الصراع على الشرق الأوسط وثرواته يطيل الأزمات والحروب
تستمر الصراعات والنزاعات في الشرق الأوسط دون أي أفق لحلها، وكل ذلك يرجعه مراقبون إلى تحوّل المنطقة إلى ساحة صراع دولية للسيطرة على المنطقة وثرواتها عبر إطالة الأزمات وإثارة النعرات القومية والطائفية.

ويؤكد مراقبون أن كل الأزمات التي تشهدها المنطقة بشكل عام جزء من صراع دولي وإقليمي لتحويل المنطقة إلى بؤرة من الأزمات التي لا تنتهي بما يسهل استنزاف مواردها ونهب ثرواتها، ولشكل أنظمة الحكم فيها، المبنية على أساس الهيمنة.
لعنة الجغرافيا
يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مؤتة الأردنية، الدكتور إياد المجالي أن حالة الصراع القائم في المنطقة هي لعنة الجغرافيا التي تدرك أهميتها محاور إقليمية مهمة، والتي لا يمكن النظر لها بتجرد أو بمعزل عن حالة التنافس الإقليمي والدولي في بؤر متعددة من الشرق الأوسط.
وقال لوكالتنا: "ما تشهده المنطقة ارتداد منطقي لاستراتيجية القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة بإبقاء المنطقة في صراع وتوتر لتتمكن من أحكام سيطرتها وتحقيق أهداف محددات السياسة الخارجية، وتمكين نفوذها على الممرات المائية وطرق الملاحة الدولية وعلى ثروات المنطقة".
ويعتقد الباحث أن "ما تشهده المنطقة من أنماط الصراع القائم متعدد الأشكال تصب جميعاً في مصالح القوى الكبرى عبر حرب الإنابة".
احتلال جديد
ويرى الباحث المصري في العلاقات والأزمات الدولية، هاني الجمال، أنه "منذ اللحظة الأولى التي شعرت فيها القوى الكبرى في ذلك الوقت إنكلترا وفرنسا بكراهية العرب لهم وأن مدة بقائهم في المنطقة بالشكل التقليدي سوف يزيد من حالة الاحتقان ضدهما خاصة بعد نجاح الثورة العربية ومحاولة تشكيل كيان عربي يساهم في مجابهة الكبار بدأت القوي الكبرى تغيير استراتيجيتها في التعاطي مع منطقة الشرق الأوسط ".
وقال لوكالتنا "بدأ البحث عن طريقة جديدة تجعل المنطقة العربية في حالة صراع مستمر، وتعددت صور هذا الصراع بداية من الصراع العربي الإسرائيلي والانحياز الكامل للجانب الإسرائيلي، سواء تمييزه نسبياً بالأسلحة المتطورة أو من عدم تنفيذ القرارات الدولية ضده من خلال الفيتو، وتارة أخرى الصراع العقائدي بين السنة والشيعة والذي مزق العديد من البلاد العربية، وتارة ثالثة صراع على الزعامة العربية وهو ما أوجد جفاء بل نزاعات عربية عربية".
وتابع" كما أُشعلت الصراعات الأثنية بين العرب والكرد أو الإيزيديين أو البدون أو الأمازيغ أو العلويون أو الدروز وغيرها من الصراعات التي تعمل على تأجيج الوضع في المنطقة العربية وهو ما ينسحب الآن على الوضع في لبنان وحالة الفراغ الرئاسي وتمدد حزب الله وتغوله على السلطة مستنداً على القوة الايرانية في مواجهة القوى الداخلية المدعومة من فرنسا أو السعودية وبالتالي صار لبنان جرح لا يتوقف نزيفه".
وأشار إلى أن "نفس الوضع صار في سوريا ومحاولة تقليم أظافرها سواء من خلال إعادة انتشار جيشها في لبنان ودخولها في خصومة طويلة مع القوى السياسية الداخلية، وتحوّل المجتمع السوري بعد الثورة الشعبية إلى بؤرة صراع إقليمي بين إيران وتركيا وصراع دولي بين أمريكا وروسيا في ظل حالة الفراغ الأمني، هذا إلى جانب قمع حرية الكرد في تأسيس وطن قومي لهم أو الدخول في نظام سياسي جديد يعتمد على الكونفدرالية والاستفادة من ثرواته الطبيعية في مواجهة الاستيلاء عليها فضلاً عن الاًزمة الكبرى وهي توطين الجماعات الإرهابية ذات الأجندات الدولية".
وحسب الباحث، فإن "نفس الأمر تكرر في السودان الذي سيطرت عليها جماعة الإخوان المسلمين إبان حكم البشير والمساهمة في تقسيمه جنوباً وشمالاً ثم تصاعد الأزمة في دارفور ومحاولات الانفصال المتكررة، وإجهاض مكتسبات الثورة الشعبية ضد البشير ومحاولة تأسيس دولة مدنية في المنطقة العربية وصولاً إلى الصراع الراهن بين الجيش السوداني وقوات الدعم وهما أيضاً ينفذان أجندات دولية وإقليمية".
كما تطرق الباحث إلى الأوضاع بليبيا وأفريقيا قائلاً "الأزمة في ليبيا دخلت نفقاً مظلماً بعد الثورة على القذافي وأصبحت مسرحاً للصراع الإقليمي بين تركيا ومصر وصراع دولي بين روسيا ضد أمريكا وأوروبا"، لافتاً إلى"أن نفس الأوضاع تشهدها منطقة القرن الأفريقي التي يستعر فيها الصراع بين روسيا والصين من جانب وأمريكا والدول الغربية من جانب آخر، حيث يسعى الجميع إلى نهب ثروات المنطقة واستنزاف مواردها الطبيعية ومحاولة تسكين العملاء الخاضعين لهم في سدة الحكم".
ويعتقد الباحث أن "العامل المشترك في كل هذه الأزمات هو المنظمات الدولية المسيّسة والتي تغض الطرف عمّا يحدث في المنطقة العربية في حين انها اشتطات غضباً عما يحدث في أوكرانيا فكل الأزمات في المنطقة العربية خلف ستائرها مخطط دولي وإقليمي لإنهاكها باستمرار".
(ي ح)