​​​​​​​

يقترب الموعد المحدد لإجراء الانتخابات البرلمانية الفلسطينية، في وقتٍ لا يجد فيه الشارع الفلسطيني أي مؤشرات حقيقية تضمن إجراء الانتخابات، بل على العكس من ذلك، ثمة تقديرات تشير إلى أن فرص تأجيل الانتخابات، تغلب إمكانية إجراؤها في موعدها المقرر يوم 22 مايو/ أيار القادم.

​​​​​​​
الإثنين 19 نيسان, 2021   20:34
غزة – عمر موسى

وفق إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فإنه من المقرر أن تعقد الانتخابات الفلسطينية البرلمانية يوم 22 مايو/ أيار، بعد حالة طويلة من الجمود إثر تعليق الانتخابات منذ فوز حركة حماس بأغلبيةٍ برلمانية عام 2006. وهو الحدث الذي انتهى باقتتال داخلي بين حركتي حماس وفتح، قاد إلى قطيعة بينهما لا زالت مستمرة حتى اليوم، بالإضافة إلى بداية الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة.

وحتى الآن، لا يجد كثيرٌ من المراقبين أن خطوة تسجيل القوائم الانتخابية للأحزاب رسميًّا، ضمانة حقيقية لإجراء الانتخابات، إذ ثمة كثيرٌ من العقبات التي يمكن أن تعترض سبيل إجراء الانتخابات. ومن جملة هذه العقبات كان الانقسام الذي شهدته حركة فتح التي انشقت إلى ثلاثة تيارات، ودخلت الانتخابات بثلاثة قوائم مختلفة، مقابل قائمة موحدة لحركة حماس، وهي الحالة التي يمكن تؤثر على شعبيتها أمام حماس. 

'رسالة أمريكية قد تغيّر المعادلة'

وبحسب مراقبين، ثمة دوافع مختلفة قادت الأحزاب الفلسطينية وتحديدًا، حركتي فتح وحماس للقبول بإجراء الانتخابات. بالنسبة لحركة فتح، ورئيسها محمود عباس، فإن الانتخابات فرصة لتجديد شرعيته أمام المجتمع الدولي وبوابة لإعادة الاعتبار لدوره، بعد حالة الركود التي سادت العلاقة بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية وأوروبا.

أما حماس فإن الدافع الرئيس للقبول بالانتخابات هو عقم خياراتها أمام الحالة الاقتصادية والمعيشية المتدهورة في قطاع غزة، بالإضافة إلى فشلها في كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ أكثر من 14 عامًا، إلى جانب عدم نجاحها في تحصيل شرعية دولية تمكنها من مخاطبة المجتمع الدولي بمعزل عن السلطة الفلسطينية، منذ فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006.

ويشير مراقبون إلى أن حدوث اختراق في الحالة التي تعيشها أي من الحركتين، قد يؤثر على استمرار الموافقة على الانتخابات. وفي هذا السياق، كشفت قناة (كان) الإسرائيلية، أن واشنطن بعثت رسالة إلى السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، تفيد بأن الإدارة الأمريكية "لن تعارض تأجيل الانتخابات الفلسطينية، وأنها تتفهّم ذلك".

وبحسب الرسالة، فإن "الإدارة الامريكية وبشكل عام، تؤيد الانتخابات الفلسطينية، ولكنها تعرف التحديات مثل (كورونا) والوضع الاقتصادي، والتحديات السياسية مثل سيطرة إسرائيل على القدس، وصعود جهات تعارض حل الدولتين" في إشارة إلى حركة حماس.

ويرى مراقبون أن هذه الرسالة قد تغيّر المعادلة الحالية في الأراضي الفلسطينية، بخصوص الانتخابات.

'فتح تبحث عن التأجيل'

وتزامنت الرسالة الأمريكية، مع رسالة أخرى قدمها عدد من أسرى حركة فتح وقادتها في السجون الإسرائيلية، تطالب بتأجيل الانتخابات لثلاثة أشهر لحين حل أزمة "الانشقاقات التي تعيشها حركة فتح".

وتضمنت الرسالة التي وجهها الأسرى لرئيس السلطة عباس: "تأجيل إجراء الانتخابات الفلسطينية، وتعيين الأسير مروان البرغوثي نائبًا للرئيس محمود عباس، وعودة الدكتور ناصر القدوة الذي شكل قائمة موحدة منشقة عن فتح بالشراكة مع البرغوثي لموقعه القيادي في حركة فتح".

وبحسب التقارير الفلسطينية، فقد تضمنت الرسالة أيضًا مبادرة، أخرى تنص أنه "بعد عملية تأجيل الانتخابات يصدر مرسوم رئاسي بتعديل المادة (38) والتي تتيح الفرصة لأي مواطن فلسطيني تنطبق عليه شروط الترشح من أن يرشح نفسه لمنصب الرئاسة"، وأنه: "بعد المرسوم الرئاسي يتم الإعلان على سحب قائمة الحرية – قائمة البرغوثي والقدوة- بهدف دمج القائمتين في قائمة واحدة بما يلبي مصلحة الحركة، في الوقت الذي يتم فيه فتح حوار مع بقية القوائم الأخرى".

كما اقترحت المبادرة إصدار مرسوم رئاسي لإجراء الانتخابات الرئاسية وفق النظام الأمريكي، أي ترشح الرئيس ونائبه في ورقة واحدة، وبهذه الطريقة يكون "أبو مازن هو مرشح الحركة للرئاسة بينما يحتل مروان البرغوثي مكان نائب الرئيس في ذات الورقة".

وطالبت الرسالة أيضًا "إعادة النظر في قرار فصل الدكتور ناصر القدوة من الحركة، والعمل على إعادته إلى صفوفها، وإلى عضوية اللجنة المركزية في رسالة مصالحة داخلية قوية للقواعد الفتحاوية وللجمهور الفلسطيني".

ويعلق محللون وكتاب فلسطينيون على هذه الرسالة أنها تعبر عن الموقف الحقيقي لقيادة حركة فتح من حالة الانشقاق التي تعيشها الحركة، وأن هذه الرسالة قد "تترجم فعلًا إلى قرار رئاسي بتأجيل الانتخابات لتدارك حالة الانشقاق التي تعيشها الحركة".

"فرص التأجيل واردة"

الباحث الفلسطيني عزيز المصري يرى أن هناك "خيارين قيد الدراسة، الأول: تأجيل الانتخابات بإجماع وطني والذهاب إلى حكومة وطنية برضى الجميع".

والآخر: "تأجيل بقرار فردي من الرئيس عباس" وفي هذه الحالة، يشير المصري إلى أن "حماس ستسعى إلى بناء جبهة عريضة في غزة تدير الأمور في مواجهة السلطة على خلفية تنصلها من استحقاق الانتخابات".

وذكر أن هذه "الخيارات على الطاولة حاليًّا ويجري نقاشهما مع الجميع بما فيها الدول العربية".

ولم يستبعد المصري أن يجري تأجيل الانتخابات، موضحًا أن "ربط هذه التطورات بعودة الدعم الأمريكي للسلطة الفلسطينية، الذي جمدته الإدارة السابقة للبيت الأبيض، قد يدفع باتجاه التأجيل، إذ أن الطرفين (حماس وفتح) يذهبان إلى الخيارات الوطنية عند الأزمة، وعندما يرتاحان يبدآن بالابتعاد عن ملفات الانقسام والانتخابات والتجربة خير دليل".

ورجح أن "الموقف الأوروبي لن يختلف عن الموقف الأمريكي من الانتخابات، وهي الجهات التي تسعى السلطة الفلسطينية إلى مراضاتها، عبر إجراء الانتخابات". 

(ح)

ANHA