الكُرد نحو وحدة الصف بعد نداء القائد عبد الله أوجلان

تجاوزت الأحزاب والقوى الكُردية في إقليم شمال وشرق سوريا الانقسامات، وأعادت ترتيب المشهد الكُردي عبر كونفرانس "وحدة الصف والموقف الكُردي في روجآفايي كردستان"، الذي انعقد أمس في مدينة قامشلو، في خطوة أولى نحو تلبية نداء القائد عبد الله أوجلان للسلام والمجتمع الديمقراطي.

الكُرد نحو وحدة الصف بعد نداء القائد عبد الله أوجلان
الأحد 27 نيسان, 2025   07:50
مركز الأخبار

انعقد أمس في مدينة قامشلو، كونفرانس "وحدة الصف والموقف الكُردي في روجآفاي كردستان"، في لحظة سياسيّة دقيقة، إذْ تشهد المنطقة محاولات مُتعددة لإعادة ترتيب المشهد الكُردي في شمال شرق سوريا. المؤتمر يأتي في أعقاب نداء القائد عبد الله أوجلان، الذي دعا فيه إلى "السلام والمجتمع الديمقراطي"، وهو موقف يحمل تحوّلاً لافتاً في خطاب الحركة الكُردية.

لم يكن المؤتمر مجرّد فعالية حزبية أو تجمّع سياسي محدود، بل كانت بمثابة محطة محورية لاختبار مدى استعداد القوى الكُردية المختلفة في سوريا لتجاوز الخلافات والانقسامات التي أضعفت تأثيرها السياسي والميداني في السنوات الماضية. مفهوم "وحدة الصف" لم يعد محصوراً في الشعارات، إنما بات مطلباً تفرضه الظروف الأمنية والاقتصادية والواقع الجيوسياسي المستجد.

حرّك نداء القائد عبد الله أوجلان للسلام والمجتمع الديمقراطي المشهد الكردي بكامله، وطرح خياراً جديداً لمواصلة النضال عبر مشروع ديمقراطي تفاهمي يركّز على الشراكة وإعادة هيكلة الأداء السياسي. المواجهات التي سادت المرحلة الماضية تراجعت لصالح مقاربة أكثر براغماتية، تسعى لبناء نموذج إداري مرن يستجيب للتحولات الجارية.

أما ما جرى في قامشلو، فقد عكس هذا التغيير؛ النقاشات لم تعد تتمحور حول إثبات الأفضلية أو توسيع النفوذ، بل تتجه إلى البحث عن أرضية مشتركة تضمن توافقاً سياسياً داخلياً يمهّد لمرحلة جديدة. هذا الأمر يتطلب مراجعة شاملة للأولويات، وتنظيم العلاقة بين القوى الكُردية وبين باقي مكونات المنطقة، من عرب وأرمن وسريان.

تزداد أهمية هذا المؤتمر في ضوء التطورات السياسية الأخيرة، وعلى رأسها الاتفاق الذي أُعلن عنه مؤخراً بين قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، ورئيس سلطة دمشق أحمد الشرع، والذي تضمّن تفاهمات أولية حول مستقبل "الإدارة الذاتيّة"، والاعتراف بخصوصية المناطق ذات الغالبية الكردية.

هذا الاتفاق، وإن كان في مراحله الأولى، يشير إلى أن التحركات الكردية بدأت تتجه نحو شراكات جديدة قد تسهم في إعادة تعريف موقع الكرد في المعادلة السورية.

المطروح اليوم يتجاوز إمكانات الوحدة النظرية، ويتصل بإرادة تطبيقها فعلياً. المبادرات السابقة تعثرت في غياب آليات تنفيذ واضحة. من هنا، يشكّل المؤتمر فرصة لصياغة إطار سياسي مشترك يحد من التشتت، ويعيد الثقة إلى الصف الداخلي.

تتوزع المسؤولية على جميع الأطراف المشاركة، خاصةً في ظل المشهد السوري المعقد، والتدخلات الإقليمية والدولية المتزايدة. مشروع بناء إدارة كُردية مستقرة لا يتحقق من خلال التغاضي عن الخلافات، إنما عبر إدارتها ضمن آليات واضحة، وسلوك سياسي مرن ومشترك.

نداء القائد عبد الله أوجلان فتح المجال أمام فرصة جديدة؛ فالسلام لم يعد خياراً نظرياً أو أخلاقياً فحسب، بل تحوّل إلى ضرورة سياسية لحماية المكاسب وتجنب الخسائر.

(ع م)