في عفرين تظهر حقيقة الدول التي صاغت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

بالنظر إلى الأوضاع المأساوية التي تعاش في عفرين من قتلٍ وخطفٍ وتعذيب وقمع الحريات بعد احتلالها، نلاحظ التناقض الكبير في أهداف الدول التي صاغت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

في عفرين تظهر حقيقة الدول التي صاغت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
1 تشرين الأول 2018   02:35

أكرم بركات

بحسب ديباجة القانون نرى بأن الجمعية العامة تنادي بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم، إلا أن هذا القانون لا يطبق بحق الشعب في الشمال السوري الذي يعاني منذ مئات السنين من حالات القتل والتعذيب والتهجير والتغيير الديمغرافي، وما يدل على ذلك احتلال تركيا لعفرين شمال غرب حلب وانتهاجها سياسية التغيير الديمغرافي والقتل والخطف.

متن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبالتحديد في المادة الـ 5 ينص "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطَة بالكرامة"، إذاً بحسب الإعلان يجب أن تكون كرامة الإنسان مصانة، ولكن لنرى كيف تعامل جيش الاحتلال التركي مع أحد مواطني عفرين والذي خُطف هو و27 شخصاً آخرين أثناء محاولتهم الهرب من ممارسات الاحتلال بحق شعب المقاطعة، حيث قضى 65 يوماً في سجون الاحتلال.

المواطن (خ م) من أهالي مقاطعة عفرين تم اختطافه من قبل جيش الاحتلال التركي منذ أكثر من 3 أشهر، وبعد تمكنه الفرار من المقاطعة والوصول إلى مناطق الشهباء، سرد لوكالتنا ما مورس معه في سجون الاحتلال التركي.

وقال (خ م) "عند الوصول إلى السجن أنزلونا من السيارة بشكل همجي مع الضرب وأدخلونا جميعاً في غرفة واحدة بمساحة بطول 3 أمتار وعرض مترين فقط، بعد أن رفعوا الأكياس عن رؤوسنا دون أن يفكوا وثاق أيدينا، وكان بداخلها بطانية واحدة فقط وأحضروا لنا بعض الطعام بعد منتصف الليل، وطلبنا فك أيدينا لنستطيع الأكل، فقالوا لنا (عليكم أن تأكلوا مثل الكلاب)".

صمت الأمم المتحدة حيال هذه الممارسات يدل على اعترافه، واعترافه يعني أنه  تناقض الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

كما تنص المادة 17 والمؤلفة من بندين ينصان على أنه لكل فرد حق في التملك، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره، ولا يجوز تجريد أحدٍ من ملكه تعسفاً. أي أنه بموجب هذه المادة يجب عدم تجريد الفرد من أملاكه وممتلكاته، ولكن ما نرى اليوم في عفرين فإن جيش الاحتلال التركي ومرتزقته نهبوا وسلبوا معظم ممتلكات أبناء مقاطعة عفرين.

مؤخراً وبحسب المعلومات التي حصل عليها مراسلو وكالتنا ANHA فإن جيش الاحتلال التركي أقدم على إخراج أهالي عدّة قرى في ناحية بلبلة كقرى زعره، وهياما، وعلي كارو وخليلكو قسراً، وحولوا قراهم إلى مناطق عسكرية.

المواطنون يخرجون قسراً من منازلهم، وهذا ما لا يقبله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان!.

عدا عن عمليات التعذيب والإهانة والإخراج القسري من عفرين، في كل يوم تتوارد أنباء من المقاطعة، مفادها، اختطاف العشرات من أهالي القرية وبشكل خاص النساء، ففي 27 أيلول اختطف الاحتلال التركي عبر مرتزقة "فرقة الحمزات" المواطنة كوله خليل 45 عاماً وابنتها غزالة سلمو 18 عاماً من قرية برج عبدالو في ناحية شيراوا واقتادوهما إلى جهة مجهولة.

وبالعودة إلى مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومقارنة حالات الخطف التي تحدث في عفرين مع بنود القانون وبالتحديد المادة الـ 18، والتي تنص على أن لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدِّين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.

والمادة الـ 19 تنص على أنه، لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود. إلا أنه لم يتم تطبيق أياً من هذين البندين في عفرين.

أقدم الاحتلال التركي على خطف كل من كان له دور في توعية المجتمع وإرشاده وتعليمه ، وخطف حتى الآن المئات من المدرسين والأساتذة الجامعيين، وكان آخرهم الأستاذ الجامعي رياض ملا.

وبالعودة إلى قوانين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبالتحديد المادة 21 المؤلفة من 3 بنود والتي تنص على أن لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده، إما مباشرةً وإما بواسطة ممثلين يُختارون في حرية ولكل شخص، بالتساوي مع الآخرين، حق تقلد الوظائف العامة في بلده. إلا أنه لم يتم رؤية أياً من هذا في عفرين.

إن ما تم ذكره هي تفاصيل صغيرة جداً لما يحدث في عفرين، إلا أن المنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية وعلى رأسهم الأمم المتحدة والتي تتبنى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان صامتين حيال الانتهاكات التركية في عفرين، وكأنهم لا يرون ما يجري في عفرين.

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يعد وثيقة تاريخية، صاغها ممثلون من مختلف دول العالم، والذي اعتمدته الجمعية العامة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس في 10 كانون الأول/ ديسمبر 1948 بموجب القرار 217 بوصفه أنه المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم، والذي يتعين من مضمونه حماية حقوق الإنسان الأساسية عالمياً.

(ن ح)

ANHA