الولد يخرج من بيت الطاعة واحتمالان ينتظران الاتفاق التركي الروسي
نورهات حسن
ستشهد محافظة إدلب السورية التي هي المنطقة الأسخن في سوريا الآن، أحداثاً في الأيام المقبلة، فالأب سينقلب على ولده المطيع بضغطٍ روسي، لكن هل ستنجح تركيا؟.
بعد الاتفاق التركي الروسي على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب السورية، والذي أظهرته تركيا بأنه نصرٌ لها ولمرتزقتها، يظهر أن الولد المطيع لتركيا، خرج من بيت الطاعة.
هنا نقصد مرتزقة جبهة النصرة(هيئة تحرير الشام الآن) المصنفة على قائمة الإرهاب عالمياً. أول بوادر خروج النصرة من بيت الطاعة التركي، هو إعلان تركيا جبهة النصرة كمنظمة إرهابية.
في الحقيقة جرى ذلك بضغطٍ روسي، وما نراه الآن هو أن روسيا تتحكم بالمجاميع المرتزقة والإرهابية عبر تركيا، والدليل على ذلك هو إخراج تلك الجماعات من درعا وريف ودمشق وحمص وأريافها.
جبهة النصرة ستفشل الاتفاق التركي الروسي
بالنظر إلى وضع جبهة النصرة، فهي الأقوى على الأرض في إدلب، ولها ترسانة أسلحة تلقتها من تركيا في وقتٍ سابق، بالإضافة إلى عناصر متمرسين قدموا من مختلف دول العالم وأهمها تركيا التي تعتبر حاضنة كبيرة للقاعدة.
جبهة النصرة تسيطر على 70% من جغرافية محافظة إدلب، فهي تسيطر على منطقة المنتصف في المحافظة، أي معرة النعمان وخان شيخون، سراقب، كفر نبل، سهل الغاب، تفتناز، مدينة إدلب، أرمناز، جسر الشغور، سرمين، أتارب، سلقين، أطمة، والعديد من البلدات والمدن الأخرى.
يتغلغل عناصر جبهة النصرة بين كافة المجاميع المرتزقة في إدلب، وتتحكم بها كلها، كما أنها تمتلك حاضنة شعبية في إدلب، وحتى داخل تركيا وعلى وجه الخصوص ولاية هاتاي.
كما أن هناك علاقات استراتيجية ما بين الحزب الإسلامي التركستاني، الذي يحوي ما يقارب الـ 10 آلاف مرتزق آسيوي غير سوريين، والذي يسيطر على مناطق على الحدود مثل عين البيضاء، ومعبرها السري الواقع هناك، كما أن الحزب يمتلك أسلحة متطورة قدمتها وتقدمها لهم تركيا.
قالت مصادر موثوقة من داخل إدلب بأنه بعد سحب تركيا لمجاميعها المرتزقة من المنطقة منزوعة السلاح، تتحضر لشن حملة عسكرية ضد جبهة النصرة التي ترفض الخروج.
وأشار المصدر بأن ضباطاً أتراك عقدوا اجتماعاً في إدلب مع قادات المجاميع المرتزقة، قالو فيها بأن تركيا تنوي شن هجوم على جبهة النصرة.
يأتي الموقف التركي هذا، في ظل الضغط الإيراني والروسي الكبيرين عليها، ففي الاجتماع الذي جمع الثلاثي في طهران، قال بوتين وبشكل غير مباشر لأردوغان أنه أتى للتحدث عوضاً عن جماعات إرهابية.
ما يظهر بأن تركيا تتخلى عن جبهة النصرة تحت ضغط كبير، وليس بقناعةٍ منها، ففي أواخر عام 2017، أنشأت تركيا جبهة تحرير سوريا، والتي هي بدورها توحدت مع مرتزقة أحرار الشام، وشنوا هجمات على مواقع جبهة النصرة في ريف حلب الغربي، وحققوا تقدماً، لكن الأخيرة عادت لتعيد السيطرة على كل المناطق التي خرجت عن سيطرتها.
المحاولات التركية لحل جبهة النصرة تحت الضغط كلها باءت بالفشل، حتى المسميات العديدة للنصرة، لم تفدها بشيء، ففي كل مسمى جديد، تخرج الولايات المتحدة لتعلنها منظمة إرهابية.
الآن جبهة النصرة ترفض الخروج من المنطقة التي أعلنت كمنطقة منزوعة السلاح في سوتشي، مصادر من داخل مدينة معرة النعمان أكدت بأن هناك فصيلاً للنصرة يرفض الخروج قطعاً، وهذا ما يشير إلى أن الاتفاق قد يفشل، بالإضافة إلى أن هناك مؤشرات أخرى لفشل الاتفاقية، مثل رفض مرتزقة جيش العزة للاتفاق.
لذلك ستشن تركيا في الأيام المقبلة حملة عسكرية ضد النصرة في إدلب، ولكن في المقابل قد نشهد تصعيداً من الأخيرة، قلنا آنفاً، بأن النصرة لها حاضنة حتى في هاتاي، لذلك قد تنفذ تفجيرات داخل تركيا وحتى في اسطنبول وأنقرة.
الاحتمالان..
هناك احتمالان ينتظران الاتفاق التركي الروسي، وفي الاثنين تركيا هي الخاسرة.
الأول هو احتمالية أن تفشل جبهة النصرة الاتفاق، وتشن كل من روسيا والنظام السوري وإيران هجوماً على محافظة إدلب للسيطرة عليها كلها، وهذا ما يعني أن تركيا ستفشل.
والاحتمال الثاني، هو أن تشن تركيا ومرتزقتها حملة عسكرية ضد جبهة النصرة، وإخراجها من المنطقة بالقوة، لكن هذا يعني بأنها تشن معركة على جبهة النصرة التي لا يستهان بها، وقد لا تنجح تركيا في القضاء على النصرة، نظراً للخنادق والأنفاق التي حفرتها في جبال إدلب الوعرة.
النظام السوري أخبر تركيا بأنها هي من نشرت المجاميع المرتزقة والإرهابية في سوريا، وهي يجب أن تنهيها أيضاً، إما أن تقتلهم أو أن تنقلهم إلى تركيا، أو إلى مكان آخر، لذلك هناك مخطط لتصفية المجاميع المرتزقة تحيكه الأطراف الضامنة لاستانا.
هناك أحاديث تدور حول نقل تلك المجاميع إلى أفغانستان، وعلى وجه الخصوص جبهة النصرة، لكن هذا ما ترفضه إيران، وتعتبره خطة تركية - أمريكية لوضع إيران في حصار خانق، فطول الحدود بين إيران وأفغانستان يقارب الـ 1000 كم.
ومن جهة أخرى كانت تركيا قد صرحت بإمكانية نقل المجموعات المرتزقة للقتال في جبل قنديل ومناطق الدفاع المشروع، ضد حزب العمال الكردستاني، يبدو أن إيران ترفض هذه الفكرة أيضاً خشية وقوعها في حصار وفصلها عن العراق في حال احتلت تركيا ومجموعاتها المرتزقة لتلك الجبال في شمال كردستان.
فهل ستنجح تركيا في الخروج من الأزمة بأقل الخسائر، أم أنها ستعلن فشلها الذريع كما حصل في العديد من المناطق السورية؟.