القاطنون في المخيمات العشوائية.. معاناة شديدة مع حرارة الصيف
حاولت ضحية الحمود (60 عاماً)، أن تخيط أقمشة مهترئة كانت قد وضعتها فوق خيمتها لتخفيف تأثير حرارة أشعة الشمس التي تدخل إلى داخل خيمتها، لكن ذلك لم يكن حلاً لمعاناة يعانون منها في المخيمات العشوائية.

يشتكي قاطنو المخيمات العشوائية في مقاطعة الرقة من اهتراء معظم خيامهم، والتي غالباً ما تكون مصنوعة من القماش أو الأغطية البلاستيكية، بسبب طول مدة استعمالها دون تبديل وتعرضها للعوامل الجوية صيفاً وشتاءً.
تعيش ضحية الحمود مع زوجها (65 عاماً) في مخيم سهلة البنات شمال شرق مدينة الرقة منذ نحو ثماني سنوات، بعد أن تركت مدينتها معدان بريف مقاطعة الرقة الجنوبي الشرقي خلال الاشتباكات بين قوات النظام السابق ومرتزقة داعش.
وقالت ضحية لوكالتنا إنها تحاول منذ أيام إصلاح خيمتها، كما يفعل معظم القاطنين في مخيم سهلة البنات، إلا أن ذلك لم يُجدِ نفعاً، إذ لا تزال حرارة الشمس المرتفعة تدخل الخيام وتؤثر على صحة قاطنيها، لا سيما الأطفال وكبار السن.
تشابه القصص في المخيمات
وتتشابه القصص في مخيم سهلة البنات العشوائي ومخيمات أخرى في مقاطعة الرقة، حيث تراجع دعم المنظمات بشكل كبير خلال الفترة الماضية، بالتزامن مع إمكانيات محدودة لدى الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، بسبب وجود مئات الآلاف من النازحين والمهجرين قسراً في الإقليم.
تحاول رابعة الرمضان (60 عاماً)، وهي نازحة من ريف حلب الجنوبي، إصلاح ما تبقى من خيمتها بعد أن قضت سنوات من عمرها فيها، منذ أن توجهت إلى المنطقة خلال العمليات العسكرية التي شهدتها خلال فترة حكم النظام السابق، ومحاولته استرجاع المناطق التي خرجت عن سيطرته بعد اندلاع الأزمة.
وقالت رابعة لوكالتنا إن الخيمة التي تسكنها فقدت حتى اسم 'خيمة'، لتتحول تدريجياً إلى قماش مهترئ لا يقي حرارة الصيف ولا يبعد برد الشتاء، ويزداد الأمر سوءاً مع ارتفاع درجات الحرارة.
كررت المرأة الستينية عبارة "نار ... نار" في محاولة لإيصال أن حرارة الشمس التي تضرب القاطنين داخل تلك الخيام لا يمكن تحملها، سواء كانوا أطفالاً أو كباراً في السن، أو حتى من الشباب؛ فالجميع لا يستطيع تحمل حرارة الطقس دون أن يتضرر جسدياً.
وروى القاطنون في مخيم سهلة البنات تكرار حالات مرضية لدى الأطفال وكبار السن بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع بداية فصل الصيف، مثل حالات الإغماء والإعياء والتهابات الأمعاء والجفاف المعوي عند الأطفال، وارتفاع الضغط أو هبوط السكر لدى كبار السن.
الوضع سيء جداً
وأكد نازحون يقيمون في مخيم سهلة البنات بالرقة أن الوضع لم يعد يُطاق، مطالبين بتحسين أوضاع القاطنين في المخيم والمخيمات الأخرى قبل أن تشدد درجات الحرارة، خاصة أن فصل الصيف لا يزال في بدايته.
وقال موسى العلي (60 عاماً)، وهو نازح من مدينة معدان، إن وضع القاطنين في المخيم من سيء إلى أسوأ بسبب استمرار ارتفاع درجات الحرارة، بينما الخيم المهترئة لا توفر حماية من تقلبات الطقس واشتداد الحرارة صيفاً.
وأضاف أن ما يُخيف القاطنين في مخيم سهلة البنات والمخيمات الأخرى هو أن فصل الصيف لا يزال في بدايته، وأن شهري تموز وآب وحتى أيلول هما الأشهر الأكثر ارتفاعاً في درجات الحرارة، حيث غالباً ما تتجاوز الحرارة الـ 40 درجة مئوية بخمس أو ست درجات.
ويعيش في مخيم سهلة البنات قرابة 1300 شخص، وينحدر معظمهم من أرياف الرقة ودير الزور وحلب وحماة وحمص، وقد توجهوا إلى المنطقة خلال الاشتباكات التي دارت بين النظام السابق ومرتزقة داعش بين عامي 2017 و2018.
ويتجاوز عدد المخيمات العشوائية في مقاطعة الرقة 40 مخيماً، تتوزع على أرياف الرقة الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية، إلى جانب عدد من المخيمات الرسمية. يقوم مكتب شؤون المخيمات والنازحين في المجلس التنفيذي للمقاطعة بمتابعة أمور النازحين ضمن الإمكانيات المتاحة لدى الإدارة الذاتية والمؤسسات التابعة لها.
خدمات تقدمها الإدارة الذاتية
وقال أحمد الأحمد، المشرف على مكتب شؤون المخيمات في هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل في مقاطعة الرقة، إن عدد المخيمات العشوائية في المقاطعة بلغ 44 مخيماً، يعيش فيها 9141 أسرة، بعدد إجمالي يبلغ 58 ألف نسمة.
وأضاف أن الخدمات المقدمة من الإدارة الذاتية تشمل حالياً تقديم مادة الخبز بشكل يومي على القاطنين في المخيمات، والتنسيق مع مكتب المنظمات في مقاطعة الرقة لتقديم الخدمات الإغاثية وخدمات أخرى للنازحين، إضافة لمناقشة خطة مع مديرية المحروقات في المقاطعة لتوزيع مادة مازوت التدفئة للأسر في المخيمات العشوائية.
وذكر أن المنظمات غير الحكومية تعمل حالياً بالتنسيق مع مكتب المنظمات في المجلس التنفيذي لمقاطعة الرقة، على تقديم كروت الكاش بقيمة 120 دولاراً للقاطنين في أربعة عشر مخيماً في ريف المدينة، إضافة إلى تقديم خدمات التعليم المهني وسبل العيش (المشاريع الصغيرة) في بعض المخيمات وتوزيع مياه الشرب وبعض النشاطات الترفيهية للأطفال.
وأشار، إلى أن مكتب شؤون المخيمات أجرى عملية إحصائية للنازحين حصلوا بموجبها على بطاقة معتمدة لتوزيع مادة الخبز ومازوت التدفئة والخدمات التي تقدمها المنظمات غير الحكومية، إضافة للعمل على دمج المخيمات الصغيرة في أخرى أكبر حجماً لتسهيل تقديم الخدمات.
وتمنى الأحمد أن يتم تطبيق الاتفاقيات الخاصة بعودة النازحين والمهجرين لتخفيف العبء عنهم وضمان عودتهم الآمنة وتقديم الخدمات.
(أ)
ANHA