أين الحكومة السورية من الحل؟

أين الحكومة السورية من الحل؟
10 تموز 2018   07:44

زكي بدران

سيطر النظام السوري على المجموعات المسلحة في درعا، وتمكن بدعم روسي من تطهير بعض المناطق. قضية إدلب من القضايا الرئيسية، ولكن لا يتم الحديث الآن عن الوجود التركي وكذلك المناطق المحتلة ومن ضمنها عفرين. لا توجد معارضة منظمة وموحدة في مواجهة النظام. ولا تحظى المجموعات المسلحة التابعة لتركيا لوحدها بإرادة اتخاذ القرارات.

في الوقت الراهن يتم عرقلة مشروع سوريا الديمقراطية المتمثل بقوات سوريا الديمقراطية وإدارة روج آفا. ولم يتم إشراكها في لقاءات جنيف، روسيا أعلنت أن القوى التي تدير مناطق شمال سوريا يجب أن تشارك في مؤتمرات سوتشي، وعقدت الاجتماعات، وتم تقديم قائمة تضم أسماء ممثلين عن الكرد والعرب والسريان للمشاركة في مؤتمر سوتشي، وقدمت الأسماء إلى روسيا، ولكن بعد الاتفاق الروسي التركي تم إقصاء الكرد وأصدقائهم من المشاركة في سوتشي، كما لم يتم إبلاغهم بالأمر ولم يتم إصدار أي بيان حول الموضوع، وكأنهم لم يوجهوا الدعوة لهم أصلاً أو أنهم لم يستلموا قائمة بالأسماء. ونتيجة لاتفاقات سرية مع تركيا تم طرح موضوع احتلال عفرين.

الحكومة السورية تعمدت ألا يتمخض عن الاجتماعات أية نتائج معينة، واتبعت سياسة المماطلة وتضييع الوقت. والآن تمكنت الحكومة السورية من تعزيز وتوسيع أماكن سيطرتها، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا تخلت عن مواقفها السابقة الداعية إلى رحيل بشار الأسد. مما شكل دعماً للأسد، ولذلك فإن السياسات والمواقف والمشاريع المتعلقة بالجلوس على طاولة الحوار وحل الأزمة لا زالت بعيدة.

بإمكان مناطق شمال سوريا أن تدير شؤونها بنفسها، وتمكنت من تأسيس بديل ديمقراطي وتطبيقه على أرض الواقع. وتم تقديم هذا النموذج كمشروع للحل في سائر المناطق السورية وتحقيق السلام الداخلي. إلا أن النظام البعثي لم يجري أي تغيير في عقليته السلطوية والإدارية، ويسعى إلى السيطرة على سوريا بعقليته السابقة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو، إذا كان النظام سابقاً يملك أصلاً القوة لحل الأزمة فلماذا إذاً ظهرت كل هذه الحرب الداخلية. إذا لم يتخلى النظام عن ممارساتها وتصرفاته وعقلياته التي أدت إلى تدمير سوريا، فإنه لم يتمكن من تعزيز السلام الداخلي وإيجاد حل دائم للأزمة السورية بالمماطلة والألاعيب والدعاية الإعلامية. ولأجل تحقيق ذلك عليهم أولاً الانفتاح على الحل الديمقراطي. يجب أن ينال جميع أبناء الشعب السوري وجميع المكونات الثقافية والدينية حقوقهم في العيش المشترك والحر. ولأجل ذلك أيضاً يجب إيجاد دستور ديمقراطي للبلاد، يجب أن يحصل توافق وإجماع على هذا الدستور.

إلا أن النظام البعثي لا يزال بعيداً عن إيجاد دستور ديمقراطي أو طرح مشروع لحل الأزمة. وبدلاً من ذلك يسعى للترويج للقاءات ومفاوضات مع القوى الموجودة في شمال سوريا، ويوهمون الشعب بأن هناك مساع لأجل الحل. في الحقيقة لا توجد أية خارطة للطريق، ولم يتم تشكيل هيئات خاصة لإجراء المفاوضات، ولكن يظهرون ويرجون لعكس ذلك. في السنوات السابقة فعل أردوغان الشيئ نفسه مع حزب العمال الكردستاني حيث كان يجري المفاوضات ويروج لمساعي الحل السلمي، ولكن لم تسفر تلك المفاوضات عن أية نتائج. فالجانب التركي لم يقبل بتدخل أطراف وسيطة من أجل المفاوضات، كما لم يقدم أية مشاريع للحل خلال اللقاءات. لقد تعاملوا مع موضوع المفاوضات ومع استحقاقات المرحلة بشكل تكتيكي. لجأوا إلى تضييع الوقت والمماطلة بهدف إضعاف الجانب الكردي وتعزيز تحضيراته العسكرية.

الوضع الراهن للنظام السوري لا يختلف عن ذلك كثيراً، حيث لم يقدم للكرد والعرب خارطة طريق معينة، بل يقولون "إننا نجري المفاوضات، وإذا لم يتم حل القضية بالمفاوضات فإننا سنلجأ إلى العنف"، فقد جرت العادة عندهم بأن يسيطروا على الشعب بالعنف والقمع. لم يتم استخلاص الدروس والعبر من ظروف الحرب والأزمة. وعليه فإن شعوب سوريا التواقة للحرية يجب ألا ينساقوا وراء هذه الزوبعة الإعلامية التي تهدف إلى المماطلة والتسويف. إذا كان النظام السوري يسعى إلى تعزيز وحدة سوريا والخروج من حالة انعدام الثقة فإن عليه قبل كل شيء أن يكون جاداً.  وعليه لأجل ذلك الكف عن الترويج الإعلامي والأساليب المخابراتية الخفية بين الشعب. فلماذا يتم اللجوء إلى المماطلة والتسويف والسبل البوليسية الملتوية التي تثير الفوضى والتخبط، في مواجهة طرف يرغب بالسلام ومنفتح على كل أشكال الحوار.

على الشعب عدم السماح بتمرير دعايات وادعاءات النظام البعثي المبهمة، يجب عليهم النظر إلى النتائج الواضحة والملموسة، إذا كانت الحكومة تبحث عن الحل فلتتفضل وتطرح وجهة نظهرها ومقترحاتها. فلتجتمع مع الوسطاء وتبحث معهم آلية إجراء المفاوضات. فحالياً لا توجد أية لقاءات، ولا أية مساعي لأجل الحل ولا أية وساطات، ولكنهم يروجون للمفاوضات، هذا الأمر إن كان يعني شيئاً فهو يعني المماطلة والتسويف والتشويش على العقول.

(ك)

المصدر: صحيفة روناهي