داليا إبراهيم تحيي حرفة غزل الصوف في تل براك: تراث تتناقله الأجيال
في زاوية هادئة من منزلها في تل براك، تجلس داليا إبراهيم، محاطة بكُرات الصوف الملونة والمغزل. وبين ضحكات أطفالها وتعليماتها لهم، تعود بذاكرتها إلى أيام الطفولة، حيث كانت تراقب جدتها وهي تداعب بأناملها "المرود والخلّال" لتنسج من الصوف قطعاً فنية، تزين جدران البيوت الريفية أو تُهدى في المناسبات.
رغم مسؤولياتها كأم وامرأة عاملة، تواصل داليا إبراهيم، البالغة من العمر 34 عاماً من مدينة تل براك، الحفاظ على حرفة غزل الصوف التقليدية، التي ورثتها عن جدتها منذ الطفولة، لتحوّلها إلى نشاط فني وتراثي يمزج بين الذكريات القديمة والإبداع المعاصر.
وتقول داليا في حديثها لوكالتنا: "تعلمت غزل الصوف من جدتي منذ أكثر من عشر سنوات، وعلى الرغم من عملي بالخياطة، لا أزال أمارس هذه الهواية بشغف. أقوم بصناعة ملابس للأطفال، وقبعات، وأغراض زينة، كهدايا رمزية تعبّر عن روح التراث".
وترتبط حرفة غزل الصوف في الذاكرة الشعبية بصناعة اللباس وأثاث المنازل، وكانت النساء في الأرياف يقمن بتحضير خيوط الصوف من خلال سحبها وفتلها يدوياً للحصول على السماكة المطلوبة، ثم تلوينها وغزلها باستخدام أدوات تقليدية كـ "المرود" و"الخلّال".
وحول تطور الحرفة، توضح داليا: "في السابق كانت العملية مرهقة، من صنع الخيط حتى الغزل، أما اليوم فأصبح بالإمكان شراء الخيوط جاهزة وبألوان متعددة، ما أتاح لنا التركيز على الجانب الإبداعي".
وشاركت داليا في عدد من الفعاليات الثقافية، أبرزها مهرجان "الأمة الديمقراطية" في تل براك العام الماضي، حيث عرضت مجموعة من أعمالها اليدوية، التي لاقت اهتماماً كبيراً من الزوار.
كما تسهم داليا في تدريب الشابات على حرفة غزل الصوف، من خلال مركز الثقافة والفن في مدينة تل براك، حيث تُخرّج دفعة جديدة من المتدربات كل ثلاثة أشهر، في خطوة تهدف إلى ضمان استمرارية الموروث الشعبي.
وتختتم داليا حديثها بالتأكيد على أهمية دعم المؤسسات الثقافية، قائلةً: "الدعم الذي نحصل عليه من مركز الثقافة والفن وغيره من الجهات المعنية يسهم في حماية هذه الحرفة من الاندثار، ويعزز ارتباط الأجيال الجديدة بهويتها الثقافية".
(ح)
ANHA