في شهر رمضان .. أسعار جنونية وأزمات خدمية في مناطق سيطرة حكومة دمشق

ما إن حلّ شهر رمضان حتى ارتفعت أسعار المواد الغذائية في مناطق سيطرة حكومة دمشق، في حين تزيد الأزمات المتلاحقة من صعوبة الوضع لدى المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة.

في شهر رمضان .. أسعار جنونية وأزمات خدمية في مناطق سيطرة حكومة دمشق
في شهر رمضان .. أسعار جنونية وأزمات خدمية في مناطق سيطرة حكومة دمشق
في شهر رمضان .. أسعار جنونية وأزمات خدمية في مناطق سيطرة حكومة دمشق
الإثنين 19 نيسان, 2021   00:18
دمشق - نسرين خليل

ومع حلول شهر رمضان ترتفع أسعار المواد الغذائية كعادة قديمة اعتاد عليها التّجار في سوريا حتى قبل الحرب وتدهور الوضع الاقتصادي، وظهر هذا الغلاء بشكلٍ كبير في مناطق سيطرة حكومة دمشق، بسبب الفارق الكبير بين الأسعار والرواتب والأجور التي يتقاضاها السكان والتي تبلغ وسطيًا 50 ألف ليرة سورية شهريًا.

معاناة من ارتفاع الأسعار وأزمات تعكر أجواء رمضان

وبحلول شهر رمضان ارتفعت أسعار المواد الغذائية فجأة، وخصوصًا المنتجات الحيوانية مثل الأجبان، اللحوم، والبيض إلى جانب الخضار والفواكه، حيث وصل سعر الكغ الواحد من لحم الضأن إلى 27 ألف ليرة، طبق البيض إلى 7 آلاف ليرة، كغ الجبنة 7500 ليرة، الخيار 2200 ليرة، الخسة الواحدة 700 ليرة، لتر زيت دوار الشمس 10 آلاف، كغ لحم الفروج 5500 ليرة.

ومن هنا تبدأ معاناة المواطن في مناطق سيطرة حكومة دمشق، الذي يتناول فطوره المتواضع بعد أن فقد معظم مكوناته التي حلقت أسعارها عاليًا وعلى ضوء الليد (مصباح الشحن) إن وجد، ولا سيما بعد زيادة ساعات التقنين تزامنًا مع حلول شهر رمضان المبارك، حيث خرجت محطتا جندر ودير علي عن الخدمة بسبب نقص الغاز وأعمال الصيانة.

وتأتي أزمة وباء كورونا وانتشارها بشكلٍ كبير في مناطق سيطرة الحكومة، لتزيد الوضع تعقيدًا، فالمصابون غير قادرين على الصيام، في حين أن مرافقيهم يعانون في أروقة المشافي في ظل عدم قدرتهم على التوجّه إلى منازلهم وتبديل المناوبات بسبب أزمة المواصلات التي تعانيها مناطق الحكومة، وعدم قدرتهم على تحمّل التكاليف الباهظة في المطاعم.

وفي هذا السياق، قالت المواطنة (ن. و): "الأسعار ارتفعت مباشرةً مع حلول شهر رمضان المبارك. الّتجار لا يخافون من قوانين الحكومة".

ومن جانبه، قال المواطن (ف. ه): "معالي وزير التموين والتجارة لو كنتم مؤهلين لهذا المنصب لما وصل سعر لتر الزيت النباتي إلى 10 آلاف ليرة، وكنتم قمتم بحماية المستهلك من سكاكين التّجار وحيتان السوق".

قرارات حكومية لا تطبق وتصريحات تشجّع على رفع الأسعار

وعلى الرغم من القرارات الكثيرة التي تصدر من حكومة دمشق والتي تبقى حبرًا على ورق الصحف التي تنشرها، إلّا أن الأسعار في ارتفاعٍ مستمر، فالحكومة قالت إنّها ستنفّذ عقوبات قاسية بحق المخالفين تصل إلى السجن، ولكن حتى لو تم تطبيق القرار، فإنّه يتم تطبيقه على أصحاب بعض المحال في حين يبقى كبار التّجار المتحكمين بالأسعار أصلًا بعيدين عن العقوبات.

وفي هذا السياق، انتقد المواطن (ع. ل) عدم مقدرة الحكومة على خفض الأسعار رغم هبوط سعر الدولار، وقال: "لا يستطيعون إجبار التجار على خفض الأسعار التي ارتفعت مع بداية شهر رمضان".

في حين يقول خبير اقتصادي من دمشق (لم يذكر اسمه للضرورة الأمنية)، إنّ رئيس الحكومة، حسين عرنوس، لوّح بزيادة الرواتب تزامنًا مع حلول شهر رمضان، وكأنه يقول للتّجار: أرفعوا الأسعار.

وأكد الخبير أنّه على الرغم من انخفاض سعر الصرف إلى حوالي 3200 ليرة للدولار الواحد، بعد أن كانت في الفترة الماضية قد وصلت إلى مستويات قياسية عند حوالي 4750 ليرة، إلّا أن الأسعار لم تنخفض مع انخفاض سعر الدولار.

وأشار إلى أن الانخفاض يحصل فقط بأسعار الدولار والذهب، في حين تبقى أسعار السلع الغذائية والألبسة على حالها، لغياب الرقابة.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن أي زيادة في أجور العاملين إن لم تكن كبيرة جدًا فإنّها لن تشكل فارقًا وستبقى في خانة الشكل فقط، لأن الأسعار ترتفع بشكلٍ كبير والأجور تبقى على حالها (حوالي 50 ألف شهر وسطيًا)، منوّهًا أن أسرة تتألف من 4 أفراد تحتاج شهريًا إلى مليون ليرة سورية كي تعيش بكرامة وليس لتحقق أقل مقومات الرفاهية.

فقدان الشعور بالآخرين

ومن جانبها، أكدت دكتورة في علم الاجتماع من جامعة دمشق (لم يذكر اسمها لأسباب أمنية)، أنّ سوريا تمر بأزمات توضّح تمامًا نقاط الضعف الموجودة وما تخلّفه من مشكلات اجتماعية لا بد من الوقوف عليها وحلّها جذريًا.

ولفتت إلى أن المجتمع بدأ يفقد تكافله، وأشارت إلى التباهي بموائد الإفطار لدى البعض ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي دون الشعور بغيرهم الذين لا يمتلكون ما يسد رمقهم لمواصلة الحياة.

وأشارت إلى التّجار الذين يدّعون التدّين وأدائهم للعبادات ونشر مقاطع فيديو لذلك، وقالت: "هؤلاء أنفسهم هم من يرفعون أسعار المواد الغذائية ويحتكرونها في مخازنهم حتى ترتفع أسعارها"، وأضافت: "هذا يلخّص ما يحدث بالحياة عمومًا، حيث فقدان الشعور بالآخرين والمسؤولية الاجتماعية، وما يليها من تمكين مبادئ المواطنة في هذا الوطن البائس".

(ح)

ANHA