تصاعد التوتر الإيراني-الإسرائيلي واشتداد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين
يشير تصاعد التوتر في العلاقات الإيرانية – الإسرائيلية إلى مرحلة جديدة من الاصطفافات الإقليمية، خاصة في ظل استمرار الدعم الإيراني للجماعات المسلحة في أكثر من ساحة نزاع، ويتقاطع هذا التصعيد مع الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، والتي باتت تشكل أحد أبرز تجليات الصراع على الهيمنة الاقتصادية العالمية.

تناولت الصحف العربية الصادرة صباح اليوم، ثلاث قضايا بارزة، حيث ركزت على التصعيد المستمر بين إيران وإسرائيل، وتصاعد التوترات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى تطورات المشهد اليمني في ظل القصف الأميركي المتواصل، والجهود الدبلوماسية المتصاعدة بين القوى الإقليمية والدولية.
هل ترضخ إيران لشروط ترامب
سلطت صحيفة العرب اللندنية الضوء على التوتر الإيراني – الإسرائيلي، وأشارت إلى أن "العلاقات العدائية بين الجانبين ممتدة منذ عقود، لكنها بلغت ذروتها خلال العام الماضي، خاصة بعد هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، وهو الهجوم الذي جاء مدعوماً من إيران، التي تواصل تقديم الدعم لحزب الله في لبنان، والميليشيات المسلحة في سوريا والعراق، والحوثيين في اليمن".
وأوضحت الصحيفة أن الجماعات المرتبطة بطهران شاركت في المواجهة مع إسرائيل بدرجات مختلفة، ما أدى إلى فتح جبهات متعددة ضد الأخيرة. ولفتت إلى أن إيران، حتى من دون امتلاك قنبلة نووية، يمكن أن تسعى لبناء علاقات قائمة على المصالح مع الولايات المتحدة وإسرائيل، على غرار ما كان في عهد الشاه الإيراني.
وتحدثت الصحيفة عن إمكانية حدوث مفاوضات مباشرة بين واشنطن وطهران، خاصة في ظل سابقة استماع المرشد الإيراني علي خامنئي لنصائح رؤساء سابقين، رغم مواقفه المتشددة. وذكرت أن مطالب واشنطن تتركز على منع إيران من تطوير السلاح النووي، وضمان عدم خروجها عن السياسة الأميركية في المنطقة.
وترى الصحيفة أن الرئيس الإيراني يحاول إعادة توجيه مفهوم "العمق الاستراتيجي" إلى الداخل من خلال مشاريع اقتصادية وتنموية، ما قد يستدعي تقاربًا مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن إسرائيل تبقى الطرف الأكثر تشككًا في أي مبادرة تفاوضية، حتى مع الحليف الأميركي.
وختمت العرب تقريرها بالإشارة إلى أن إيران قد تلجأ في نهاية المطاف إلى تخفيف "دعمها العسكري لأذرعها في المنطقة، والإبقاء على قنوات اتصال محدودة، بما يسمح للولايات المتحدة بإضعاف المشروع النووي الإيراني، وتقليل النفوذ الصيني – الروسي في المنطقة، وفتح المجال لتقارب اقتصادي مع طهران".
أميركا والصين: لا غالب ولا مغلوب
أما صحيفة الأيام الفلسطينية فقد تناولت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مؤكدة أنها خرجت عن نطاق الأهداف المعلنة، حيث لم تنجح سياسات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب القائمة على الرسوم الجمركية المرتفعة في تقليص العجز التجاري، بل أسفرت عن خسائر في الأسواق الأميركية واستياء بين قطاعات اقتصادية واسعة.
وذكرت الصحيفة أن الصين ردت على الإجراءات الأميركية بفرض رسوم مضادة بلغت نسبتها 125%، ما جعل المواجهة الاقتصادية بين البلدين تهدد الاقتصاد العالمي، نظرًا لأن الدولتين تمثلان معًا 43% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي.
وأشارت الصحيفة إلى أن معالجة ترامب للعجز التجاري الذي بلغ 295 مليار دولار لصالح الصين، لم تكن مجدية، إذ أدى رفع الرسوم إلى نتائج عكسية، مما دفع واشنطن إلى استثناء سلع حساسة مثل الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب من الإجراءات العقابية.
وأضافت الأيام أن البنية التحتية الصناعية المتطورة في الصين، ورخص اليد العاملة وتوفر المواد الخام، تمنحها ميزة تنافسية عالمية يصعب مجاراتها، ما يزيد من صعوبة تحقيق واشنطن لأهدافها الاقتصادية من خلال الحرب التجارية.
وربطت الصحيفة بين الحرب الاقتصادية والدوافع السياسية، مثل اتهام ترامب لبكين بالمسؤولية عن تداعيات جائحة كورونا وتأثيرها على حملته الانتخابية في 2020، مؤكدة أن الصراع رغم حدّته، مرشح للتهدئة عبر التفاوض، بالنظر إلى المصالح المتبادلة، ما يجعل من سيناريو "لا غالب ولا مغلوب" الأكثر احتمالًا.
أين سيتوقف الهجوم الأمريكي على اليمن
من جهتها، ركزت صحيفة القدس العربي على التصعيد الأميركي في اليمن، في وقت تشهد فيه العاصمة الإيطالية مفاوضات بين واشنطن وطهران. وذكرت الصحيفة أن تحركات واشنطن العسكرية في البحر الأحمر والخليج العربي، بما فيها قاعدة دييغو غارسيا، تشير إلى مزيج من الضغوط الدبلوماسية واستعراض القوة، خصوصًا في ظل تقارير تفيد بمنع إدارة ترامب لإسرائيل من تنفيذ ضربة على منشآت إيران النووية.
وأشارت الصحيفة إلى زيارة وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان إلى طهران ولقائه بالمرشد الإيراني علي خامنئي، مشيرة إلى أن اللقاء حمل أبعادًا استراتيجية عميقة، وشمل ملفات أمنية إقليمية أبرزها اليمن والخليج العربي، وقد يمتد إلى قضايا إقليمية أوسع تشمل سوريا ولبنان والعراق.
ونقلت الصحيفة عن تقارير غربية أن طهران قد تقلص دعمها العسكري في اليمن، وهو ما يتماشى مع تفاؤل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الذي تحدث عن فرصة تاريخية لإنهاء الصراع، بدعم من توافقات إقليمية متنامية.
غير أن الصحيفة حذّرت من تحديات إقليمية ومحلية قد تعرقل جهود التهدئة، خاصة أن الهجمات الأميركية الأخيرة شجّعت أطرافًا يمنية، مثل الحكومة المعترف بها دوليًا والمجلس الانتقالي الجنوبي، على محاولة استعادة مناطق تسيطر عليها جماعة الحوثي.
وختمت القدس العربي بالقول إن مستقبل اليمن قد يرتبط بنتائج المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران، واحتمال تدخل إسرائيل لإفشال أي تسوية سياسية، ما يستدعي تحركًا خليجيًا لمنع تحول النزاع اليمني إلى صراع إقليمي واسع.
(م ح)