كونفدرالية فلسطينية – أردنية: أمريكا تطرح بند آخر من صفقة القرن.. هل يمكن ذلك؟
في الـ 2 من أيلول/سبتمبر الجاري، كشف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن الإدارة الأمريكية، عرضت عليه إنشاء كونفدرالية مع المملكة الأردنية، وبحسب ما قال الرئيس، فقد رد على المقترح، بالموافقة شرط أن تكون إسرائيل جزءاً منه، فيما يؤكد قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان في إحدى مرافعاته أنه بإمكان الفلسطينيين والإسرائيليين إقامة كونفدرالية.
مصطفى الدحدوح /غزة
هذه الخطوة، توصف أنها ضمن بنود صفقة القرن التي تروج الإدارة الأمريكية لها، وقد تبدت ملامحها إلى حد ما. هذا المقترح، يبعد قطاع غزة عن الخطة، ويقدر مراقبون أن يربط إلى الإشراف المصري، إذا ما جرى الإعلان عن كونفدرالية بين الضفة الغربية والأردن.
وبالعودة إلى ما قبل شهر نوفمبر/تشرين الثاني لعام 2016 كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد قال خلال حملته الانتخابية، إنه يمتلك الحل الأنسب للقضية الفلسطينية وإنهاء الخلاف بشكل نهائي وذلك من خلال إنجاب مشروع كونفدرالية.
وأظهرت إدارة الرئيس ترامب ضخامة وقوة للصفقة المعدَّة للفلسطينيين والإسرائيليين، وانتشرت معها الشائعات والتكهّنات حول مصير الكثير من القضايا الخلافيّة بين الطرفين، وما هي الحلول التي ستطرحها الإدارة الأمريكية من خلال صفقتها، والكونفدرالية بين الضفة الغربية والأردن إحدى نقاطها.
الأردن رد على ذلك، بإعلان رفضه للفكرة المطروحة من قبل الولايات المتحدة، مشدّداً على أهمية بناء الدولة الفلسطينية وفق حدود 1967.
تاريخياً، مشروع الكونفدرالية بين الضفة الغربية والأردن ليس جديداً، حيث شاع المشروع في عهد الملك حسين وذلك حين كانت الضفة الغربية تحت الإدارة الأردنية.
"الكونفدرالية" تعني، إطاراً سياسياً ومؤسساتياً تدمج فيه الدول لتسيير شؤون مشتركة، دون أن تتخلّى أي منها عن أي جزء من سيادتها الوطنية، وإنما يقتصر الأمر على تفويض بعض الصلاحيات ومجالات التسيير للإطار الكونفدرالي، مثل الاقتصاد والمالية والجمارك.
ومن الأهمية توضيح بعض المفاهيم المختلطة، فالفدرالية هي النموذج الذي تحياه الولايات المتحدة من خلال اتحاد عدد من الولايات ذات السيادة المستقلة تتحد جميعها تحت ولاية حكم إداري سلطوي ذي قيمة كبيرة، أما الكونفدرالية فهي اتحاد دولتين بسيادتين متعارف عليهما، متفق بينهما لإدارة مشتركة، والاتحاد الأوروبي هو النموذج الأقرب لذلك.
ويتميز النظام الكونفدرالي باقتصاره على الإطار المؤسّساتي دون ملامسته لتشعّبات الواقع الاجتماعي والسياسي، الذي يبقى تسييره من صلاحيات الحكومات الأعضاء، ظهرت الكونفدرالية صيغة للنظام السياسي في سومر وأثينا وفي سنة 1228 ميلادية مع قيام كونفدرالية ليفونيا التي جمعت 5 وحدات سياسية صغيرة في منطقة البلطيق، وقامت على أراضٍ واسعة منها ليتوانيا وإستونيا.
ومن الجانب الفلسطيني، عبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن موقفه بكل وضوح حول الكونفدرالية بالموافقة حول المخطط ولكن بشريطة تواجد الجانب الإسرائيلي ضمن المخطط وذلك لضمان السيادة الفلسطينية بكل قوة من أي تلاعب دولي بهذه السيادة.
فكرة الكونفدرالية، كانت موجودة على جدول أعمال القيادة الفلسطينية منذ العام 1984، وكان موقف القيادة منذ ذلك الحين بأن حل الدولتين هو المدخل للعلاقة الخاصة مع الأردن إذا حدثت، واعتبرت القيادة الفلسطينية أن قرار الكونفدرالية يقرره الشعبين الفلسطيني والأردني.
سياسياً، يروج أصحاب الحل الكونفدرالي، بأنه قادر على إنهاء الخلافات القائمة، ولكن هناك مشكلة واحدة حقيقية تقف أمام كونفدرالية الفلسطينية الأردنية، وهي قضية اللاجئين والقدس وخاصة مع تزايد الأطماع الإسرائيلية في السيطرة على القدس بشكل كامل وإنهاء حق اللاجئين.
قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان يتحدث في إحدى مرافعاته عن الكونفدرالية الديمقراطية ويشير أنها تمثل الحل المناسب لشعوب الشرق أوسطية والعالم كافة، لأن الكونفدرالية الديمقراطية تعني تنظيم الأمة بدون دولة، والكونفدرالية هي تنظيم الأقليات والثقافة والأديان وحتى تنظيم الجنس إلى جانب التنظيمات الأخرى، ويقول "هذا ما أصفه بالتنظيم الوطني الديمقراطي، بحيث تكون لكل قرية مشاعية ديمقراطية".
ويضيف أوجلان "في يومنا الراهن تبني أوروبا كونفدراليتها، والكونفدرالية الكردية تناسب الشرق الأوسط، والإسرائيليين والفلسطينيين يمكنهم تأسيس الكونفدرالية وبالإمكان الدول العربية الـ 22 تأسيس كونفدرالية أما الأتراك بمقدورهم بناء كونفدرالية ديمقراطية، فمن غير المستطاع جمع مجمل الأمة التركية تحت راية دولة واحدة، فلكل واحدة منهم دولة قومية والأنسب لهم تكوين كونفدرالية ديمقراطية".
الكاتب الإسرائيلي في صحيفة يديعوت أحرونوت، ميرون ربابورت قال إن "فكرة الكونفدرالية القائمة على التعاون الاقتصادي بين الدولتين الفلسطينية واليهودية هي الحل الأكثر واقعية وإمكانية للتطبيق".
وأشار الكاتب أن "يوسي بيلين" أحد رموز عملية السلام في أوسلو، عرض على الزعيم الفلسطيني فيصل الحسيني أواخر ثمانينيات القرن الماضي فكرة الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية كسبيل لمنع قيام دولة فلسطينية، لكن الحسيني حينها أجابه بصورة مفاجئة: أنا أريد كونفدرالية، ولكن معكم أنتم الإسرائيليين”.
وقال ربابورت، وهو أحد رؤساء حركة "الأرض للجميع"، "بعد مرور ثلاثين عاماً على هذا العرض الإسرائيلي، فإنه قدم للفلسطينيين عرضاً مشابهاً يقوم على كونفدرالية مع الأردن انطلاقاً من تلك الدوافع، وأولها منع إقامة دولة فلسطينية فيما رد أبو مازن على هذا العرض بإجابة مشابهة: كونفدرالية نعم، ولكن شرط أن تشمل إسرائيل".
ووفقاً لحديث ربابورت، من الناحية السياسية يمكن القول أن هذا الحل قابلٌ للتطبيق، فقد تبين في استطلاع للرأي أجراه مركز تامي شتاينميتس بجامعة تل أبيب بالتعاون مع مركز استطلاع فلسطيني، أن 30% من اليهود و30% من الفلسطينيين يدعمون هذه الفكرة، حتى إنه في أوساط العرب داخل إسرائيل تصل نسبة التأييد لما يزيد على الضعف.
الرئيس عباس رغم إصراره وموقفه المتشابه مع الحسيني، إلا أنه لا يملك خطوة فعالة أو حقيقية في هذا الأمر، لكن لو حدث فعلاً ووافقت الأردن وإسرائيل، هل سيتخلى الرئيس عن غزة؟
تدفع الأوضاع قطاع غزة نحو الارتباط بمصر، لكن العلاقة القائمة مبنية على حلحلة الأزمات الإنسانية الموجودة في غزة، لذلك هي بعيدة عن مثل هذه المخططات المصيرية.
الخلاصة، من المستبعد أن يجري إنشاء كونفدرالية فلسطينية أردنية، ذلك بأنه حل يقسم المقسم الفلسطيني ويخرج غزة من الحكاية.
(ع م)
ANHA