عباءة السلطان وطربوشه!

يرعد ويزبد كلما لاح في الأفق سرابٌ آخر كذب فيه على نفسه قبل أن يكذب على الآخرين، هذه ليست حال أردوغان فقط، وإنما حال كل من يخلطون بين الأحلام والأوهام، ومن ينظرون إلى أنفسهم وإلى الآخرين بعدستين محدبة ومقعرة، وكأنهم مركز العالم.

عباءة السلطان وطربوشه!
الثلاثاء 11 شباط, 2020   03:28
بشار جرار

سامح الله أوباما على سياسته الخارجية الكارثية التي جعلت من رئيس دولة حيوية في حلف الناتو عرّاباً للربيع العربي المشؤوم بصفته زعيماً عالمياً لتنظيم الإخوان المسلمين، منبع تنظيمات الإرهاب الإسلامي كافة، على اختلاف درجات إرهابهم "الناعم والخشن" كل حسب ظروفه، وهي بلغتهم مدى "إعدادهم" ومدى "تمكنهم"، مسألة توقيت ليس إلا، فلا خلاف بين سلطانهم ومرشدهم وأمرائهم، لكل دوره ومرحلته وأدواته.

أردوغان لم يستوعب الدرس بعد، رغم كل الإشارات همساً وتلميحاً، تصريحاً وتوبيخاً من قبل عدد من القادة الدوليين، من بينهم رؤساء كل من أميركا وروسيا وفرنسا وإيطاليا، واليونان إضافة إلى المستشارة الألمانية الأكثر تهذيباً ولباقة في تعبيرها أكثر من مرة عن امتعاضها من الابتزاز التركي لأوروبا وألمانيا على وجه الخصوص بالتهديد الأمني والديموغرافي المباشر متمثلاً بفتح الباب إما أمام طوفان المهاجرين، أو غض النظر عن تسلل ذئاب منفردة وخلايا نائمة عبر الحدود.

حتى قبل تلقيه الهزائم المحرجة لهيلمان صولجانه في شمال شرق سوريا على أيدي أشاوس قوات سوريا الديموقراطية أو على أيدي الجيشين الروسي والسوري في إدلب، شطح خيال أردوغان ونطح صوب القرم بعد ليبيا والسودان! ولا يعلم السلطان العثماني الجديد أنه بذلك يطيح بيده طربوشاً ما زالت ذنبته السوداء تقطر دماء شعوب عريقة حولها بإرهاب أجداده إلى أقليات فرت إلى الجوار الشامي والعراقي، طلبا للأمن والأمان والستر والرزق.

خطورة تهديدات أردوغان بامتلاكه "خططاً عسكرية" لمواجهة انهيار إرهابيي النصرة ومرتزقته في إدلب لا تقف عن حد إخراجه المذل من سوريا كلياً، وإنما بانتحاره استراتيجياً على الساحات كافة: سوريا والعراق وليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط.

 لن يسمح الرئيسان الأمريكي والروسي في ختام حياتهما السياسية كرئيسين للدولتين الأعظم في العالم، لن يسمحا لأردوغان بقطرة غاز أو نفط واحدة دون ترتيبات خطوط الطاقة والنقل في الإقليم التي تبقى مهمة الكبار فقط.

مشكلة أردوغان بطربوشه "الافتراضي" أن عباءته العثمانية كبيرة، بمعنى الترهل لا العظمة، وهو دائم التعثر بأطرافها حتى أتى يوم انقلب فيه على وجهه في إدلب!