في الذكرى السنوية لاحتلال عفرين.. جرائم حرب وتتريك وإبادة ثقافية - 3

لم تتوقف تركيا يومًا منذ احتلالها لمقاطعة عفرين، عن جرائمها وسياساتها الهادفة إلى طمس حقيقة هذه المنطقة وإبادتها ثقافيًّا للقضاء على كل ما هو كردي فيها.

في الذكرى السنوية لاحتلال عفرين.. جرائم حرب وتتريك وإبادة ثقافية - 3
الخميس 18 آذار, 2021   22:32
مركز الأخبار

وفي الجزء الأخير من ملفنا الذي يتحدث عن الاحتلال التركي لعفرين والجرائم التي يرتكبها مع مرتزقته فيها، سنتطرق إلى تدمير المدارس وتدريس التركية في المتبقي منها، وكذلك افتتاح تركيا فروع لجامعاتها فيها بأوامر مباشرة من أردوغان وكأنها أرض تركية، إلى جانب إبادة المنطقة ثقافيًّا والترويج للثقافة التركية فيها.

'استهداف ممنهج للمدارس والمتبقي منها إما سجون أو مقرات عسكرية'

ومنذ اليوم الأول لهجماتها على مقاطعة عفرين في 20 كانون الثاني 2018، استهدفت تركيا وبشكل ممنهج المراكز الحيوية التي تؤمن الخدمات للمواطنين، وكذلك المدارس.

فخلال هجماتها التي استمرت 58 يومًا، دمرت تركيا 68 مدرسة بشكل كامل من أصل 318 مدرسة في مقاطعة عفرين. في حين تعرضت أكثر من 60 % من المدارس بشكل أو بآخر لأضرار كبيرة نتيجة القصف المتعمد عليها.

وعلى الرغم من استمرار احتلال تركيا لمقاطعة عفرين منذ 18 آذار 2018، فإن ما تبقى من مدارس، وضعها ليس بأفضل من المدارس المدمرة، لأنها وبكل بساطة تحولت إما إلى مقرات عسكرية أو سجون يتم فيها تعذيب المواطنين وذلك في محاولة من الاحتلال ربط أسماء المدارس بالجرائم والمآسي.

وفي هذا السياق، أكدت منظمة حقوق الإنسان في عفرين أن 64 مدرسة من المدارس التي لم تتعرض للدمار، حوّلها الاحتلال التركي إلى مقرات للاستخبارات التركية ومعتقلات لتعذيب المدنيين، منها: تحويل مدرسة أزهار عفرين وفيصل قدور ومعهد فيان أمارة والمدرسة الإعدادية في ناحية بلبلة إلى مقر للاستخبارات التركية، وتحويل ثانوية التجارة سابقًا إلى مقر ومعتقل لمرتزقة الشرطة العسكرية.

كما كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن 20 سجنًا أنشأها الاحتلال التركي ومرتزقته في عفرين منذ بداية احتلال المنطقة، بينها مدارس.

وبحسب المرصد تتوزع السجون على الشكل التالي: "سجن المواصلات - سجن البراء – سجن مدرسة الكرامة- سجن الحكمة- سجن ترندة "أخطر المعتقلات السرية ويديره عناصر الاستخبارات التركية"- سجن أزهار عفرين- سجن مدرسة الاتحاد العربي- سجن الأشرفية- سجن المحمودية- سجن شارع الفيلات- سجن مدرسة أمير الغباري- سجن الباسوطة- سجن خريبة- سجن كفر جنة- سجن قرية شنغيلة- سجن ميدان اكبس- سجن المحطة ويعرف أنه أحد المعتقلات الأكثر سوءًا- سجن كوران- سجن شيه- سجن قرمتلق".

وفي السياق، أكد المحامي والناشط، جبرائيل مصطفى، أن هناك إبادة ثقافية ممنهجة يقوم بها جيش الاحتلال التركي ومرتزقته في مدينة عفرين، وأضاف قائلًا: "منذ احتلال مدينة عفرين، ارتكب جيش الاحتلال التركي وفصائله كافة أنواع الجرائم بحق أهالي عفرين من قتل وخطف واغتصاب وتغيير ديمغرافي وسرقة آثار وغيرها من الجرائم، وارتكبوا جرائم الإبادة الثقافية بحق أهالي عفرين وما زالوا مستمرين في ارتكاب هذا النوع من الجرائم بشكل ممنهج ومنظم لأن جرائم الإبادة الثقافية تعتبر من أكثر الجرائم فظاعة التي ترتكب بحق الإنسانية، باعتبارها إفناء متعمد وممنهج لثقافات شعوب بعينها على حساب سيادة ثقافات أخرى".

ومن جانبه، أكد المسؤول السابق في البنتاغون مايكل روبين، أن ما تفعله تركيا هو "انتزاع للأرض" ويضيف قائلًا: "تريد تركيا تتريك تلك المنطقة إلى درجة لا تستطيع فيها تلك المناطق الاندماج مع سوريا مرة أخرى.

 وبعد ذلك، وفي غضون عامين، سيبدؤون ببساطة في الجدال بأنه يجب أن تكون تلك المناطق جزءًا من تركيا، فالتطهير العرقي التركي هو مجرد خطوة أولى نحو هدف الضم النهائي".

'فرض اللغة التركية'

أما المدارس التي سمحت تركيا للمستوطنين بإرسال أطفالهم إليها، فيتم رفع الأعلام التركية فيها وصور أردوغان وأتاتورك ويتم تدريس اللغة التركية فيها.

وفي خطوة أكثر خطورة، افتتحت أنقرة بقرارٍ من وزارة التربية والتعليم، جامعات ومعاهد في المناطق التي تحتلها، وبمناهج دراسية تركية، في إطار سياسة التتريك ووضع اللبنات الأولى لفصل هذه المناطق عن الوطن سوريا.

وبإشراف وزارة التعليم وجامعة غازي عنتاب، تم افتتاح كلية الشريعة في إعزاز وكلية الاقتصاد في مدينة الباب وكلية التربية في عفرين، بالتنسيق مع الطبيب (غسان جاموس) الذي بايع داعش عام 2015 وانتقل الى مدينة الرقة لمعالجة جرحى مرتزقة داعش.

وتقول مصادر من داخل مدينة عفرين أن معاهد دينية افتتحت في المدينة تحت إشراف كلية التربية التي تُدار من قبل وزارة التعليم وجامعة غازي عنتاب مهمتها الترويج لفكر القاعدة والتطرف، وهذا ما أكده المحامي والناشط الحقوقي جبرائيل مصطفى.

وسعى الاحتلال التركي إلى إجبار الأهالي على التعلم باللغة التركية ورفع العلم التركي في المدارس والمؤسسات في المناطق التي يحتلها، بالإضافة إلى فرض اللباس المدرسي التركي على الطلبة. وفرضت المدارس التي تديرها تركيا في الأراضي المحتلة على أطفال عفرين في المدارس، ترديد شعارات صباحية "عاش اردوغان" وإجبارهم على رفع الأعلام التركية.

وفي هذا السياق، يقول المحامي والناشط الحقوقي جبرائيل مصطفى: "جرائم الإبادة الثقافية للاحتلال التركي ومرتزقته بعفرين تجسدت بفرض اللغة التركية والعربية والقضاء على اللغة الكردية".

وتأسّف جبرائيل من عدم وجود نص يجرم ويحرم الإبادة الثقافية، وأضاف قائلًا: "على المجتمع الدولي التحرك سريعًا لإقرار نص يجرم هذا النوع من الإبادة، علمًا أن الإبادة الثقافية هو مكون من مكونات الإبادة الجماعية، وأخذ المصطلح بعين الاعتبار عام/٢٠٠٧/ في إعلان الأمم المتحدة لحقوق الشعوب الأصلية وتم وضعه جنبًا إلى جنب مع مصطلح الإبادة الأثنية لكنه حذف من الوثيقة النهائية، وتم استبداله بمصطلح الإبادة الجماعية".

وأشار الناشط الحقوقي أنه كمحامي وناشط حقوقي ولعدم وجود نص صريح في القانون الدولي يجرم الإبادة الثقافية، فإنه يعتبر أن ما يرتكبه الاحتلال التركي ومرتزقته في عفرين من جرائم الإبادة الثقافية التي تنضوي تحت بند جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الكردي في عفرين.

مراكز ثقافية تركية في عفرين!

وفي إطار محو الثقافة في عفرين وترسيخ الثقافة العثمانية في المنطقة، افتتحت دولة الاحتلال التركي مركز الأناضول الثقافي في مدينة عفرين في 30 كانون الثاني المنصرم.

وتعمل الدولة التركية من خلال المركز الثقافي الذي افتتحته، على نشر الثقافة التركية وجعل اللغة التركية أكثر تداولًا في المنطقة ذات الأغلبية الكردية، الأمر الذي بات يشكل خطرًا جديًّا على مستقبل المنطقة ويقودها إلى مصير مجهول في ظل صمت المنظمات العالمية والدولية.

وفي هذا السياق، قال المسؤول السابق في البنتاغون مايكل روبين، إن كل زعيم تركي، من بولنت أجاويد عام 1974إلى أردوغان اليوم، يعتمد على حقيقة أنه يمكن أن يصمد أمام الغضب الدولي.

 الغرب على الدوام يبدي استياءه، حيث أبدى استياءه عام 1974عندما غزت تركيا قبرص، ولكن أنقرة واصلت التطهير العرقي، وبالكاد يقول الدبلوماسيون الغربيون أي شيء الآن، والشيء نفسه ينطبق على عفرين، بغض النظر عن الغضب الذي عبّر عنه الغرب من التطهير العرقي الذي مُورس ضد الكرد في المنطقة، فإن العالم صامت إلى حد كبير الآن.

وأكد روبين أن تركيا تدرك أنها إذا تجاهلت ببساطة الغضب الدولي، فيمكنها الصمود أكثر من ذلك. أضف إلى هذا المزيج أن أوروبا، وعلى الرغم من كل حديثها عن حقوق الإنسان، فإنها لا تهتم حقًّا إلا بجني الأموال، وتعلم تركيا أن بإمكانها رشوة هؤلاء للتملص من المساءلة.

'عفرين ملاذ آمن الآن لداعش'

وأضاف قائلًا: "مع رحيل جيمس جيفري وريتش أوزن، لم يعد بإمكان تركيا الاعتماد على الأشخاص الذين كانوا يتدخلون لصالحها داخل فريق وزارة الخارجية الأمريكية، على الرغم من أن السفارة الأمريكية في أنقرة لا تزال تدعم تركيا وتدعم دعايتها، ومع ذلك، فإن بايدن يختلف عن ترامب وأوباما وبوش في أنه يعترف بأردوغان على حقيقته: ديكتاتور فاسد ومزعزع للاستقرار، وهو غير مستعد لقبول الوهم القائل بأن تركيا ديمقراطية".

وفي ختام حديثه، لفت مايكل روبين إلى أنه "من المؤكد أن بريت ماكغورك - وهو الآن مسؤول كبير في مجلس الأمن القومي - يفهم ديناميكية المنطقة. ومع ذلك، وفي الوقت الذي قد يكون فيه بايدن أكثر عدائية وأقل ثقة في تركيا بسبب أفعالها في سوريا وكذلك S-400 وليبيا والصومال وسلوكها المزعزع للاستقرار عمومًا، فإنه لا يوجد الكثير مما يبدو أن البيت الأبيض مستعد لفعله لإجبار تركيا على الانسحاب من سوريا في الوقت الحالي، حتى مع تحويل تركيا إلى المناطق التي احتلتها إلى ملاذ آمن لتنظيم داعش".

(ح)

ANHA