بين الجبهات والوعي الثوري.. جريح لم يُنهِ رصاص الاحتلال رسالته
يُعدّ حسن نواف حاج علي نموذجاً حياً لمسيرة كفاح بدأت من قرية الزيدية بريف زركان، وتنقلت من ساحات الفكر اليساري إلى خنادق القتال خلال الثورة، مجسداً حقيقة أن الثورة لا تقوم إلا على التضحيات، ومؤكداً أن الدفاع عن الأرض والقيم مسؤولية لا مفر منها.

في ستينيات القرن الماضي، فتح حسن نواف حاج علي عينيه على الحياة في قرية الزيدية التابعة لمدينة زركان في مقاطعة الجزيرة، حيث نشأ وترعرع. وهو أب لخمس بنات وشاب واحد.
منذ مرحلة الشباب، تأثر حسن بالفكر اليساري، فانضم إلى الحزب اليساري الكردي في سوريا خلال ثمانينيات القرن الماضي، عقب إنهائه الخدمة العسكرية الإلزامية لدى نظام البعث البائد.
على مدار سنوات طويلة، ناضل من أجل حرية شعبه وقضيته، وتعرض مراراً للملاحقة والمضايقات على يد النظام البعثي، لكنه حافظ على قناعاته الراسخة بعدالة القضية الكردية، متمسكاً بالمقاومة والنضال.
ومع انطلاق الثورة في روج آفا عام 2011، اختار حسن نواف حاج علي أن يأخذ دوره على عاتقه، فانضم إلى اللجان التنظيمية لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) في مدينته. ومع تصاعد الهجمات على المنطقة، لم يتردد في الانتقال من العمل السياسي إلى حمل السلاح، مشاركاً في الدفاع عن سري كانيه وتل تمر، قبل أن يعود بعد التحرير لاستكمال دوره التنظيمي والسياسي.
ولكن تصعيد الاحتلال التركي لهجماته على شمال وشرق سوريا وهجومه على مدينتي سري كانيه وكري سبي في تشرين الأول من عام 2019، دفع حسن نواف، الذي كان يشغل منصب الرئيس المشترك للحزب في مدينة تل تمر، للعودة مجدداً إلى الجبهة.
وخلال التصدي للهجوم، أصيب إصابة بليغة، حيث بُترت إحدى ساقيه، وتعرض لكسور عدة وجروح ما زال يحمل آثارها إلى اليوم، بينما ارتقى سبعة من رفاقه شهداءً.
ورغم الإصابة، لم يتوقف عن نضاله، بل واصل عمله كعضو في كونفدرسيون جرحى الحرب، وعضواً فاعلاً في أكاديميات المجتمع الديمقراطي، وكذلك الأكاديميات العسكرية، مؤمناً بأن الثورة لا يمكن أن تنجح دون تضحيات.
ويقول حسن: "لا تنجح الثورات دون تضحيات، قد تكون التضحيات أي شيء في الحياة. أن تتحلى بالوطنية يعني أن تتحمل مسؤولية حماية الوطن، وقد قدمنا آلاف الشهداء والجرحى من أجل بناء وطن حر يحفظ كرامة الشعوب".
وأضاف: "دولة الاحتلال التركي لا تعادي فقط الشعب الكردي، بل تحارب كل مكونات المنطقة من خلال شن الهجمات، واعتمادها على الإسلام السياسي، واستخدامها المرتزقة لإفشال ثورة 19 تموز".
وشدد على ضرورة حماية المكتسبات، قائلاً: "خوض المعارك في شمال وشرق سوريا بعد اندلاع الثورة كان ضرورة المرحلة، ويعكس مشهداً حضارياً عن تلاحم مكونات الإقليم وتكاتفها في الدفاع عن الأرض، مما أسهم في تحرير المنطقة من إرهاب داعش، وإعادة الحياة إليها".
وختم حسن نواف حاج علي حديثه مؤكداً على المرحلة المفصلية التي يعيشها الشعب، قائلاً: "نمر بمرحلة مصيرية بالنسبة لشعبنا، وعلى الجميع القيام بمهامهم من أجل تحقيق النصر. لقد تعرض الكرد على مر التاريخ للقمع، وفشلت العديد من الانتفاضات والثورات، لكن هذه الثورة هي ثورة الوجود، وعلى الجميع العمل على إنجاحها".
(ح)
ANHA