أم إعلامية أظهرت حقيقة ثورة شعبها في أصعب الظروف

أم لمناضل وعملت إعلامية بهدف إظهار حقيقة ثورة شعبها، جرأتها جعلتها تكشف الستار عن جريمة النظام السوري بحق الأستاذ عثمان دادلي، عدستها نقلت حقيقة أهالي حلب أثناء انتفاضة قامشلو حين غياب الضمير الإعلامي آنذاك، إنها الأم مريم بلال.

أم إعلامية أظهرت حقيقة ثورة شعبها في أصعب الظروف
22 نيسان 2018   04:05

محمد عبدو – أحمد رشيد

حلب

الأم مريم بلال تبلغ من العمر خمسة عقود أم لثلاثة فتيات وشابين أحدهما هو المناضل خمكين زيلان الذي استشهد في جبهات المقاومة بحي الشيخ مقصود بحلب.

لقد عملت الأم مريم إلى جانب أنها ربة منزل، في مجال الإعلام المرئي فقد كانت عين للحقيقة أثناء فرض النظام لمختلف الأحكام الظالمة على أبناء الشعب الكردي بمدينة حلب.

وتبدأ قصة الأم مريم في عام 2003 عندما يعود زوجها حسين شيخو الذي يعمل في اليونان ويقدم لها كاميرا منزلية كهدية، فتعمل مع أعضاء حركة حرية كردستان لتنظيم اجتماعات كانت سريةً تلافيا من اعتقالات النظام السوري آنذاك وكانت توثق الأم مريم جميع هذه الأنشطة بكاميرتها البسيطة وترسل الفيديوهات إلى قناةROJ TV  حينها، فكانت الإعلامية الأولى لقناة كردية بحلب.

أحداث ومقتطفات تاريخية وثقتها مريم

ومن بين الأحداث الأكثر سخونة وخطورة هي أحداث انتفاضة قامشلو التي بدأت شراراتها بقامشلو لتتوسع وتصل إلى حلب ودمشق، حيث عملت الأم مريم على تغطية كافة تلك الفعاليات من مظاهرات واعتصامات ولا تكترث للتهديدات المتكررة من قبل مخابرات النظام السوري، بل أكملت عملها في نشر حقيقة شعب تواق للحرية والمطالب بها.

وتقول الأم مريم بهذا الخصوص" كان لابد أن يسمعا العالم صوتنا، فرغم أني لم أنهي دراستي الإعدادية رأيت، بل فرضت على نفسي القيام بواجبي تجاه أبناء مدينتي المناديين بالحرية، فكنت اعمل على نقل حقيقة مطالبهم وفضح مجريات التعسف والانتهاكات التي تطالهم على يد النظام البعثي"

أما عن طرق حماية نفسها من الاعتقال فتقول مريم" كنت أقوم بارتداء وشاح على رأسي أثناء المظاهرات إلى جانب وضع وشاح آخر على الكاميرا، وتحديد بيوت الكرد الوطنيين للتصوير من على شرفة منازلهم.

من الإعلامية الجريئة التي كشفت الستار عن وحشية النظام بحق الأستاذ عثمان دادلي؟

 تساءل الآلاف من أبناء الشعب الكردستاني عن الصحفية الجريئة التي تخطت جميع نقاط حراسة النظام السوري وسرعة بديهتها حينما تمكنت من دخول غرفة الشهيد الأستاذ عثمان دادلي في المشفى، لتكشف الستار عن فظائع النظام من تعذيب ممارس على الشهيد عثمان دادلي.

وفي سرد تفاصيل قصتها الدراماتيكية تقول مريم" اتخذت الجرأة من مقاومة الرفاق ورداً على الانتهاكات المرتكبة بحق أبناء شعبنا، فعزمت على التوجه إلى المستشفى الواقع في حي الأشرفية للوصول إلى غرفة الشهيد عثمان، رغم كثرة الحواجز ونقاط التفتيش التي وضعها النظام على الطريق الواصل إلى المستشفى وحتى أمام غرفة الشهيد.

وتتابع الأم مريم قصتها" ولإخفاء الكاميرا عمدت إلى لبس جاكيت فضفاض، وذهبت إلى المشفى بحجة المرض وعند وصولي إلى هناك تسللت إلى الغرفة وصورت أثار التعذيب التي ألحق بجسد الشهيد عثمان دادالي، لتظهر اللقطات على قناة ROJ TV وتفضح انتهاكات النظام بحق النشطاء الكرد".

2011 كانت المحطة الأخيرة للعمل على إظهار الحقيقة بالنسبة لمريم

وبعد تغطياتها لجميع المجريات الحاصلة بين الأعوام 2003 و2011 اضطرت الأم مريم بلال إلى التوقف عن عملها كصوت لأهالي حلب الأحرار، بعد مداهمة قوات النظام لمنزلها واحتجاز كاميرتها وحاسوبها، وتابعت مسيرتها النضالية على أسس تنظيمية لحين انطلاق شرارة ثورة التاسع عشر من تموز، ليلتحق ابنها البكر خمكين بصفوف وحدات حماية الشعب بحلب ويستشهد دفاعاً عن المبادئ التي غرستها أمه في نفسه.

8 سنوات من نضالها بوجه الظلم وضعتها بلائحة المنتصرين على الذهنية الذكورية التي لا تستوعب قدرة المرأة المتحررة في قيادة المجتمع وإرشاده إلى الطريق الصحيح.

لست نادمة وإن طلبوا مني أن أعود فأنا جاهزة

 وبما يخص عملها 8 سنوات في مجال الإعلام تفتتح مريم حديثها بالقول" لست نادمةً أبداً ولن أكون نادمة، بل أنا جاهزة للعودة متى طلب مني ذلك، فالشعور الذي كان يراودني عند إظهار حقيقة شعب مكافح، مناضل، يطالب بحريته كان أشبه بإعادة الحياة لزهرة على وشك الذبول".

وأردفت مريم" عملت 8 سنوات وجاهزة للعمل 8 سنوات أخرى، فعمل الصحفيين إلى جانب مسؤوليته الكبيرة وخطورته  يجعلك تفهم الحياة جيداً من خلال الاختلاط مع المجتمع وإظهار متطلباته وغاياته، فأنت كصحفي تعتبر اللسان الناطق بهموم ومطالب الشعب فأنت من الشعب وإلى الشعب".

وبمناسبة حلول يوم الصحافة الكردية أنهت الأم مريم حديثها بتمني النجاح لجميع صحفي العالم في نقل حقيقة ثورات الشعوب المطالبة بالحرية والكرامة، وتمنت أن ينعم الصحافة بمساحة أوسع من الحرية في التعبير وإبداء الرأي في الشرق الأوسط بعيداً عن ظلم الحكومات الديكتاتورية والعاملة على إسكات صوت الشعوب.

كما دعت الأم مريم الصحفيين الكرد إلى بذل المزيد من الجهود لإظهار الحقيقة، وشكرتهم على جهودهم المبذولة في تغطية مقاومة العصر والجرائم المرتكبة بحق أبناء الشعب الكردي في كردستان عامة وعفرين خاصة.

(ل)

ANHA