دنيز فرات مثال للشخصية المقاوِمة

لا تزال الصحفية والمناضلة دنيز فرات التي بذلت جهوداً عظيمة، وناضلت لسنوات ضدّ الهجمات الاحتلاليّة والإنكار والإبادة، حاضرة في الأذهان بقوّتها وشجاعتها في الذكرى السنوية الـ 10 لاستشهادها.

دنيز فرات مثال للشخصية المقاوِمة
8 آب 2024   02:20
قامشلو
سيما بروكي

استذكرت الصحفية نالين دجلة، زميلتها الشهيدة دنيز فرات في ذكرى استشهادها الـ 10 وتحدّثت عن مسيرتها النضاليّة. 

وقالت نالين دجلة: "كانت دنيز فرات تتمتّع بصفات الجبل، فقد كانت قويّة وصامدة أمام صعوبات الحياة، وكانت تستفيد من التجارب التي تمرّ بها وتحوّلها إلى نقاط قوّة".

في الـ 8 من آب عام 2014، بدأ مرتزقة داعش هجومهم على الموصل ومخمور، وكانت الصحفية والمناضلة دنيز فرات إحدى اللواتي أردن نقل آلام ومعاناة الشعب، وإيصال مقاومة كريلا حركة التحرّر الكردستانية وتصدّيهم للهجمات إلى الرأي العام، والتي استُشهدت أثناء أدائها لمهمتها الإعلامية.

سنوات من اللجوء والوطنية

وُلدت دنيز فرات (ليلى يلدزتان) في قرية خج خاتون التابعة لناحية جارديران في مدينة وان في شمال كردستان عام 1984 وترعرت في كنف أسرة وطنيّة تعرّفت على حركة التحرّر الكردستانيّة خلال الثمانينات عن طريق القيادي عكيد (معصوم قورقماز).

توفيّت والدة دنيز فرات وهي لا تزال طفلة، فبقيت هي ووالدها وشقيقتان تكبرانها سنّاً هما آيفر (بنفش) وساكنة (ساريا) فتزوّج والدها مجدداً بعد فترة. 

تزايدت مضايقات قوات الدولة التركية الفاشية للعائلة بسبب أنشطتها ضمن حركة التحرّر الكردستانية، لذا اضطرت دنيز وشقيقتاها بنفش وساريا الانتقال إلى شرق كردستان مع أختيها الصغيرتين بنفش ساريا وبيريتان ووالدتهما، فيما كان أحد أشقائها معتقلاً لدى الدولة التركية وبقي شقيقاها الآخران في القرية.

وهناك في شرق كردستان، تعرّضت عائلة دنيز للقمع والظلم والهجمات من قبل النظام الإيراني واعتُقلوا جميعاً، ليتعرّضوا لضغوط أكبر بعد إطلاق سراحهم ويقرّروا بسببها الانتقال هذه المرّة إلى منطقة خاكوركي في جنوب كردستان، وفي أيار عام 1990، انضمّت شقيقة دنيز فرات آيفر (بنفش) إلى صفوف كريلا حركة التحرّر الكردستانيّة.

شاهدة على هجمات الحزب الديمقراطي الكردستاني

شهدت دنيز وعائلتها على الهجمات التي شنّتها دولة الاحتلال التركي مع الحزب الديمقراطي الكردستاني على كريلا حركة التحرّر الكردستانيّة عام 1992.

ولأنّ دنيز وشقيقتها ساريا كانتا تعرفان الشهيدة بيريتان (كولناز كاراتاش) فقد قررتا في عام استشهادها على يد قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني، الانضمام إلى صفوف كريلا حركة التحرّر الكردستانيّة.

الاستشهاد والسير على خطا الشهيدات

استُشهدت شقيقتها بنفش على جبل كوري جارو في منطقة زاب عام 1997 خلال معركة ضدّ دولة الاحتلال التركي والحزب الديمقراطي الكردستاني، وتُعدّ الشهيدة بنفش شخصية بارزة في مسيرة حركة حرية االمرأة الكردستانية، فقد كانت تقاتل بسلاح دوشكا وأسقطت طائرة من طراز (F-16)، واستُشهدت شقيقتها ساريا في منطقة متينا في الـ 8 من آب عام 1999، أمّا شقيقتها بنفش ساريا فقد التحقت بصفوف حركة التحرّر الكردستانيّة عام 1999.

مرحلة العمل الإعلامي

انضمّت الصحفية والمناضلة دنيز فرات إلى العمل الإعلامي عام 2007، وعملت في مؤسسات وكالة فرات للأنباء، وروج نيوز ومحطة ستيرك، وكانت تكتب اليوميات والمقالات وتجري الأبحاث أيضاً.

توجّهت دنيز فرات عام 2013 إلى مخيم مخمور للاجئين (حيث توجد عائلتها)، وأشرفت هناك على عمل صحيفة صوت الوطن (Dengê Welat) وتأهيل الصحفيين والصحفيات الجدد وتدريبهم.

"كانت تعرف العدو جيداً"

يصادف اليوم، (8 آب) الذكرى السنوية الـ 10 لاستشهاد دنيز فرات، وبهذه المناسبة، أوضحت لنا زميلتها نالين دجلة التي بقيت معها لسنوات أن تجارب دنيز فرات تركت بصمتها على حياتها، فقد كانت دنيز تعرف العدو جيداً، وكانت ذات معرفة كبيرة بشكل عام، ونظراً للسنوات الطويلة التي قضتها في الجبال ضمن قوات الكريلا، فقد اكتسبت بعض سمات الجبال، فقد كانت قويّة أمام صعوبات الحياة وكانت صامدة دائماً كالجبل، فقد جعلت من التجارب التي مرّت بها نقاط قوّة لديها.

تُعدّ دنيز فرات مثالاً في العديد من الجوانب

وأشارت نالين دجلة إلى ثقافة الشهيدة دنيز فرات الواسعة ولا سيما فيما يتعلّق بتاريخ المرأة وكردستان وقالت: "ما يمكن للمرأة تعلّمه من شخصية دنيز فرات هو كيفية التأقلم في جميع المراحل، فعلينا بناء شخصياتنا مهما كانت الظروف، ولا سيما في كردستان، وتُعدّ دنيز فرات مثالاً في تطبيق هذه النقاط". 

استُشهدت دنيز فرات برصاص مرتزقة داعش وهي تحاول إيصال مقاومة كريلا حركة التحرّر الكردستانية وأهالي مخيم مخمور للعالم، خلال هجوم داعش على مخمور.

وقالت الصحفية نالين دجلة التي كانت تقوم آنذاك بتغطية الأوضاع في الممر الإنساني بين روج آفا وشنكال، وكانت على تواصل مع الصحفية دنيز فرات قبل استشهادها: "ناضلت دنيز لسنوات طويلة ضدّ دولة الاحتلال التركي وخيانة الحزب الديمقراطي الكردستاني ومرتزقة داعش، ويُعدّ استشهادها رمزاً للصحافة الحقيقية والصحفية الحقيقية".

(ر)

ANHA