خوشناف حلبو...شهيد معركة الوفاء
بدأ الشاب خوشناف حلبو قصة حياته متأثراً بقضية الوطن التي طالما سعى لحلها، حتى كان له أن يحقق حلمه مع بدء ثورة روج آفا التي أتاحت له فرصة العمل لخدمة وطنه حتى خاض في مرحلة ما من نضاله الحرب ليحمي مناطقه، وكانت معركته الأخيرة هي التي استشهد فيها وهو يحاول استعادة جثمان رفاقه الشهداء من أرض المعركة.
شيندا أكرم /حسكة
لا خلود أبدي لذكرى أكثر من ذكرى الشهيد. ولا تضحية تعلو فوق تضحية الشهيد، الشهداء هم من وضعوا نصب أعينهم واجب خدمة الوطن والدفاع عنه، ولم يروا غير ذلك أي أمر آخر.
الشهيد خوشناف حلبو تتحدث حروف قصته التي نكتبها عن ذكريات وفاء وملاحم فداء خاضها الشاب اليافع ليدافع عن أرضه، أهله وأصدقائه.
خوشناف هو الشاب الذي لم يرضى الخروج من ساحة المعركة متخلياً عن جثامين رفاقه بيد الأعداء، حارب حتى النهاية ليستشهد في تلك المعركة معلناً أن الوفاء هو من ينتصر.
طفولته كانت على غير عادة أي طفل، فتح عينيه على الحياة في الأول من شهر كانون الثاني عام 1995، ليكبر خوشناف حلبو الاسم الحركي لوند حسكة في منزل صغير بكنف عائلة فقيرة الحال بمدينة الحسكة.
ويترعرع في وسط عائلته الوطنية سبعة عشر عاماً وتسعة أشهر، وكان المدلل الصغير بين ثمانية أشقاء شباباً وشابات .
تميز خوشناف بشهامته وروحه الرفاقية العالية، كان المدلل بين عائلته المتألفة من ثمانية أشقاء شباباً وبناتاً.
ذو حس وطني منذ الصغر
تقول شاهة والدة الشهيد لوند، أن ابنها لم يكن طفلاً عادياً في صغره، وتضيف "في عام 1999 عندما اعتقل قائد الشعب الكردي عبدالله أوجلان بعد المؤامرة الدولية كنا جميعنا متأثرون بالحادثة، وكانت المظاهرات تخرج في كل مكان وبعض الشباب أضرموا النيران في أجسادهم، رأيت صدفة في اليوم التالي ابني خوشناف وهو يشعل الكبريت ليحرق نفسه، ركضت إليه مسرعة وأطفأته من النار، وعندما سألته لما فعلت ذلك، قال من أجل القائد".
رضوان رشاد شقيق الشهيد لوند يقول أن عائلتهم كانت من بين أولى العوائل التي تعرفت على فكر حركة التحرر الكردستاني، وهي أولى العوائل التي استقبلت العشرات من كوادر هذه الحركة وساعدتهم في تسيير النشاطات.
ويضيف رضوان "لأننا لم نكن عائلة غريبة عن الحركة، لوند بعمره الصغير بين الرفاق، كان يقول لهم دائماً أنه سينضم إلى الحركة عندما يكبر".
بعد الخروج من الحسكة...العودة إليها كانت بشرط الانضمام للثورة!
بعد أن ترك الشهيد لوند دراسته التي أكلمها إلى الصف السابع الإعدادي، توجه إلى باشور كردستان، وبعد ثلاثة أشهر من العمل هناك، عاد إلى سوريا وقصد دمشق للعمل مع أشقائه.
لكن مع بدء الأزمة في هذه البلاد، وملاحقة النظام للشبان وسوقهم للخدمة الإلزامية، اضطرت عائلة خوشناف لاستدعاء الأخير ليعود إلى مسقط رأسه الحسكة، لكن شرط خوشناف ليقبل العودة كان الانضمام إلى صفوف الثورة في روج آفا التي كانت قد بدأت أولى شراراتها.
وتستذكر ليلى وهي شقيقة خوشناف، لقاءهم الأول بعد عودة شقيقها إلى الحسكة، وتقول "في إحدى الليالي قُرع باب منزلي في مدينة قامشلو، وكانت الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل، فتحت الباب، لأرى لوند حضنته بشوق، وقلت له كيف وصلت إلى قامشلو ألم تتعرض لمضايقات النظام على الطريق فجاوبني ’لا، فرحت كثيراً عندما وصلت إلى مدينة قامشلو وكان لدينا حواجز تفتيش خاصة بنا يفتشون طرق الذهاب والإياب، نحن أصبحنا دولة ولم أدري".
بعد أيام من الاستراحة في المنزل، يقصد خوشناف كتيبة الشهيد هوكر لوحدات حماية الشعب وينضم إليها ليبدأ مشواره في الثورة باسمه الحركي "لوند".
ولم تمضِ أيام كثيرة حتى بات خوشناف جاهزاً فكرياً وعسكرياً للالتحاق بجبهات القتال ضد مرتزقة جبهة النصرة التي كانت تهاجم مناطق روج آفا بين الفينة والأخرى.
زاغروس سرحد أحد رفاق خوشناف الذين حدثت الصدفة وأن التقيا بعد الانضمام لوحدات حماية الشعب.
خاض زاغروس ولوند معاركاً عدة في قرى منطقة ديرك ومنها قرية رميلان باشا التابعة لناحية جلا آغا.
خاض الحرب بأخلاق ثابتة
يستذكر زراغوس سرحد الشهيد لوند بمواقفه الأخلاقية ويقول "عندما كنا نحرر القرى من مرتزقة جبهة النصرة كان الشهيد لوند، يوجه إشارة لجميع الرفاق أنه لابد من الحفاظ على ممتلكات الأهالي الباقية، وهذا واجب أخلاقي على الجميع الالتزام به، كي يعود الأهالي إلى منازلهم.
يستشهد كي لا تبقى جثامين رفاقه الشهداء في أرض المعركة
في الـ 11 من أيلول عام 2013، تشتد الاشتباكات بين مرتزقة جبهة النصرة ووحدات حماية الشعب في قرية رميلان باشا التابعة لمنطقة ديريك بمقاطعة قامشلو، وفي الاشتباكات العنيفة يستشهد بعض الرفاق، وتبقى جثامين العديد منهم في أرض المعركة.
لم يستطع لوند البقاء في مكانه بينما بقت جثامين رفاقه الشهداء في أرض المعركة، لذا توجه مسرعاً ليأتي بهم وقال في آخر لحظاته قبل أن تناله رصاصة الغدر "لن أتخلى عن رفاقي حتى لو استشهدت".
شجرة "لوند"...ذكرى شهيد الثورة
تقول ليلى وهي واقفة على باب المنزل، وحاملة أوراق الشجرة التي زرعتها بيدها بعد استشهاد لوند، أنها زرعت هذه الشجرة أمام منزلها لتبقي على ذكرى شقيقها حية في المنزل.
(ج)
ANHA