عكيد صادق...الشاب الذي ولد ليكمل درب الشهداء
قلة هم من يولدون ليسيروا على درب الشهداء والشهادة ويضعون العمل في سبيل خدمة قضية الوطن نصب أعينهم، عكيد صادق، كان أحد أولئك الشبان، بدءً من يوم ولادته الذي صادف ذكرى أمجد يوم لدى الكرد وحتى يوم شهادته في معارك الوجود واللاوجود لدى الشعب ذاته.
شيندا أكرم
قامشلو- في 28 ثورة كردية قامت منذ قديم الزمان كان للعوائل والشخصيات الوطنية التي لم تتردد في بذل كل ما تملك فقط في سبيل إيصال الثورة إلى بر الأمان، دور بارز ومفصلي ميّز كل ثورة عن مثيلاتها الأخريات.
الثورة الكردية التي تقودها حركة التحرر الكردستانية والتي ما تزال تتواصل اليوم في عقدها الرابع، هي إحدى هذه الثورات التي امتد أثيرها إلى روج آفا لتحمل شعلة الثورة الكردستانية من أصغر أجزاء الوطن.
في هذه الثورة أيضاً كان للعوائل الوطنية الدور ذاته، تلك العوائل كانت وما تزال تتوق لتذوق طعم الحرية التي حرموا منها، عائلة الشهيد عكيد صادق كانت منهم.
عكيد الشاب الذي فتح عينيه على الحياة في الـ21 من آذار عام 1997، ترعرع في كنف عائلة لها إرث نضالي كبير، ومن هذا المبدأ كان على شبان العائلة أن يتمموا هذا الإرث النضالي.
ولادة عكيد جاءت في يوم يمجده الكرد، الـ21 من آذار هو عيد النوروز الذي يمثل رأس السنة الكردية ويحتفل به الشعب الكردي إلى جانب الشعوب الكردستانية كل عام.
يقول صالح صادق والد الشهيد عكيد بأنه سمى ابنه على ذلك الاسم نسبة إلى الشهيد القيادي عكيد قورقماز الذي قاد النضال المسلح ضد الدولة التركية في أعوام الثمانينات.
درس المناضل عكيد صادق حتى المرحلة الابتدائية، وتميز بالعناد وكثرة الحركة، انضم إلى حركة الشبيبة الثورية في عمر الرابعة عشرة، إلى جانب العمل مع والده في مسلخ الماشية وأعمال البناء في منطقته.
الشقيقة أديبة التي تكبر المقاتل عكيد عشرة أعوام قالت "كنت أدلل عكيد كثيراً واتحمل عصبيته وكثر حركاته، كان شجاعاً لم يقبل اعتداء أحد عليه وعلى رفاقه، عندما كان الرفاق في زيارة العائلة، لم يكن عكيد يترك المنزل ولو دقيقة كان يجلس معهم وينصت إليهم، ويساعدهم في الأعمال التنظيمية".
لم يرق لعكيد أن يدرس بينما تعاني العائلة من ضائقة مالية، لذا تخلى عن الدراسة وبدأ بالعمل في الكثير من الأعمال كالبيتون والبناء إلى جانب العمل في الحركة الشبابية، كما عمل مع عمه لفترة.
يقول عمه بشير صادق أن "عكيد كان يعمل معي ولكنه بعد ساعات الظهيرة كان يتركني ويقول أن لديه عمل آخر، كنت أتركه لفترة، وفي أحد الأيام سألته إلى أين تذهب بعد كل ظهيرة، فقال بأنه يذهب إلى الرفاق الكوادر في حركة التحرر الكردستانية ويتدرب برفقتهم سراً في منازل بعض العوائل الوطنية تحضيراً لتأسيس جيش مهمته حماية أرض الوطن".
ثورة الـ19 من تموز كانت انطلاقة له في الدرب النضالي
وبعد فترة وجيزة من التدريب والعمل في الأعمال التنظيمة في الكثير من الأماكن، كان عكيد من ضمن الشباب الذين شاركو بحملة تحرير مناطقهم من النظام البعثي بعد تحرير كوباني من النظام وإعلان الثورة بيوم 19 تموز 2012.
وبعد تحرير المناطق والمخافر الحدودية من النظام البعثي السوري، ومع لجوء الدولة التركية إلى مخطط للنيل من مكتسبات الشعب في الشمال السوري عبر مجموعات مرتزقة كانت آنذاك متمثلة بجبهة النصرة، شكلت وحدات حماية الشعب لحماية المنطقة والثورة وكان عكيد من السباقين في الانضمام إليها.
وحمل عكيد صادق لدى انضمامه إلى الوحدات اسماً حركياً مظلوم ديرك"، تيمناً بالمناضل مظلوم دوغان أحد مؤسسي حركة التحرر الكردستانية والذي أشعل نيران نوروز بإضرام النيران بجسده في سجون الفاشية التركية.
سعى بنضاله أن يكون بقدر ثقل الاسم الذي يحمله
يقول الوالد صالح صادق عن انضمام عكيد إلى الثورة "كنا على علم بأنه يعمل مع الرفاق في حركة الشبيبة، وفي بداية الثورة قطعت أخباره عن المنزل، وبعد فترة من الزمن وبعد مضي 15 يوماً متواصلة لم نره فيه سمعت من أحد أصدقائه يقول بأن عكيد انضم إلى صفوف الوحدات، بعدها بيومين رأيته في إحدى نقاط الحماية سألته أين أنت لم نعد نسمع أخبارك، على بصوته وقال "والدي أنت أسميتني عكيد ويجب أن أكون لائقاً بهذا الاسم" قلت له ولدي يسّر الله دربك".
تنقل عكيد بين جبهة وأخرى وتعرف على الكثير من الرفاق بينهم زنار وجودي وريزان الذين تحدثوا عنه بأنه كان الطليعي والفدائي في كل الواجبات ولم يتراجع يوماً عن مهماته حتى ولوكانت صعبة، كان الوحيد الذي لم يذهب إلى زيارة العائلة عندما كان الجميع يحمي الحدود.
في إحدى الليالي وبينما كانت مرتزقة جبهة النصرة قد أعلنت الحرب على الكرد بشكل رسمي، هاجمت المرتزقة "سويديا عربا" ووقع أول اشتباك بين الوحدات والنصرة.
يستذكر رفيق دربه زاغروس المقاتل عكيد قبل الاستشهاد بساعات أنه قال له "أنا ذاهب إلى الحملة لتزويد الرفاق بالسلاح ومن المحتمل ألا أعود ثانية، قلت له لماذا تتحدث هكذا قال لي أن حدسه يشعره بأن هذا هو اللقاء الأخير بيننا".
وفي الاشتباك تقدم المقاتل عكيد و5 من رفاقه في الطليعة ولحدة الاشتباكات، وقع عكيد مع رفاقه الخمسة شهداءً في قرية سويدية عربا في الـ19 من تموز 2013، ذات اليوم الذي دخلت ثورة روج آفا عامها الثاني.
عاهدنا منذ البداية وما زلنا على عهدنا ماضون
تقول عائلة الشهيد عكيد صادق الاسم الحركي مظلوم ديريك "أننا منذ بداية انضمامنا إلى الحركة عاهدنا أن نسير على خطا فلسفة القائد والشهداء، وحضّرنا أنفسنا لمثل هذا اليوم، ونكرر وعدنا بالاستمرار في المسيرة النضالية حتى تحقيق النصر وتحرير القائد أوجلان.
(ج)
ANHA