هيومن رايتس ووتش: هيئتا العدالة والمفقودين في سوريا تثير المخاوف
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن تأسيس هيئتي العدالة والمفقودين بسوريا "تثير مخاوف بشأن صلاحيات محدودة واستبعاد ضحايا انتهاكات غير حكومية".

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن إعلان سلطة دمشق، في 17 أيار، عن تأسيس "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية" و"الهيئة الوطنية للمفقودين" يثير "مخاوف جدية بشأن محدودية الصلاحيات واستبعاد شرائح واسعة من الضحايا".
وأوضحت المنظمة في تقرير نُشر اليوم، أن المرسومين "قد يُمثّلان خطوة رمزية نحو الاعتراف بالانتهاكات الجسيمة التي شهدتها البلاد"، إلا أن "صلاحيات هيئة العدالة الانتقالية، كما هي محددة في النصوص الرسمية، تُثير القلق بسبب ضيق نطاق اختصاصها واستثنائها الانتهاكات التي ارتكبتها أطراف غير حكومية".
وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن "الإعلان الدستوري السوري"، الصادر في آذار الماضي، نصّ على إنشاء هيئة تتمتع بـ "آليات فاعلة تشاورية مرتكزة على الضحايا"، لكن ما جاء في مرسوم 17 أيار "يقتصر على الجرائم التي ارتكبتها حكومة الأسد"، مستثنياً "الضحايا الذين سقطوا على يد جماعات أخرى مشاركة في النزاع".
وحذّرت المنظمة من أن "عدم إشراك الضحايا والناجين في تشكيل الهيئتين وآليات عملهما، يضعف ثقة المجتمع بالعملية برمتها، ويهدد بتحويلها إلى إجراء شكلي لا أكثر".
وبخصوص "الهيئة الوطنية للمفقودين"، أبدت المنظمة ترحيباً مشوباً بالحذر، معتبرة أن "نجاحها سيعتمد على وجود إطار عمل قائم على الشفافية والحقوق، وضمان مشاركة حقيقية للضحايا وعائلاتهم". وأضافت: "من دون هذه العناصر الأساسية، فإن هذا الجهد لن يكون قادراً على تلبية تطلعات السوريين الذين عانوا لسنوات من الصمت والإنكار".
وأكد التقرير أن "الفظائع الأخيرة، إلى جانب تصاعد الخطاب الطائفي، تسلط الضوء على الحاجة المُلحة لعملية عدالة انتقالية شاملة لا تُقصي أحداً". وذكرت المنظمة أن سلطة دمشق "تقف اليوم عند مفترق طرق: إما أن تتبنى عملية حقيقية تُقرّ بحقوق جميع الناجين، أو تُكرّس الانقسام والإقصاء".
وشددت هيومن رايتس ووتش على أن "النشطاء السوريين والمحامين وعائلات الضحايا لعبوا دوراً محورياً في توثيق الانتهاكات والتفاعل مع آليات العدالة الدولية، وهو ما يجعل إشراكهم في هذه المرحلة أمراً ضرورياً لا يمكن التغاضي عنه".
كما دعت المنظمة سلطة دمشق إلى "الاستفادة من التجارب الناجحة للتعاون بين الأمم المتحدة ومنظمات الضحايا، خصوصاً المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية"، لضمان أن تكون العملية "عادلة ومبنية على حقوق الضحايا لا على اعتبارات سياسية".
وختمت هيومن رايتس ووتش تقريرها بالتحذير من أن "الفرصة لتحقيق عدالة حقيقية لا تزال قائمة، لكنها ستُهدَر إذا استمرت الهيئات الجديدة في تجاهل أصوات الضحايا وتهميش دورهم".
(ع م)