المعمّر ذو الـ 127 عاماً يتحدث عن حقبة العثمانيين ويكشف خفايا موت السفاح

روى مصطفى محمد حميد المعروف بالشيخ مسطو الذي يبلغ من العمر 127 عاماً ويعتبر اليوم من أحد أكبر معمري العالم الذين ما زالوا على قيد الحياة، ولكن لم ترصدهم عدسات الكاميرات بعد, أبشع الممارسات الطورانيين العثمانية عاشها بنفسه بحق الشعب آنذاك قبل قرن من هذا الزمن, وكشف عن خفايا موت السفاح التي لم تذكر بعد.

المعمّر ذو الـ 127 عاماً يتحدث عن حقبة العثمانيين ويكشف خفايا موت السفاح
الثلاثاء 17 تموز, 2018   04:37

معد سلوم – كلستان محمد / كري سبي

 لم تمح السنون من ذاكرة الشيخ مسطو، فهو يتمتع بذاكرة قوية تنافس ذاكرة الشباب, فقد قال المسطو الكثير عن حياته التي عاشها تحت حكم الكثير من المستعمرين وأشهرهم كان العثمانيين والفرنسيين والانكليز, وتحدث عن عهد الاحتلال العثماني للمنطقة وممارسته للعنف والاعتداء الجنسي بحق الأهالي في أحداث رآها بعينه.

كل من يخالف القوانين العثمانية مصيره ‘‘الخازوق’’ 

عرف الاحتلال العثماني باستخدام الخازوق كوسيلة لتنفيذ عقوبة الإعدام إبان استعمارهم للشعب في سوريا ومصر.

وللخازوق تاريخ طويل في المنطقة, إذ وبعد دخول العثمانيين لمصر والشام, تم استخدام الخازوق على نطاق أوسع, وقد تفنن الأتراك في صنع الخازوق, وأجروا العديد من الدراسات حول استخدامه, وكانت الدولة العثمانية تدفع المكافآت للجلاد الماهر الذي يستطيع أن يطيل عمر الضحية على الخازوق لأطول فترة ممكنة تصل إلى يوم كامل, أما إذا مات الضحية أثناء عملية الإعدام تلك, يحاكم الجلاد بتهمة الإهمال الجسيم وقد يعرض لتنفيذ  نفس العقوبة عقاباً له على إهماله.

الشيخ مسطو كان شاهداً على عدد من حالات الاعدام المماثلة التي تعرض لها كل من كان يخالف قوانين الباشا أو جنوده, حيث تعرض جار عائلة الشيخ مسطو (م ل) للخازوق لأنه  خبئ ‘‘فرارية’’ أي محكومين من عسكر الباشا, ورفض أن يخبر الجنود عن مكان ‘‘الفرارية’’ فكان الخازوق مصيره أمام الشيخ مسطو.

يقول المسطو متذكراً تلك الحادثة: ‘‘عندما كان الجلاد يدق الخازوق، كان (م ل) يصرخ ويقول ‘‘لن أخبركم مكانهم مهما فعلتم بي’’. لن أنسى ذالك الموقف’’. يقولها المسطو وهو يبكي.

اغتصاب النساء من نصيب ‘‘رفيعي المستوى’’ في عسكر الباشا السفاح 

أثناء مبادلة أطراف الحديث، طرحنا سؤالاً على المعمر "مسطو" عما إذا كان هناك اغتصاب من قبل العثمانيين بحق النساء؟, فضحك المصطو وهو يهز براسه يمنة ويسرى وقال لا!, وكانت الإجابة الحقيقة  من فمه ‘‘ليس أي أحد يستطيع اغتصاب النساء. فقط كانوا الباشوات المقربين من الباشا الكبير ‘‘السفاح’’.

كان أحد عسكر الباشا ‘‘رفيع المستوى’’ على لسان المصطو، يضع قبعته على باب المنزل الذي يدخله ليغتصب نسائه وكل فتاة أو امرأة يغتصبها يجعلها تمر من تحت القبعة, وفي هذه العملية إهانة وذل للمنزل ورجاله الذين يشاهدون نسائهم تغتصبن أمام أعينهم.

هجرة المسطو إلى سوريا

كان المسطو يسكن في مدينة رها(أورفا)، وسكن مدينة حران الأثرية التي تقع ضمن ولاية رها وخزان ولا تزال آثار منزل والده موجودة إلى الآن  في مدينة حران.

هرب المسطو من مدينة حران في عام 1915م هو وعائلته خشية على عرضهم أن يغاصب من قبل العثمانيين وترك منزله الطيني البسيط وأرضه في تلك المدينة وجاء إلى منطقة سلوك ‘‘ناحية سلوك’’ الحالية التابعة لمقاطعة كري سبي / تل أبيض التي كانت تحت حكم البدو بقيادة الزعيم مجحم أبن مهيد,  يقول المسطو: ‘‘منطقة سلوك كانت جميلة نظراً لسلوك الماء الذي يجري فيها من تركيا ولكن على مر العصور جف السلوك وأصبحت مجرد أسم’’.

قال المسطو: ‘‘سوقونا العثمانيين على الإبل من أرضنا في حران  وجيء بنا إلى منطقة سلوك واستظلينا بظل دولة ‘‘مجحم أبن مهيد البدوية مصوت بالعشا’’.

معلومة غريبة عن موت الباشا السفاح!

بعد مضي قرن على موت جمال باشا السفاح أحد ضباط الاستعمار العثماني يتحدث المسطو معلومات غريبة عن موت السفاح وكان شاهداً على جثه السفاح بعد موته.

يقول المعمر بأنه بعد مقتل أحمد جمال باشا السفاح لم يلق له كفن لتكفينه فلفوا جثته بقماش أبيض كان يستخدم غطاء في المنام ‘‘وجه للحاف’’.

أحمد جمال باشا 1873- 1922م, ضابط عثماني وأحد زعماء جمعية الاتحاد والترقي ‘‘الباشاوات الثلاث’’ اشترك في ثورة تركيا الفتاة عام 1980م التي أطاحت بالسلطان عبد الحميد الثاني, ثم شارك في الانقلاب العسكري العثماني 1913م ليشغل بعدها منصب وزير الأشغال العامة في العام ذاته, وبعد عام شغل منصب وزير البحرية, وفي الحرب العالمية الأولى تولى قياد الجيش الرابع العثماني 1914 وبعد عام من توليه قيادة الجيش عين حاكماً على سوريا وبلاد الشام وأصبح الحاكم المطلق.

وجاءت تسمية أحمد جمال باشا بالـ ‘‘السفاح’’ نتيجة إقدامه على إعدام عدد كبير من الشخصيات في بلاد الشام ما بين عامين 1915- 1916 بناء على محاكمات عرفية صورية في بلدة ‘‘عاليه’’ اللبنانية, هذا ما جعل اللقب السفاح لصيقاً بجمال باشا.

وذكر التاريخ أن جمال باشا السفاح لم يعمر سوى 50 عاماً, ولكن تلك الفترة القصيرة بالمقارنة مع فترة الحكام التي مضوها قبله كانت كافية ليتقلب في مناصب رفيعة, ويكون شخصية مثيرة للجدل من الطراز الأول.

ذكرت بعض المصادر على الانترنت  التي تحدثت عن قتل السفاح  في مدينة تبليسي 1922م على يد أرمني يدعى اسطفان زاغكيان بسبب أنه واحد من الذين خططوا لإبادة الأرمن ضمن حركة واسعة عرفت بعملية "نيمسيس" أي العقاب طالت جميع المسؤولين عن تلك الابادة.

أما بالنسبة للشاهد المسطو ذكر أشياء لم تتحدث عنها الكتب ولا المصادر التي نشرت على مواقع الانترنت فقد قال أنه كان لجمال باشا السفاح ولد وحيد يدعى عبد الرحمن وقد رآه المسطو على قوله باللغة العامية ‘‘شفته بعيني التي تأكلها الدود هو وأمه في رها(أورفا) بعد مقتل جمال باشا’’.

ويتابع القول ‘‘إجرام الباشا لم تراه العين قط, تعجز الإنسانية عن فعلها حتى داعش في يومنا هذا لم تفعل ما فعله السفاح أثناء حكمه في سوريا، قام بتعذيب الكثير الذي رفضوا طاعته, فكان منهم من يعاقب بـ‘‘الخازوق’’ ومنهم من تنصيل أظافره وكان البعض تغتصب بناتهم ونسائهم أمام أعينهم".

ويضيف بأنه لكثرة أفعال وبطش وظلم السفاح وكان من المخططين لإبادة الأرمن لاقى حتفه على يد أحد الأرمن لم يستطيع المسطو ذكر اسمه ولكن التاريخ ذكره ‘‘اسطفان’’.

يقول المسطو ‘‘بعد ما كان السفاح حاكما من الغرب للشرق مات وما لقي له كفن. مات وكفنوه  بمنطقة ‘‘صفيان’’ الواقعة جنوب شرق سلوك بـ 50 كيلومتر بوجه لحاف منام’’.

وأوضح المسطو أن جثة الباشا بعد تكفينها لم تدفن لمدة اسبوع لأنها كانت مخبأة في إحدى المنازل في قرية ‘‘صفيان’’ لأنها كانت مطلوبة من قبل الباشا الذي تسلم دفة الحكم بعده في الدولة العثمانية آنذاك التي تأمرت في قتله للتخلص منه.

ويذكر المسطو بأن ابنه عبد الرحمن كان يرفض تسليم جثة والده ‘‘السفاح’’ للباشا الذي حكم بعد والده, لخشيته على نفيها وعدم إبقاء قبر له لزيارته, ولكن أمه أي زوجة باشا السفاح كانت تضغط مراراً على ابنها لتسليم جثه والده لهم, لكن الولد كان يرفض مراراً تسليم الجثة.

 (ج)

ANHA