آفاق كونفرانس وحدة الموقف والصف الكردي- أكرم بركات

آفاق كونفرانس وحدة الموقف والصف الكردي- أكرم بركات
الثلاثاء 29 نيسان, 2025   05:01

عقد كونفرانس "وحدة الموقف والصف الكردي في روجآفايي كردستان"، في مدينة قامشلو بتاريخ 26 نيسان 2025، بمشاركة أكثر من 400 شخصية من مختلف المناطق الكردية في سوريا، بالإضافة إلى ممثلين عن الأحزاب والقوى الكردية والكردستانية، وشخصيات من مناطق سورية أخرى.

خلال الكونفرانس، تم إلقاء كلمات من قبل الوفود المشاركة، وتمت مناقشة وثيقة تفاهم تهدف إلى صياغة رؤية سياسية مشتركة لحل القضية الكردية ضمن إطار سوريا موحدة وديمقراطية لامركزية. كما تم التأكيد على أهمية الحقوق القومية للشعب الكردي، وصون حقوق المرأة والحريات العامة وفقاً للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

وصدر بيان نهائي يدعو إلى اعتماد هذه الرؤية كأساس للحوار بين القوى الكردية وبينها وبين إدارة سلطة دمشق، بهدف بناء سوريا جديدة تتسع لجميع أبنائها دون إقصاء أو تمييز.

تكمن أهمية كونفرانس "وحدة الموقف والصف الكردي في روجآفايي كردستان" في تحقيق التفاهم بين الأطراف السياسية والمجتمعية الكردية في المنطقة، وتوحيد الرؤية تجاه القضايا الملحة للشعب الكردي ومستقبله ضمن سوريا موحدة.

وأسهم الكونفرانس في تقريب وجهات النظر بين القوى الكردية، مما يعزز الموقف الموحد أمام التحديات السياسية والاجتماعية، يوفر إطاراً للتفاهم حول الحقوق القومية، الحريات العامة، ودور المرأة، بما يتماشى مع المواثيق الدولية، وشجع على إقامة حوار بنّاء مع سلطة دمشق لتحقيق أهداف مشتركة للشعب الكردي وجميع مكونات سوريا، ويعمل على تعزيز الاعتراف بالحقوق القومية للكرد ضمن نظام سياسي عادل وديمقراطي.

الكونفرانس لا يمثل فقط فرصة للتعبير عن تطلعات الشعب الكردي، بل أيضاً يسهم في بناء جسور الحوار بين المكونات المختلفة داخل سوريا، مما يسهم في تحقيق الاستقرار والإصلاح السياسي.

وتكمن أهمية الكونفرانس بالنسبة لسوريا في دوره الحيوي لتعزيز الاستقرار، وتحقيق التوافق الوطني، وبناء مستقبل سياسي أكثر انفتاحاً وعدلاً. ويمثل الكونفرانس خطوة نحو تقليل الانقسامات العرقية والسياسية داخل سوريا من خلال تقريب وجهات النظر بين المكونات المختلفة، ويوفر منصة للحوار يمكن أن تمهد الطريق لحل سياسي شامل يجمع بين كل الأطراف السورية ويؤسس لنظام حكم يضمن الحقوق ويمنع التمييز، ويشجع الكونفرانس على صياغة رؤية لامركزية يمكن أن تكون مثالاً لنظام حكم أكثر مرونة وقدرة على تلبية احتياجات كل منطقة في البلاد.

كما ويرسخ مفاهيم احترام الحقوق والحريات العامة والمساواة، مما يدعم تحوّل سوريا إلى دولة ديمقراطية تضع حقوق مواطنيها في المقدمة، من خلال التعاون بين الكرد وبقية المكونات، ويعزز الكونفرانس الثقة المتبادلة ويقلل من التوترات مما يسهم في تحقيق السلام. ويُعد الكونفرانس خطوة مهمة لتحديد ملامح جديدة لسوريا، حيث يمكن أن يصبح نموذجاً لحوار شامل يُثري العملية السياسية ويرسخ روح التعايش بين جميع السوريين.

على الصعيد الكردستاني

تكمن أهمية الكونفرانس بالنسبة لباقي القوى الكردستانية في تتجاوز حدود روج آفا، إذ يحمل أبعاداً استراتيجية وسياسية تعزز التفاهم والتعاون الكردي على مستوى المنطقة، ويُعتبر فرصة لتوحيد المواقف بين القوى الكردية في روجآفا وباقي أجزاء كردستان، مما يعزز التضامن ويقوي المواقف المشتركة، كما أن صياغة رؤية سياسية متفق عليها قد تؤثر على العلاقات مع الدول التي تضم أجزاء من كردستان، مثل تركيا، والعراق، وإيران، مما يساعد في خلق توازن سياسي يخدم مصالح الشعب الكردي ويسهم بشكل واضح في تعزيز الحوار بين القوى الكردية في سوريا وبين الأحزاب الكردستانية الأخرى، ولتوحيد الرؤى تجاه القضايا القومية والحقوق السياسية ويدعم الكونفرانس توجيه جهود القوى الكردستانية نحو تحقيق الأهداف الكردية بشكل متكامل، مع التركيز على الاعتراف الدولي والقانوني بحقوق الكرد.

والأهم ربما على المستوى الكردستاني، يوفر الكونفرانس منصة لعرض تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية، مما قد يلهم القوى الكردية الأخرى لتطوير نماذج مشابهة تُعزز حقوق الكرد، ويُعد أداة لتعزيز التعاون والتفاهم بين القوى الكردية في جميع أنحاء كردستان.

نداء القائد

نداء القائد عبد الله أوجلان للسلام والمجتمع الديمقراطي كان له تأثير كبير على عقد كونفرانس "وحدة الموقف والصف الكردي في روجآفايي كردستان". النداء لم يكن مجرد دعوة نظرية، بل كان بمثابة خريطة طريق ألهمت القوى الكردية لتوحيد صفوفها والعمل على تحقيق رؤية مشتركة، حيث دعا إلى تعزيز الديمقراطية والسلام كوسيلة لحل القضايا العالقة، بما في ذلك القضية الكردية، وأكد على أهمية الحوار والتفاهم بين المكونات المختلفة.

كما أن للكونفرانس تأثير على المستوى الإقليم والعالمي في مجالات مختلفة، ومن شأنه أن يعزز اهتمام المجتمع الدولي بالقضية الكردية كجزء من نقاشات أوسع حول حقوق الإنسان، مما قد يؤدي إلى ضغط دولي نحو إيجاد حلول عادلة، كما يمكن أن يُعد الكونفرانس نموذجاً يُلهم حركات ومجتمعات أخرى حول العالم تسعى إلى تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية من خلال الحوار والتفاهم، ونجاح هذه المبادرة قد يدفع الدول والمنظمات الدولية للنظر بشكل أعمق في السياسات التي تتعلق بالاستقرار الإقليمي، ما قد يؤدي إلى دعم أكثر جدية للحلول السياسية والديمقراطية، وقد يسهم بشكل اكبر في نقل تجربة الإدارة الذاتية والمشاركة المجتمعية إلى العام، وقد تثير اهتمام دول ومنظمات تسعى إلى نماذج بديلة لحكم أكثر عدلاً وشمولية.

وفي حال تمكن الكونفرانس من تقوية الوحدة بين الكرد والمكونات الأخرى في سوريا، فإن ذلك يُمكن أن يسهم في تحقيق سلام أوسع في المنطقة، وأن يُحدث تأثيراً إيجابياً ليس فقط على الصعيد المحلي أو الإقليمي، بل أيضاً كإضافة مهمة للنقاشات العالمية حول القضايا الإنسانية والديمقراطية.