الزراعة في الرقة تشهد نشاطاً بعد التحرير

شهدت الزراعة في الرقة وريفها تراجعاً ملحوظاً في السنوات السابقة، والذي أثر بشكل سلبي على معيشة الأهالي لأنها تعتبر العمود الفقري لاقتصاد الرقة، حيث دمرت المرافق الزراعية من جسور ومضخات, فيما بدأ النشاط يعود للزراعة في الرقة بعد التحرير.

الزراعة في الرقة تشهد نشاطاً بعد التحرير
الزراعة في الرقة تشهد نشاطاً بعد التحرير
الزراعة في الرقة تشهد نشاطاً بعد التحرير
السبت 14 تموز, 2018   04:48

خالد الجمعة الرقة

تعتبر الرقة من المدن السورية المتميزة بالزراعة حيث يعتمد غالبية أهالي الرقة على الزراعة في معيشتهم ومنذ القدم يمارسون الزارعة، وانتعشت الزراعة خلال السنوات التي سبقت الحرب في سوريا، نتيجة توفر مقوماتها كافة من سماد ومبيدات حشرية وتربة صالحة للزراعة وخاصة على ضفتي نهري الفرات والبليخ.

المحاصيل الزراعية الأكثر إنتاجاً في الرقة

يعتبر القمح من أكثر المحاصيل الزراعية إنتاجاً في أرياف الرقة وأغلب الفلاحين في الموسم الشتوي يزرعون القمح بنوعيه (القاسي والطري) ويزرع رياً أو بعلاً، والري يكون عن طريق المضخات  أو عن طريق الري بالراحة (المتمثل بقناة ري البليخ ) بالإضافة إلى الزراعة على ضفتي الفرات والبليخ عن طريق الري بمولدات الديزل وبلغ متوسط الانتاج حوالي 700 كغ للدونم الواحد.

يأتي في المرتبة الثانية القطن أو ما يسمى في الرقة بالذهب الأبيض، يزرع الأهالي في الرقة القطن في الموسم الصيفي ويعملون عليه لمدة 4 أشهر منذ زراعته إلى حين قطافه وكان يبلغ إنتاج الدونم الواحد من القطن 600كغ.

تأتي بعده الخضروات بجميع أنواعها وتتم زارعة الخضروات في أرياف الرقة ولكن الريف الجنوبي لمدينة الرقة بجانب نهر الفرات هو المركز الأساسي لزراعة الخضروات، خاصة في مناطق الكسرات التي تشتهر بزراعة الخضروات منذ القدم وذلك لقربها من نهر الفرات وإنتاج أراضي الكسرات يغطي حاجة أهالي الرقة بشكل كامل من جميع أنواع الخضار.

كميات الإنتاج في ظل احتلال داعش

بعد احتلال مرتزقة داعش لمدينة الرقة وريفها تدنى مستوى الزراعة في الرقة، وبلغ إنتاج الدونم الواحد من القمح 300  كغ بعدما كان ينتج 700 كغ والقطن تدنى من 600 كغ إلى 200 كغ في للدونم الواحد.

وشهد محصولا الشوندر السكري والذرة الصفراء تراجعاً كبيراً بعدما كانت تشغل مساحات زراعته في الرقة وريفها 22 ألف هكتار وإنتاج 134طن ذرة في عام 2011 أما بعد عام 2011  وبعد تدمير مجفف الذرة الصفراء في القصف العشوائي, أصبحت الذرة الصفراء لا تزرع سوى للعلف بعدما كانت من المحاصيل الزراعية ذات الإنتاج العالي في أرياف الرقة.

أما بالنسبة للشوندر السكري ولكثرة إنتاجه في الرقة فقد تم بناء معمل لتكرير السكر بطاقته انتاجية بلغت  4 آلاف طن في اليوم، وفي عام 2011 زرعت المحافظة ألف هكتار وأنتجت نحو  330 ألف طن من الشوندر السكري،  إلا أن المعمل تعرض للدمار نتيجة قصفه من قبل  الطائرات الحربية للنظام السوري ومن ذلك الحين لم يزرع في الرقة أي دونم من الشوندر السكري .

أسباب تراجع الزارعة في مدينة الرقة 

تراجعت الزرعة في الرقة  مع بدء الأزمة السورية وذلك بسبب انقطاع الكهرباء المستمر عن مضخات المياه التي كانت تعمل على مدار الـ24 ساعة وانخفض الإنتاج بمعدل 200 كغ من كل دونم لجميع المحاصيل الزراعية مما أدى إلى  إلى خسارة الفلاحين في معظم المحاصيل التي قاموا بزراعتها.

تدهور الزارعة في ظل احتلال مرتزقة داعش

 لاقى الفلاحون في ظل احتلال مرتزقة داعش الويلات لكثرة الضرائب والغرامات المالية التي كان يفرضها مرتزقة داعش عليهم وتدني أسعار المحاصيل الزراعة بسبب السعر الزهيد الذي كان مرتزقة داعش يشترون به المحاصيل من الفلاحين قسراً ويتم نقلها من الرقة إلى العراق.

وفرض مرتزقة داعش الحصار على أهالي الرقة لمدة 4 سنوات متتالية وكانوا يمنعون الأهالي من بيع محاصيلهم في الخارج أو شراء أي شيء من خارج المحافظة. والسبب الرئيسي في تدني الزارعة في تلك الفترة هو انقطاع الأسمدة والمبيدات الحشرية  وغلائها في حال توفرت  حيث بلغ سعر الطن الواحد من السماد مليون ليرة سورية هذا إن توفر، وكان مرتزقة داعش يفرضون العقوبات على التجار الذين يجلبون السماد من مناطق سيطرة النظام السوري، والأحوال المادية لأهالي الرقة لا تسمح لهم  بشراء السماد بهذا السعر لأن الإنتاج لا يغطي جميع مصاريف الموسم بكافة أنواعه وجميع المحاصيل الزراعية بحاجة للسماد باستثناء البقوليات.

كما ولجأ الأهالي إلى زراعة البقوليات لأنها لا تحتاج للأسمدة وذلك لتوافر مادة الأزوت فيها والتي تجعل البقوليات تعطي الأرض القليل من الخصوبة وتزرع في الشتاء حيث يزرع أغلب الأهالي محصول القطن في نفس الأرض التي زرعت بها البقوليات لأنها تساعد في إنجاح موسم القطن.

 الخطوات الأولى التي اتخذت لدعم الزراعة بعد تحرير مدينة الرقة

بعد تحرير الرقة بشكل كامل من مرتزقة داعش بتاريخ 20- تشرين الأول 2017 على يد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية بدأت لجنة الري التابعة لمجلس الرقة المدني بإصلاح مضخات مياه الري حيث فعّلت العديد من مضخات مياه الري ومنها ( مضخة بئر الهشم التي تروي 10آلاف هكتار ومضخة الجروة ومضخة اليمامة ومضخة الرفع العالي والمضخة الخامسة) وجميعها تروي آلاف الدونمات في الرقة وريفها.

وبهذا الخصوص تحدث الرئيس المشترك للجنة الزارعة التابعة لمجلس الرقة المدني محمد ويسو الذي قال " بعد تحرير مدينة الرقة بدأت لجنة الزراعة بعملها وقمنا بجولات عديدة على الأراضي الزراعية ووجدنا أن جميع الأراضي كانت قاحلة وذلك بسبب تدمير داعش جميع البنية التحتية التي تدعم الزراعة من مضخات ومنظمات مياه.

وذكر محمد ويسو بأن " لجنة الزارعة تسعى إلى تحسين الواقع الزراعي للموسم القادم وهي تعمل جاهدة على تأمين الأسمدة والبذور بأقل ثمن ممكن بما يتناسب مع احتياجات الفلاحين.

وبعد إصلاح مضخات الري في أرياف الرقة بدأ الأهالي في مدينة الرقة بإعادة تأهيل أراضيهم ودعمها بالأسمدة التي حرمت الأراضي منها على مدار 7 السنوات الماضية وعادوا إلى  زراعة المحاصيل التي كانوا يزرعونها في السابق باستثناء الشوندر السكري لعدم وجود معمل لتكرير السكر في المحافظة بعدما تم تدميره.

وعملت لجنة الزارعة التابعة لمجلس الرقة المدني على تأمين البذور والأسمدة للتجهيز للمواسم القادمة وقامت بتغيير نوعية البذار التي كان أهالي الرقة يعاودون زراعتها نفسها لمدة 7سنوات فأصبح إنتاجها متدنياً وذلك لتكرار زراعة نفس البذور في الأرض وغياب الأسمدة التي تساعد على نمو البذور وتزيد من إنتاجها, وتسعى اللجنة إلى تأمينها بأسعار متناسبة مع أوضاع الفلاحين.

وبعد تحرير الرقة من مرتزقة داعش بدأ فلاحو الرقة بزراعة المحاصيل الزراعية وشراء المكون الأساسي الذي يجعل من الزراعة ناجحة، ألا وهو السماد وبدون الأسمدة لا يمكن للأراضي في ريف الرقة أن تعود كما كانت بسبب انقطاع الأسمدة عنها طيلة السنوات الماضية وغلاء أسعارها، أما الآن فبات سعر الأسمدة منخفضاً جداً ومتناسباً مع أوضاع الفلاحين وبلغ سعر الطن من السماد في الوقت الحالي حوالي 280ألف ليرة سورية بعدما كان يباع بما يقارب مليون ليرة سورية, وجميع المحاصيل الزراعية في الرقة تحتاج إلى الأسمدة باستثناء البقوليات.

وفي الوقت الحالي أهالي الرقة وريفها مستمرون في زراعتهم آملين أن يهل عليهم هذا الموسم بالخير ويعوض خسارتهم في المواسم التي مضت، ولكن هناك بعض مخاوف من انخفاض منسوب مياه نهر الفرات الذي إذا استمر على هذا الحال فسوف ينخفض منسوب المياه كثيراً، بعد قطع مياه الفرات من قبل الدولة التركية، ولن يستطيع الفلاحون أن يرووا محاصيلهم بالشكل المطلوب وسيؤدي إلى ضعف كميات الإنتاج، مع العلم بأن الدولة التركية قامت بتخفيض كميات المياه التي تمر إلى الشمال السوري بدافع خلق المشاكل  والإضرار  بالمناطق الزراعية،  لكن رغم هذا الحصار المفروض على المياه زرع أهالي الرقة  آلاف الهكتارات من القطن والذرة ويعملون بكل نشاط لأجل تحسين واقعهم الزراعي.

(سـ)

ANHA