حرمان شمال وشرق سوريا من المساعدات عبر الحدود يقوض مساعي اجتثاث داعش

يواصل المجتمع الدولي ازدواجيته في التعامل مع الملف الانساني في سوريا، ففي حين تستمر عملية حرمان مناطق شمال وشرق سوريا من المساعدات القادمة عبر الحدود، يتفاقم الوضع الانساني سوءً في المنطقة التي ما تزال تصارع داعش سعياً لاجتثاث جذوره.

حرمان شمال وشرق سوريا من المساعدات عبر الحدود يقوض مساعي اجتثاث داعش
2 تموز 2022   00:17
كوباني

تنتهي صلاحية تفويض مجلس الأمن الدولي بإيصال المساعدات عبر الحدود في يوم الـ 10 من تموز/يوليو، بعد نحو عام من تجديده، ومع إثارة الكثير من الضجيج والتوقعات بإقدام روسيا على إيقاف هذه الآلية وحصرها عن طريق حكومة دمشق، يتجاهل المجتمع الدولي حاجة المناطق الأخرى للمساعدات، لاسيما مناطق شمال وشرق سوريا التي يسكنها أكثر من 5 ملايين سوري حرموا من هذه المساعدات منذ العام 2021.

المساعدات والمصالح السياسية

في عام 2014، سمح مجلس الأمن الدولي بإيصال المساعدات إلى سوريا عبر الحدود مع العراق والأردن وتركيا لتصل إلى مناطق خارجة عن سيطرة حكومة دمشق، عبر 4 معابر حدودية دون موافقة الحكومة، واستمر العمل بهذه الآلية لغاية عام 2020.

وبضغوط روسية وصينية، جرى حصر إيصال المساعدات عبر معبر واحد فقط عام 2022، وهو معبر باب الهوى في منطقة إدلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) المصنفة على قوائم الإرهاب لدى دول غربية، وتأسست في سوريا على أساس أحد فروع تنظيم القاعدة الإرهابي.

ومنذ ذلك الحين، أغلق معبر تل كوجر/اليعربية الذي يصل مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بالعراق، وكانت المساعدات الأممية تصل عبره إلى الملايين الذين يسكنون المنطقة.

واستمر إيصال المساعدات إلى منطقة إدلب، ومن المقرر انتهاء صلاحية التفويض الاستثنائي الذي منحه مجلس الأمن العام الفائت وذلك في مطلع تموز يوليو الجاري، في حين تهدد روسيا مجددا بإنهاء آلية وصول المساعدات عبر هذا المعبر أيضا.

الجانب الروسي يصر على إيصال جميع المساعدات القادمة من الخارج إلى المناطق السورية الخارجة عن سيطرة حكومة دمشق عبر الخطوط لا عبر الحدود، وذلك لاستخدامها لأغراض سياسية، كما يرى مراقبون للقضية.

حرمان شمال وشرق سوريا من المساعدات يقوض مساعي اجتثاث الارهاب

ولا شك أن حرمان مناطق شمال وشرق سوريا التي تديرها الإدارة الذاتية من المساعدات الأممية أثر سلبا على الوضع الانساني الصعب أساساً في المنطقة، مع وجود نسبة سكانية كبيرة يضاف إليها عدد هائل من النازحين القادمين من مختلف المناطق السورية، لكن القضية الأكثر خطورة هي ملف محاربة الإرهاب.

إذ تخوض مناطق شمال وشرق سوريا منذ سنوات متواصلة حرباً ضد مرتزقة داعش التي انهت قوات سوريا الديمقراطية سيطرتها الفعلية على الأرض في آذار عام 2019 في الباغوز بريف دير الزور، لكن نشاط خلايا داعش النائمة لا يزال حاضراً بقوة ويهدد استقرار المنطقة وسوريا بشكل عام.

وبحسب الكثير من الآراء، لا تنحصر مساعي القضاء على أي جماعة إرهابية على الجهود العسكرية والأمنية فقط، إنما تتطلب العملية توفر أجواء ملائمة مثل الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية لإبعاد شبح الفكر المتطرف عن عقول السكان.

وفي هذا السياق، يقول عضو الهيئة الرئاسية في مجلس سوريا الديمقراطية وممثلها في واشنطن بسام صقر: "أولاً وتاريخيا العقوبات لم تسقط أنظمة وإنما أسفت شعوب. وتأثيرها دائما يكون على الشعوب".

ويضيف بسام صقر في حديث لوكالتنا بأن "العقوبات تؤثر على الوضع الاقتصادي وبالتالي يصبح من السهل على داعش تجنيد الشباب الذين هم بحاجة مادية، العوز والفقر يؤثر وبشكل سلبي على زيادة التطرف وزيادة الكره والحقد على من يفرض العقوبات من قبل الشعوب وهذا ما يساعد التنظيمات التكفيرية والارهابية على استغلال ذلك".

ويرى صقر بأن "كل المناطق السورية التي فرضت عليها العقوبات ليست عادلة، وكما بينت تستهدف الشعوب وليس الانظمة، والغريب أن مناطق شمال شرق سوريا والتي هزمت الارهاب المتمثل بداعش واخواتها بالتعاون مع التحالف الدولي بقيادة أمريكا، وعدم الضغط الأمريكي على فتح معبر اليعربية وإنما فقط معبر باب الهوى، وعدم وجود أي دعم سياسي امريكي يؤدي بشكل حتمي إلى سهولة عودة داعش وعدم الاستقرار في المنطقة والقضاء بشكل نهائي على داعش".

داعش يستفيد من غياب الحل السياسي والتهديدات التركية

شهدت الأيام الأخيرة من حزيران/يوليو العام 2022 تزايداً ملحوظاً في نشاط داعش الذي كان قد بدأ التحرك فعليا وفق ما أسماها بـ"غزوة الثأر للشيخين"، بالتزامن مع إطلاق تركيا تهديدات جديدة باحتلال مناطق من شمال وشرق سوريا.

وسبق ذلك هجوم كبير شنه داعش على سجن الصناعة في مدينة الحسكة مطلع العام الجاري، ما أثبت القوة التي لا يزال يتمتع بها داعش، وقدرته على العودة من جديد مع توفر ظروف مواتية.

يؤكد ممثل مجلس سوريا الديمقراطية في واشنطن بسام صقر بأن "التهديدات التركية المستمرة بغزو المنطقة أيضا تؤثر على حفظ الاستقرار وعودة داعش".

ويشدد السياسي السوري على أهمية الحفاظ على الاستقرار والتنمية المستدامة من حيث تامين فرص العمل للجميع والنهوض الاقتصادي وإعادة الاعمار والبدء بالعملية السياسية الحقيقية، بحيث يكون هناك تمثيل لكل المكونات السورية بدون أي استثناء لاجتثاث الفكر الداعشي.

ويوضح بسام صقر بأن "الادارة الذاتية ومسد وقسد خارج العملية السياسية وهذا بدوره يعني عدم تمثيل لكل المكونات السورية".

(ج م/د)

ANHA