سياسة ترامب تثير الحذر وطهران تعيد التموضع

حوّل نهج الرئيس الأميركي في التعامل مع القادة الأجانب، البيت الأبيض إلى منبر للتوبيخ، ما أضعف مكانة واشنطن الدولية وفتح المجال أمام خصومها لتعزيز نفوذهم، في المقابل، تتحرّك إيران لإحياء مفاوضاتها النووية وتوسيع علاقاتها الإقليمية، مستفيدة من تبدّل موازين القوى في الشرق الأوسط وسقوط حلفاء تقليديين.

سياسة ترامب تثير الحذر وطهران تعيد التموضع
الجمعة 23 مايو, 2025   10:01
مركز الأخبار

تناولت الصحف العالمية الصادرة اليوم نهج الرئيس الأميركي في التعامل "السيء" مع القادة الأجانب ما يُضعف مكانة الولايات المتحدة ويعزز من نفوذ خصومها مثل الصين وروسيا، وكذلك إعادة إيران لتموضعها الاقليمي بعد خسارة "محور المقاومة".

دبلوماسية التوبيخ في البيت الأبيض: ترامب يقوّض نفوذ أميركا العالمي

في مشهد أقرب إلى المصارعة السياسية، باتت الاجتماعات داخل المكتب البيضاوي أشبه بعروض متلفزة، يُستخدم فيها النفوذ الرئاسي لتوبيخ الضيوف بدل التفاهم معهم، بحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

وأحدث هذه العروض كان خلال لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، حيث تحوّل اللقاء من بحث قضايا الاستثمار والتجارة إلى هجوم علني حول مزاعم مفندة بشأن اضطهاد المزارعين البيض في جنوب أفريقيا. خبراء السياسة الخارجية يحذّرون من أن هذا الأسلوب في التعامل مع القادة الأجانب يُضعف مكانة الولايات المتحدة ويعزز من نفوذ خصومها مثل الصين وروسيا.

الخبراء يرون أن هذه المواجهات العلنية تُعقّد من مهمة السياسة الخارجية الأميركية وتُضعف من رغبة الزعماء الأجانب في التفاوض مع إدارة ترامب. جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق لترامب، قال للصحيفة: "من غير المشجّع للقادة أن يلتقوا ترامب وهم لا يعلمون كيف سيُعاملون. هذه الطريقة تأتي بنتائج عكسية".

ويحذّر مراقبون من أن هذه التصرفات قد تدفع قادة مثل الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى تفادي اللقاءات مع ترامب خشية التعرض لمواقف محرجة علنية، ما يعيق فرص الحوار الحقيقي ويُضعف العلاقات الثنائية.

ويشير محللون إلى أن هذه العروض العلنية تخدم أجندات كل من موسكو وبكين، اللتين تروّجان لصورة أميركا كحليف غير موثوق. كما أسهم تفكيك برامج التنمية الأميركية (USAID) وإغلاق مئات البرامج الصحية حول العالم في تقويض القوة الناعمة لواشنطن.

ميشيل غافين، كبيرة الباحثين في مجلس العلاقات الخارجية، قالت إن هذه السلوكيات "تعزز سردية الصين بأنها شريك أكثر موثوقية واستقراراً"، فيما رأى كريستوف هويسغن، مستشار الأمن القومي السابق لأنجيلا ميركل، أن "الولايات المتحدة تخسر نفوذها العالمي بشكل متسارع بسبب هذه المشاهد".

إيران بين المفاوضات النووية وتحوّل السياسات الإقليمية

وسط تحوّلات كبيرة في الشرق الأوسط، تكثّف إيران جهودها الدبلوماسية لإحياء المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، بالتوازي مع تعزيز علاقاتها مع دول الجوار، بحسب تقرير لصحيفة ذا ناشيونال الإماراتية.

ولفت التقرير إلى أن وزراء من إيران وقطر وعُمان التقوا في طهران لمناقشة الخطوات التالية في المحادثات، رغم تصريحات أميركية متشددة ترفض أي قدرة إيرانية على تخصيب اليورانيوم، وهو ما ترفضه طهران قطعاً وتعدّه مساساً بسيادتها العلمية.

في "منتدى طهران للحوار"، شددت إيران على أولوية الانفتاح الإقليمي والابتعاد عن التهديدات، داعية إلى علاقات "متوازنة" مع الشرق والغرب. وزير الخارجية عباس عراقجي أكد أن السلام الإقليمي يجب أن يقوم على المصالح الاقتصادية والتعاون بدل الصراع.

وفي ظل تراجع نفوذ ما يُعرف بـ "محور المقاومة"، وسقوط بشار الأسد، وتراجع دور حزب الله، تسعى إيران لإعادة صياغة أدوات سياستها الخارجية، مدفوعة بما وصفه مراقبون بـ "تأثير الخليج" نتيجة التحديثات السريعة في السعودية والإمارات.

في الملف الفلسطيني، تؤكد إيران دعمها لحل يعتمد على استفتاء شعبي يشارك فيه "السكان الأصليون"، رافضة فكرة الدولة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل ضمن حدود 1967.

رغم تعثّر المحادثات النووية، ترى طهران أن وجود رئيس إصلاحي في السلطة يمثّل فرصة للغرب كما لها، في وقت تُحذر فيه من محاولات أميركية لعزلها عبر تسليح جيرانها وتشويه صورتها في المنطقة.

(م ش)