باحث يحذّر من مخطط لتهجير المسيحيين من سوريا

حذّر باحث في شؤون الشعوب الأصيلة، من خطر كبير يهدد المسيحيين في سوريا، مشيراً إلى تقلص أعدادهم، ضمن مشروع يهدف إلى تفريغ المنطقة منهم وفرض لون ديني واحد على المشهد السوري، كما حذّر من "الخطر التركي الكبير التي تسعى لإقصاء من يعارض مشروعها الديني المتطرف"، داعياً إلى دعم كل من مجلس سوريا الديمقراطية وقوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية.

باحث يحذّر من مخطط لتهجير المسيحيين من سوريا
الأحد 6 تموز, 2025   06:20
قامشلو
أحمد سمير

تنتاب المسيحيين في سوريا مخاوف متزايدة في ظل استمرار الصراع والاضطرابات، وسط تصاعد التوترات الطائفية وخطابات الكراهية، ما يثير قلقاً حقيقياً على سلامتهم ووجودهم. ويشعر كثيرون منهم اليوم بانعدام الأمان مع غياب الأمن والاستقرار، وقد تفاقمت هذه المخاوف بعد الهجوم على كنيسة مار إلياس في منطقة دويلعة بدمشق.

الباحث في تاريخ الشعوب الأصيلة، حنا صومي، يرى أن ما تشهده مناطق سيطرة الحكومة الانتقالية في سوريا يشكّل انتهاكاً لحقوق ومقدسات الطوائف والأديان والمعتقدات.

وقال صومي: "شهدنا منذ كانون الأول الماضي دخول بعض الفصائل إلى مناطقنا المسيحية، ومنها السقيلبية في ريف حماة، حيث أقدم فصيل إرهابي على حرق شجرة عيد الميلاد أمام أنظار العالم، رغم أنها ترمز للمحبة والسلام ولميلاد السيد المسيح، ملك السلام".

وأشار إلى أن "الاعتداءات بدأت بتكسير الرموز الدينية وتحطيم المقابر وكسر الصلبان، ووصلت إلى عمليات الذبح، ومن ضمنها ذبح رجل وابنه من الطائفة الأرمنية في الساحل قبل عدة أشهر".

وأوضح أن "مجازر عديدة ارتُكبت في دمشق وحلب ومناطق أخرى، وكان آخرها تفجير كنيسة مار إلياس، حيث استُشهد وجرح ما يقارب مئة شخص من طائفة الروم الأرثوذكس، بعدما فجر انتحاري نفسه داخل الكنيسة".

وبيّن صومي أن هناك ما سماه "العنف الفاسد"، وهو أخطر من القتل، موضحاً أنه "يتم عبر التعدي على المعتقدات ونشر خطاب الكراهية، ما أدى إلى احتقان شديد لدى المسيحيين والطوائف الأخرى التي تعاني منذ أكثر من سبعة أشهر من هذا الخطاب الديني المذهبي الأحادي المقيت".

وتابع: "هذه الأمة التي يُراد فرضها، تضم عناصر من الأيغور والباكستانيين والأفغان والتركمان والطاجيك والمصريين والتونسيين، وتعمل على تغيير ديموغرافي واسع، عبر توطين التركمان وغيرهم في مناطق عدة".

ونوّه صومي بأن "المسيحيين موجودون في المنطقة منذ ما قبل التاريخ، منذ أكثر من 12 ألف سنة. في إدلب وحدها، كان هناك 10 آلاف مسيحي، قتلوا أو هُجّروا ولم يبقَ منهم أحد".

وأضاف: "هناك مشروع واضح لتفريغ المنطقة من المسيحيين، بأسلوب ممنهج، من أجل فرض لون واحد يتسيّد المشهد الظلامي الذي نشهده اليوم".

وفي تفسيره للانتهاكات، قال صومي: "شاهدت مقابلة على التلفزيون السوري، سأل فيها صحفي أحد المسيحيين: هل ستهاجر من سوريا؟ هذا سؤال غير مقبول في هذه المرحلة، فكيف تقول له هاجر؟ كيف تشجع السرياني الآرامي، صاحب هذه الأرض، على الرحيل؟".

وأكّد أن عمليات التهجير تجري ضمن مشروع كبير تنفّذه بعض الدول، مشيراً إلى أن ما يحدث اليوم هو تنفيذ عملي من خلال التنفير وخطاب الكراهية وعمليات القتل اليومية، ما يجعل من الصعب على المكونات الأصيلة العيش وسط هذا المناخ الطائفي والمذهبي.

وشدّد صومي: "لا يمكننا العيش مع متطرفين جاؤوا من أقصى الأرض، من الشرق والغرب والجنوب، ودمّروا سوريا بالتطرف".

ويرى أن سوريا تسير نحو مصير مجهول، موضحاً: "حينما يقدّم التركي نفسه لبناء جامع، نقول إن السوريين ليسوا بحاجة إلى جوامع أو كنائس، بل إلى مصانع، ومعامل، وترميم للبنية التحتية، وإلى خبز وغاز وكهرباء مفقودة في معظم سوريا".

وحذّر من "الخطر التركي الكبير الذي يسعى لإقصاء من يعارض مشروعه الديني المتطرف، ويبعد كل المكونات عن صياغة الدستور، ويمنع الشعوب من إحياء ثقافتها، سواء كانوا سرياناً، أرمناً، آشوريين، علويين، دروزاً، أكراداً، إسماعيليين، أو مرشديين".

وقال: "الخطر التركي جاثم على صدورنا، يتحدث عن حلب بوصفها الولاية 82، ويروّج لعودة المدن السورية إلى الإمبراطورية العثمانية، ويحرّك مرتزقته من الحمزات والعمشات لارتكاب المجازر بحق الطوائف".

ولردع هذا الخطر، دعا صومي إلى دعم مجلس سوريا الديمقراطية وقوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، معتبراً أنهم يمثلون البديل الحقيقي للنهج الإقصائي، وقال: "الأرمن، الأكراد، العرب، السريان، الآشوريون، الكلدان، التركمان، الشيشان، وجميع المكونات في شمال سوريا تمكنوا من توحيد صفوفهم ضمن عقد اجتماعي يحفظ الحقوق".

كما دعا الدول الكبرى إلى التدخل لوقف الانتهاكات، مشيراً إلى أن "المجازر، الفساد، السرقات، والاعتقالات الطائفية مستمرة يومياً في سوريا، وهو ما ينذر بمستقبل مظلم إن لم يتحرك المجتمع الدولي".

وأوضح أن "مرتزقة داعش وجبهة النصرة سيطروا على معظم المناطق، باستثناء مدينة قامشلو التي صمدت بفضل وحدة مكوناتها"، وقال: "هذا ما دعا إليه القائد عبد الله أوجلان، الذي أسهم فكره في حماية الأحياء المسيحية من مصير الإيزيديين والآشوريين في الخابور عام 2015".

(ع م)

ANHA