مع دخول الصيف.. واقع شمال وشرق سوريا مع استمرار حبس الفرات

تواجه شمال شرق سوريا العديد من التحديات مع اقتراب دخول فصل الصيف، وذلك بسبب الانخفاض المستمر في مستويات نهر الفرات، نتيجة حبس تركيا المياه عن سوريا، وهو ما يؤثر بشكل مباشر وكبير على قطاعات حياتية عدة وتتصاعد هذه التحديات بشكل كبير خلال الصيف.

مع دخول الصيف.. واقع شمال وشرق سوريا مع استمرار حبس الفرات
الأربعاء 7 حزيران, 2023   21:20
كوباني – جمعة محمد

دخلت المنطقة حسابياً أيام فصل الصيف، حيث من المتوقع حدوث ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، ما سيمثل تحدياً للسكان في شمال وشرق سوريا الذين سيعودون لمواجهة تبعات حبس دولة الاحتلال التركي لمياه نهر الفرات؛ المشكلة التي تتفاقم لحد الكارثة صيف كل عام.

الفرات والتلاعب التركي

بدأت دولة الاحتلال التركي بعد بدء الأزمة السورية، بالتلاعب بمنسوب مياه نهر الفرات، فحبست عن الأراضي السورية كميات كبيرة من مياه الفرات، وخالفت الاتفاقية التي أبرمتها مع سوريا عام 1987، وهي تنص على وجوب حصول الجانب السوري على 500 متر مكعب من المياه في الثانية بشكل منتظم، على أن يتشارك الجانب السوري هذه الكمية مع العراق.

لكن الفراغ والفوضى التي سببتها الأزمة في سوريا تركت للجانب التركي حرية التصرف بمياه نهر الفرات دون الالتفات إلى أحد ودون أن تخضع لمساءلة، وهو ما نتج عنه قيام تركيا بسرقة حصة السوريين من المياه.

بدأت قضية حبس دولة الاحتلال التركي لنهر الفرات تطفو على السطح بعد تحرير سد روج آفا (تشرين) ومن ثم سد الطبقة من داعش، إذ بدأ الخبراء الذين تولوا زمام الأمور بملاحظة الوارد المائي القليل من تركيا.

كانت دولة الاحتلال التركي تقوم على فترات متقطعة بحبس مياه الفرات، وجرت ملاحظة هذا الأمر منذ عام 2016، لكن فيما بعد، بدأت وبشكل منتظم ودون انقطاع منذ عام 2021، بحبس كميات كبيرة من المياه عن سوريا وإطلاق ما يصل إلى 200 متر مكعب في الثانية فقط.

الأزمة صيفاً

تزداد المشكلة تفاقماً في فصل الصيف، إذ تقل الكميات الواردة من المياه بشكل كبير، ذلك أن التدفق الطبيعي لنهر الفرات ينخفض بعد انتهاء موسم الفيضان ربيعاً، وتزيد دولة الاحتلال التركي على ذلك، بسرقة حصة السوريين من مياه النهر، ما يؤدي إلى انخفاض المنسوب داخل الأراضي السورية ومن بعدها العراقية.

في صيف عام 2021، عندما اشتدت أزمة الفرات في سوريا، وصلت مستويات الانخفاض في بحيرة سد تشرين إلى ما يزيد عن 4 أمتار، وفي سد الفرات وصل الانخفاض إلى 6 أمتار في البحيرة التي تمتد بطول 80 كم وعرض يبلغ 8 كيلو متر وسطياً؛ وتسع لـ 14 مليار متر مكعب من المياه.

يرتفع استهلاك المياه خلال فصل الصيف بنسب كبيرة، فنسبة 25 متراً تستهلك لمياه الشرب، و75 متراً مكعباً تتبخر دون تحقيق أي استفادة، وتصل نسبة استهلاك مشاريع الري للمحاصيل الزراعية الصيفية بين 140 إلى 160 متراً مكعباً.

بذلك تراوح كمية الاستهلاك بين 240 - 260 متراً مكعباً في الثانية، وهذا ما يؤدي إلى استنزاف في مخزون البحيرات لأن الوارد المائي من تركيا والذي لا يزيد عن 200 متر مكعب في الثانية لا يغطي الاحتياجات الضرورية.

وبالتالي، يشهد مجرى النهر انخفاضاً ملحوظاً، وتقل الكميات التي يجب تزويد المزارعين بها لسقاية المحاصيل، وتتضاءل ساعات توليد الكهرباء وتزداد نسب التلوث في مياه النهر الذي يتوقف عن الجريان فتكثر فيه الطحالب والأعشاب وتتكاثر الجراثيم مع ارتفاع درجات الحرارة، ما يؤدي إلى تسجيل المئات من حالات التسمم والإسهال والإصابات الجلدية.

ومن المتوقع أن يكون قطاع الكهرباء أكثر القطاعات تأثراً بانخفاض المياه، ذلك لأن الإدارة العامة للسدود تعطي الأولوية لمياه الشرب والزراعة ومن ثم الكهرباء، وبالتالي ستشهد المنطقة ساعات انقطاع إضافية للكهرباء بسبب قلة الوارد المائي من تركيا والذي لا يساعد في توليد حاجة المنطقة من الكهرباء.

كما أن صعوبة الحصول على مياه كافية ستضر مساحة تقدر بـ 900 ألف هكتار من الأراضي المزروعة بالحبوب يرويها النهر على ضفتيه في سوريا، أهمها القمح إلى جانب البساتين وأشجار الفاكهة، حسب عددٍ من لجان وهيئات الزراعة في مناطق مختلفة، لكن 400 ألف هكتار من الأراضي بقيت من دون مياه منذ صيف عام 2020، وقالت إدارة السدود في وقت سابق أن استمرار تركيا في حبس المياه قد يضر بـ 600 ألف هكتار زراعية على ضفاف الفرات في سوريا.

في الأول من آذار المنصرم، أعلنت إدارة سد تشرين عن توقف السد عن العمل نتيجة انعدام الوارد المائي، وباتت عشرات المدن والبلدات والقرى في شمال وشرق سوريا دون تيار كهربائي؛ ليعود السد إلى العمل في 8 من الشهر ذاته بعد تجميع كمية مناسبة من المياه تكفي لتشغيله.

وإن استمرار حبس المياه وخاصة مع إقبال الصيف سيعرض السدود لخطر الإيقاف عن توليد الكهرباء، وبالتالي حدوث أزمة في قطاع الطاقة ما سيلقي بظلاله على قطاعات حياتية أخرى في شمال وشرق سوريا والمنطقة بشكل عام.

(د)

ANHA