الحرب في سوريا وتركيا تنهار اقتصادياً!
يوماً بعد يوم تنهار قيمة الليرة التركية وتزداد ظروف المعيشة سوءً في البلاد في ظل الغليان السياسي الإقليمي والحروب المدمرة التي تشهدها المنطقة والتي لتركيا يد كبيرة فيها، فكيف يبدو وضع الاقتصاد التركي مقارنة بسوريا التي تشهد حرباً منذ سبعة أعوام، وما أسباب انهيار الاقتصاد التركي.
كوباني / زانا سيدي
في هبوط تدريجي وتاريخي لقيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي بعد العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على الحكومة التركية أواسط شهر آب/أغسطس من العام الجاري، بعد رفض الأخيرة إطلاق سراح القس الأمريكي أندرو برانسون والذي اعتقل عام 2016 بتهمة التجسس لصالح واشنطن.
أسباب انخفاض قيمة الليرة التركية
ويرى مراقبون بأن فقدان الليرة لقيمتها ترتبط بعدة عوامل تتلخص في الدعم التركي المباشر لعشرات الآلاف من المرتزقة على أراضيها، والذين ينتمون إلى ما يسمى بـ" داعش" لتحقيق طموحاتها في الداخل السوري، وكذلك الحملات العسكرية على قرابة 15 مدينة في شمال كردستان.
فيما خصصت الحكومة التركية تكاليف كبيرة لجرّ آلاف المقاتلين ممن يسمون بـ"الجيش الحر" من مناطق انسحبوا منها كـ حلب وحمص والغوطة الشرقة ودرعا عقب الاتفاق مع روسيا في منصة آستانا، لخوض عملية احتلال عفرين تحت اسم " غصن الزيتون" والتي استخدم فيها الجيش التركي مختلف أنواع الأسلحة والطائرات الحربية.
بينما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على تركيا شملت رفع قيمة الضريبة الجمركية على واردات تركيا من الحديد والألمنيوم، على خلفية إصدار القضاء التركي قراراً يقضي بعدم إخلاء سبيل القس الأمريكي برانسون.
ويقول مراقبون بأن القس ليس السبب الرئيسي وراء لجوء واشنطن إلى فرض عقوبة على أنقرة، إذ يرون بأن العقوبات جاءت تأديبية لحكومة أردوغان بسبب دعمها لإيران خلال فترة العقوبات الغربية على طهران، عن طريق بنك "خلق" الحكومي المتورط بعملية غسيل الأموال بواسطة رجل الأعمال الإيراني والذي يحمل الجنسية التركية رضا الضراب المعتقل في أمريكا منذ ما يقارب العام.
كما أن الميلان التركي صوب موسكو يزعج أمريكا، وخاصة بعد عقد تركيا صفقة شراء منظومة اس 400 الروسية الأمر الذي تراه أمريكا خطراً على حلف الناتو الذي تقوده، كان خلف تشديد العقوبات الأمريكية على تركيا والتي أدت إلى تدهور الاقتصاد التركي.
الدور التركي الخفي والعلني في سوريا
في أواخر شهر آذار/مارس من العام الحالي اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش من مقرها الرئيسي في مدينة نيويورك الأمريكية، الجيش التركي ومرتزقته بالقيام بعمليات سلب ونهب طالت ممتلكات المدنيين في منطقة عفرين بعد أيام من احتلال تركيا للمدينة بعد قصف مكثف عليها.
هذا وتُتهم الحكومة التركية بسرقة مئات المعامل الضخمة من العاصمة التجارية لسوريا مدينة حلب إبان سيطرة "المعارضة" المدعومة من أنقرة على جزء كبير من المدينة.
في حين كشف أمراء لداعش عن تورط تركيا في تقديم الدعم المباشر لهم خلال سيطرة داعش على مناطق واسعة من سوريا والعراق، وخاصة في المعركة التي خاضها داعش في مدينة كوباني وقتل على أثرها 6 آلاف من مقاتليه بحسب مسؤول لداعش كان يتولى المعابر الحدودية عام 2014، والمعتقل لدى قوات سوريا الديمقراطية.
كما ويرى مراقبون بأن الحكومة التركية قضت على "المعارضة السورية" بعد سحب آلاف المقاتلين من العاصمة السورية دمشق، ومحافظة درعا جنوب البلاد بعد اتفاق تركيٍ روسي، وذلك للحفاظ على بقائه في سوريا وتحقيق مطامعه.
ولعل السياسة التركية في سوريا وهي جزء من سياستها الخارجية التي يصفها المحللون بـ"المتخبطة" أثرت على ثقة المستثمرين في الداخل التركي وهو ما ساهم في تراجع الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي.
بعد 7 أعوام من الحرب السورية؛ تركيا تنهار اقتصادياً
انخفضت قيمة الليرة التركية للمرة الأولى في تاريخيها إذ سجل 7.24 لليرة التركية الواحدة مقابل دولار واحد أمريكي، بعد أيام فقط من فرض الولايات المتحدة الأمريكية لعقوبات على تركيا، على خلفية مسألة القس المعتقل.
إذ فقدت الليرة التركية 70 بالمئة من قيمتها منذ بداية العام الحالي، على الرغم من الدعم القطري لتركيا بقيمة 15 مليار دولار، وهذا ما زاد من خوف المستثمرين والتجار من ارتفاع حدة التوتر بين تركيا وأمريكا مما يجعل الاقتصاد التركي أمام انهيار كبير وشيك.
يأتي ذلك في ظل حفاظ سوريا على اقتصادها رغم 7 أعوام من الحرب التي قضت على عشرات المدن وبنيتها التحتية، بينما انخفض مستوى انتاج النفط، والزراعة بعد سيطرة فصائل من المعارضة وبعد ذلك داعش على مناطق واسعة من سوريا.
إذ يعتبر النفط في شمال سوريا الذي يعاني من الحصار المحكم منذ 6 أعوام أقل سعراً من المياه المعدنية، فسعر لتر واحد من مادة المازوت يبلغ 45 ليرة سورية، فيما يبلغ سعر لتر واحد من المياه المعدنية 100 ليرة سورية، فيما وصل سعر لتر الواحد من مادة المازوت في تركيا لـ7 ليرات تركية أي ما يعادل دولاراً واحداً، أو 490 ليرة سورية.
وفي مقارنة بسيطة قد تكشف عن مدى سوء الوضع الاقتصادي في تركيا مقارنة بالوضع السوري، فيقدر الكيلو الواحد للبطاطا في تركيا بأربع ليرات تركية (وهذا أقل سعر علماً أنه أكثر في بعض المدن التركية عن 4 ليرات)، بينما في سوريا لا يتجاوز كيلو البطاطا 125 ليرة سورية كمعدل أي 1,7 ليرة تركية.
وقدر بنك الاستثمار الدولي ديون تركيا الخارجية بـ179 مليار دولار، وهذ ما سيكون أخطر من أزمة هبوط الليرة إذ ما تمكنت الشركات التركية من تسديد تلك الديون.
ونتيجة لذلك عاد أكثر من 18 ألف مواطن سوري في غضون أسابيع إلى شمال سوريا عابرين الحدود التركية من معابر مدن جرابلس وإعزاز، لتردي الأوضاع المعيشية في تلك البلاد.
في الوقت الذي تحدثت فيه أنباء عن نشوب خلافات بين المرتزقة المدعومة من أنقرة في مناطق احتلتها تركيا مسبقاً في شمال سوريا، مطالبين الحكومة التركية تسديد رواتبهم بالعملة السورية بعدما هوت الليرة التركية إلى مستوى متدني.
(ج)
ANHA