
والعنصر الآخر الذي يتمّ محاربة عقليته هو حكومة دمشق. فعقلية حكومة دمشق لا تختلف عن عقلية باقي الدول في الشرق الأوسط، كما أنّها تحتلّ المرتبة الثالثة عالميّاً من حيث إنكار حقوق المرأة. وكنتيجةٍ للعقليّة التي تتجاهل المرأة على الصعيد السياسي، تبلغ مشاركة المرأة في البرلمان السوري 11 بالمائة وفي الحكومة 9 بالمائة فقط. ويسعى مجلس سوريا الديمقراطيّة- المرأة إلى حلّ هذه المشكلة من أجل توحيد جميع النساء في سوريا تحت مظلةٍ واحدة.
روجهلات كردستان- إيران
يتولّى نظام الملالي السلطة في إيران منذ 44 عاماً، وقاموا خلال هذه السنوات بشرعنة جميع انتهاكات حقوق المرأة والجرائم التي تتعرّض لها من الاغتصاب إلى الزواج المؤقّت إلى تعدّد الزوجات والزواج المبّكر. ومرّةً أخرى يحمي القانون المجرمين ويعفي عنهم ويشجّع الرجال ولاسيما المسؤولين لدى الدولة على الاغتصاب والتحرّش وممارسة العنف ضدّ المرأة. بين عامي 2017- 2022، تمّ تزويج ما لا يقلّ عن 313 آلف و365 طفلة دون 15 عاماً. وكشفت منظمة حقوق الإنسان الإيرانيّة ومقرّها في النرويج في تقريرها لعام 2022 أنّه تمّ إعدام 11 امرأة و5 أطفال.
تنظّم المرأة نفسها ضدّ هذا النظام بشكلٍ سرّي، لأنّ المنظمات النسائيّة تتعرّض لهجمات الدولة ويتعرّض أعضاؤها للاعتقال. فيما تخضع المنظمات النسائيّة الرسميّة لرقابة دائمة من قبل الدولة وتتحرّك في إطار سياسة الدولة. وتُعدّ منظومة المرأة الحرّة في روجهلات كردستان المنظمة النسائيّة المستقلّة الوحيدة في إيران وروجهلات كردستان.
انتفضت المرأة على هذه الممارسات عشرات المرّات، وقمن بفعالياتٍ قصيرة ومنقسمة بسبب هجمات الدولة. وشكّل اعتقال الشابة الكرديّة جينا أميني البالغة 22 عاماً من العمر من قبل ما يُسمّى ب "شرطة الأخلاق" في طهران في الثالث عشر من أيلول عام 2022 ثمّ مقتلها تحت التعذيب في السادس عشر من الشهر ذاته، الشرارة الأولى لانطلاق الانتفاضة الشعبيّة التي تقودها المرأة ضدّ الدولة الإيرانيّة. وسرعان ما استحوذت هذه الانتفاضة على اهتمام الرأي العام العالمي وانتشر شعار "المرأة، الحياة، الحرية" الذي ابتكره القائد عبدالله أوجلان في جميع أنحاء العالم.
تخطّت الانتفاضة عتبة شهرها الخامس، ولا يزال الشعب يطالب بإسقاط النظام وبناء النموذج الديمقراطي الإيكولوجي بتحرير المرأة. وتنتهج الدولة الإيرانيّة شتّى أساليب العنف لقمع هذه الانتفاضة. فبحسب نشطاء حقوق الإنسان، امتدّت الانتفاضة بين السادس عشر من أيلول 2022 والثاني من كانون الثاني 2023 إلى 161 مدينة، فيما قُتل ما لا يقلّ عن 516 شخصاً 70 منهم دون 18 عاماً واُعتقل 19 ألفاً و204 شخصاً. لكن يُقال إنّ الأعداد أكبر من هذا بكثير. فبعض المصادر تفيد بمقتل 750 شخصاً على الأقل وكشفت إحدى المواقع هويات 601 شخصاً. ولقمع الطلبة الذين يقودون الانتفاضة، يتعرّض الطلبة في المدارس مؤخراً لحالات تسمّمٍ في ظروفٍ غامضة، ويُقال أنّه جرى تسميمهم عن قصد لكنّ السلطات هناك لم تقدّم أي تصريح.
(ر)
ANHA