كافحت من أجل رعاية أطفالها، تعيش مرتاحة الضمير ولا تطلب سوى السلام

من أجل رعاية وتربية أولادها، تحدت الأم وردة العادات والتقاليد السائدة، كافحت حتى كبر أولادها، وهي الآن وقد بلغت الـ 90 لا تطلب سوى السلام.

كافحت من أجل رعاية أطفالها، تعيش مرتاحة الضمير ولا تطلب سوى السلام
كافحت من أجل رعاية أطفالها، تعيش مرتاحة الضمير ولا تطلب سوى السلام
الأحد 30 يلول, 2018   04:15

أحمد رشيد/حلب

فرضت العادات والتقاليد على المرأة بحجة حمايتها، فيما تسعى المرأة إلى الاستجابة لنداء واجبها الإنساني وتتحدى العادات وتكافح من أجل حياتها وحياة أسرتها، وهذه هي قصة الأم وردة الخلف بن جاسم.

تبلغ الأم وردة الآن 90 عاماً، وهي من أهالي قرية مكحلة التابعة لمدينة حلب. عندما كانت وردة طفلة صغيرة لم يكن يوجد مدارس في قريتها، كما لم يسمح سوى للأطفال الذكور بارتياد الجامع وتعلم قراءة القرآن على يد أئمة الجوامع.

تزوجت وردة حين كان عمرها 17 عاماً وأنجبت 7 أطفال (3 إناث و 4 ذكور)، توفي زوجها حين كان أكبر أبنائها يبلغ من العمر 12 عاماً فقط، ومن ذلك الوقت تكافح وردة من أجل تربية ورعاية أبنائها.

المجتمع يفرض العادات البالية

وتسرد الأم وردة ما تعرضت له من معاناة خلال كفاحها المتواصل من أجل رعاية أبنائها "قبل وفاة زوجي كان يعمل في البلدية وكنا نؤمن معيشتنا من راتبه الشهري، وعندما توفي زوجي عملت أنا بدلاً عنه في البلدية. لم يكن عمل المرأة مقبولاً ومستحباً في المجتمع في ذلك الوقت، كانوا يفرضون علي على الدوام أن أتزوج مرة أخرى. لم يكونوا يثقون بقدرتي على تحمل أعباء رعاية أطفالي. كان  لدي 3 بنات أصغرهن كانت تبلغ وقتها شهرين فقط، لو أنني استجبت لرأي المجتمع المحيط بي وقبلت الزواج لكانت بناتي بقين بلا معيل ولتعرضن للعديد من المحن والمصاعب."

تكافح من أجل مستقبل بناتها

تكافح الأم وردة طويلاً من أجل مستقبل بناتها، في كل صباح وقبل أن تغادر إلى مكان عملها تنظف المنزل وتعد طعام الفطور لأولادها ومن ثم تصطحب ابنتها الصغرى معها إلى العمل. في بداية عملها كانت تتقاضى مبلغ 4500 ليرة سوريا كراتب شهري، وبهذا الراتب كانت تعيل أطفالها، أرسلتهم إلى المدرسة وسعت إلى تأمين كافة متطلباتهم بحسب إمكانياتها. كانت متعلقة كثيراً بأطفالها "كان الموت أفضل لي من أن أتزوج وأترك أطفالي يشردون في الشوارع".

أولادها ناجحون في دراستهم

كافحت الأم وردة لوحدها طيلة 25 عاماً وتمكنت من إدارة شؤون أسرتها ورعاية أطفالها وتعليمهم، والأطفال بدورهم كانوا ناجحين ومجتهدين في الدراسة، اثنتان من بناتها درستا التمريض فيما درس أحد أبنائها الحقوق ويعمل محامياً.

لا تطلب سوى السلام

خلال حياتها انتقلت عائلة الأم وردة إلى مدينة حلب حيث سكنت في حي الأشرفية وفي حي بني زيد، في تلك الأحياء تعرفت على جيرانها الكرد. تقول الأم وردة إن جيرانها الكرد كانوا دائماً يساعدونها ويمدونها بالعزم والروح المعنوية. ومع اندلاع المعارك في حي الأشرفية عام 2012 نزحت الأم وردة إلى حي الشيخ مقصود، وكافحت مع بقية أهالي الحي وقضوا معاً أياماً وليال مليئة بالصمود والمقاومة.

عملت الأم وردة في البلدية لمدة 55 عاماً، وبلغ أعلى راتب لها 9 آلاف ليرة سورية، وتجاوزت العديد من العقبات، ولم تشعر يوماً بالندم لأنها لم تتخلى عن أطفالها، لذلك فهي تعيش مرتاحة الضمير.

 تزوج أبناء وبنات الأم وردة، ولديها الآن 60 حفيداً، وأمنيتها الوحيدة هي انتهاء الحرب في سوريا استتباب الأمن والسلام.

(ك)

ANHA