رياض درار: الضربة هي لرفض اتفاق آستانا وتركيا ستعود إلى حضن الناتو

هوكر نجار- آزاد سفو/ مركز الأخبار
قال رياض درار أن الهدف من الضربة الثلاثية لسورية هي إشارة إلى الرفض للحل الذي تتقاسم فيه النفوذ الأطراف التي شاركت في آستانا، موضحاً أن الاحتلال التركي سيعود إلى حضن الناتو وتكتفي بما نالت من ترضية من روسيا.
أجرت وكالة أنباء هاوار حواراً مع الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية، رياض درار، حول تداعيات الضربة الثلاثية على سوريا وما تأثيرها على التحالفات التي عقدت قبل الضربة.
نص الحوار على الشكل التالي:
بداية لو تحدثنا عن الأوضاع التي تمر بها سوريا بشكل عام وخروج الجماعات المرتزقة التي كانت تعمل تحت أمرة الاحتلال التركي من الغوطة الشرقية والبلدات التابعة للعاصمة السورية دمشق ، كيف حدث هذا التسليم وما الهدف منه؟
الأحداث بدأت تتجلى عن معنى من معاني إعادة الانتشار بتنسيق تركي روسي وموافقة إيرانية هدفها نقل المقاتلين في الغوطة والقلمون إلى إدلب وجرابلس مقابل تنازلات تسمح بالتمدد التركي في هذه المناطق التي يمنع الوجود الإيراني من تقدمها إلا بحدود ضيقة؛ فنلاحظ أنه لم يسمح بالدخول التركي إلى تل رفعت وهذا إشارة إلى تعقيدات الاتفاق بين الدول الضامنة لخفض التصعيد تمنع تحولها إلى حلف شرقي جديد هدفه مواجهة الولايات المتحدة في سوريا.
هدف تركيا لإقامة كانتون بصبغة إسلامية يجمع المتطرفين مازال موجوداً وهي تعتقد بمقدرتها على إدارة ملف هؤلاء عبر عملائها العاملين في الفصائل والتي تتحكم بهم وبحركتهم وعبر التنظيم السياسي من الإخوان المسلمين الذين يقودون الملفات المدنية ويخترقون المقاتلين بتنوع فصائلهم.
هذه الحسابات المتعددة للأطراف المشاركة جعلت سيناريو حلب يتجدد في غوطة دمشق وكانت عفرين الجائزة التي حصلت عليها تركيا بتواطؤ من الجميع روسيا أولاً ثم الولايات المتحدة التي سكتت، وكانت لعبة أيضاً من روسيا هدفها وضع إسفين في العلاقات المتوترة بين تركيا وأمريكا لكن ذلك لم ينجح تماماً فتركيا أيدت الضربة بعد الكيماوي وهذا يجعل التجاذب مستمراً بين جميع الأطراف حيث الخاسر هم السوريون وحدهم.
ما هو الهدف من هذه الضربات التي شنها التحالف الثلاثي الأمريكي البريطاني الفرنسي على قوات النظام؟
أهداف كثيرة أبرزها الرد على الإهانة التي وجهها التحدي بقصف مواد كيماوية لكل التنبيهات الأمريكية. وأيضاً منها ما يتعلق بروسيا فهي استأثرت بالمسألة السورية وراحت تهدد وتتوعد الأطراف الغربية إن هي تدخلت ولذلك كانت الرسالة أن الحل لا يمكن أن يسير كما تراه موسكو وحلفاؤها بفرضه عن طريق القوة وتغيير مساره من جنيف الدولي إلى مواقع إقليمية ترسم حدوداً للمناطق وتعيد التوزيع الديمغرافي للسكان.
فالضربة هي إشارة إلى الرفض لهذا الحل الذي تتقاسم فيه النفوذ أطراف آستانا. وأكثر من ذلك رفض استغلال الخلافات الغربية مع تركيا لتستجرها إلى جانبها بتقديم إغراءات لم يكن الغرب وأمريكا يوافقون عليها، وقد صرح الرئيس الفرنسي أن أحد الأسباب هو أن الضربة أدت إلى إبعاد تركيا عن روسيا، إذ لا يخفي الفرنسيون امتعاضهم من تداعيات التقارب الروسي - التركي الذي بلغ ذروته في العملية العسكرية التي قامت بها تركيا في عفرين بالتفاهم مع روسيا، وبالفعل فقد أحدثت الضربة شرخاً في العلاقة التركية الروسية حين أيدت تركيا الضربة.
ومن أهداف الضربة أيضاً الدفع إلى خطة سلام لاتغيب عنها الدول الغربية وهذا دفع الرئيس الفرنسي "عراب هذه الضربة" أيضاً للحديث عن مبادرة فرنسية لإيجاد حل سياسي، بما في ذلك الإعلان عن مشروع جديد لقرار في مجلس الأمن لوقف القتال والبدء بمفاوضات جدية من غير شروط، وهذا يستدعي من باريس أن تستضيف مجموعة الخمسة، وهو الحلف الذي يوجه حلف روسيا وإيران وتركيا بغاية إطلاق دينامية سياسية جديدة من أجل حل في سوريا، ولابد من أن يكون لهذه الضربة مثل هذه التداعيات قبل أن تفقد مصداقيتها وتعمل لوقف المسعى الروسي للانفراد بحل.
وقد تبين من الضربة أيضاً أن أمريكا قادرة عندما تريد فهي مازالت تتحكم بخيوط الصراع ويمكنها أن توجه رداً مناسباً لمن يحاول إهانتها، وهذا مافعلته عبر ضربة محدودة، التي لم تقصد التغيير في النظام السوري وإنما التنبيه إلى أنها لايردعها أحد إذا اتخذت إجراءات عقابية لمن يخالف القانون الدولي الذي تريد أن تظهر بمثابة الراعية له.
في ظل الضربة الثلاثية على سوريا وبرأيكم كيف ستكون تداعيات هذه الضربة على الساحة السورية في المستقبل وكيف ستؤثر في التحالفات التي عقدت بين القوات التي تبحث عن حصتها من الكعكة السورية على حساب دم الشعب السوري؟
بين اتفاقات آستانا وسوتشي والمبادرة الخماسية التي أصدرت اللاورقة التي ترسم للحل في سوريا تنافس وصل إلى حدود المواجهة المباشرة والتهديد بالحرب إن تم الاستفراد بأحدها على الساحة السورية؛ فلم يعد إلا التفاهم وعدم تجاهل المصالح الأمريكية والإسرائيلية في أي حل. وطبعاً استخدام الكيماوي على حدود إسرائيل هو أمر لا تسكت عنه لا أمريكا ولا إسرائيل وهذا تطلب موقفاً حاسماً.
إسرائيل تتصرف منفردة في هذه الأثناء مدركة مدى اتفاقها مع روسيا في منع التمدد الإيراني وميليشياتها... ومسار المواجهات هو السعي إلى آلية تفاوض جديدة يشارك فيها الجميع ولا تستفرد قوة بفرض الحل. وهنا ستكون إيران الخاسر الأكبر لأن المطلوب من دول الغرب أن تبعد روسيا عن إيران لتستمر في إدارة الملف السوري.
أما تركيا فهي ستعود إلى حضن الناتو وتكتفي بما نالت من ترضية من روسيا لأنها ستلعب مع الطرف الأمريكي على تفاهمات تضمن لها مكاسب على حدودها بمواجهة أي تمدد أو تهديد كردي كما تراه، وسيكون ذلك بدءاً من منبج فأي تفاهمات ستحصل هذا يرجع لمسار التفاوض وقوة وحركة ودبلوماسية المعنيين.
قبل الضربة على سوريا كانت العلاقات الروسية التركية تمر بفترة يمكن وصفها بالجيدة نظراً للتحالفات التي عقدت بينهم، ولكن بعد الضربة انحازت تركيا للضربة. برأيكم ماهي التداعيات التي ستخلفها هذه الضربة والتصريحات التركية التي انقلبت بين ليلة وضحاها على العلاقة بين تركيا وروسيا؟
أردوغان أكثر الرابحين في هذا التنافس الروسي الأمريكي وهو سيحسم موقفه مع الأمريكان في نهاية الأمر وهو يتحدث عن خارطة طريق ستنفذ في منبج والتفاهم معها لفرض الاستقرار فيها كما يدعي، ويهدد في مواقع أخرى في تل أبيض وفي إدلب. ولن يتخلى عن لعبة المصالح التي يديرها مع الروسي والإيراني، لأنه قادر على خدمتهم في ملف الفصائل وضبطها والمراهنة عليها.
وبالتالي فإن إدارة الصراع ليست بالحروب وحدها فلابد من السياسة والدبلوماسية لمواجهة الموقف التركي. فهناك المصالح وهناك التحالفات الجيدة، ولابد لأبناء الشمال السوري أن يدركوا هذه الأبعاد فالدول لا ضمير لها ولا مشاعر.
(سـ)
ANHA