من هو المنلا غزيل؟
شاعر كرس كل حياته ومسيرته لنشر العلم, وتوعية المجتمع حيال الإنكار الذي تعتمده الأنظمة الاستبدادية الحاكمة, ليكون رمزاً لأبناء منبج في نشر العلم والأدب.

منبج/شيلان محمد
تعتبر مدينة منبج السورية إحدى المدن التاريخية وذات تراث ثقافي ,وتعتبر الأم للعشرات من الشعراء منهم الشاعر أبو فراس الحمداني, عمر أبو ريشة, البحتري و الشاعر محمد منلا غزيل الذي سنسرد لكم مقتطفات من حياته وسيرته الذاتية اليوم بالتزامن مع الذكرى السنوية الثالثة لرحيله عن الحياة.
محمد منلا درويش الملقب والمعروف وسط العامة بالغزيل, لقب شعرياً بالغزيل نسبة إلى جده الغزيل ,ولد الغزيل في مدينة منبج التابعة لمحافظة حلب السورية في كانون الأول عام 1936, وسط عائلة فقيرة الحالة تفتقد أبسط احتياجات الحياة اليومية, مرتبط بوالدته أكثر من أفراد عائلته الآخرين, في حي الشيخ عقيل المنبجي ضمن المدينة.
درس المنلا غزيل في الخامسة من عمره ضمن ما يعرف بالكتاتيب" وهي عبارة عن دروس تعليمية يتلقاها الطلاب على أيدي أئمة الجوامع " بهدف تعلم القراءة والكتابة, وانضم بشكل رسمي إلى المدرسة الابتدائية التي تعرف بمدرسة نموذج منبج1944, وأنهى دراسته الابتدائية في نفس المدرسة عام 1950, ليكون من المتفوقين بين زملائه, ورشح للدراسة في المدارس الإعدادية المتطورة في مدينة حلب, استكمل دراسته الإعدادية في إعدادية المأمون في حلب, وأنهى الإعدادية بداية عام 1954, وتابع الدراسة ضمن ثانوية إبراهيم هنانو في حلب وانتهى منها عام 1957.
وعلى الصعيد الجامعي بدأ الغزيل دراسته الجامعية في قسم اللغة العربية ضمن كلية الأدب واللغات بجامعة دمشق, تخرج عام 1961 حائزاً على إجازة في الأدب العربي, وحصل عام1962 على الدبلوم العام في التربية من كلية التربية بجامعة دمشق .
ظهرت موهبة الغزيل الشعرية منذ دراسته في المرحلة الابتدائية , ولفت الغزيل الأنظار إليه ضمن مسيرته الدراسية في الإعدادية ولقب هنا من مدرسيه بالبحتري الصغير نظراً لإلمامه بكتابة وقراءة الشعر, وكان من المعروفين ممن يترددون إلى المكتبة الوطنية في حلب لقراءة الكتب العربية التاريخية, والدواوين الشعرية, ومن دعاة العلم بين رفاقه لإصراره على من حوله بضرورة الاجتهاد والبحث عن العلم وإحياء الثقافات العربية.
بدأ المنلا غزيل العمل بعد الحصول على الدبلوم العام في التربية, بتدريس اللغة العربية عام 1963ودرّس خلال مسيرته التدريسية في ثانويات عدة ضمن مدينة حلب السورية ,وواصل التدريس حتى عام 1969, وكانت فترة خدمته في مجال التدريس قصيرة نظراً لتقاعده لأسباب صحية .
لم يتوقف المنلا غزيل عن مواصلة مسيرته الثقافية ككاتب وشاعر بعد التقاعد, بل واصل مسيرته في إعداد المؤلفات الشعرية , والكتب الثقافية, حيث استطاع الغزيل منذ بدئه بالكتابة كتابة العديد من الدواوين الشعرية منها " في ظلال الدعوى 1956 , الصبح القريب 1959 , الله والطاغوت 1962 , اللؤلؤ المكنون 1962 , طاقة الريحان 1974 , البنيان المرصوص 1975 , وطبع مجلداً عاماً يشمل جميع أعماله الشعرية والمعروفة الآن "الأعمال الشعرية الكاملة للمنلا غزيل" عام 1978 , إلى جانب كتاباته في عدة مجلات دورية منها حضارة الإسلام.
الرئيس المشترك لاتحاد المثقفين في مدينة منبج السورية الشاعر أحمد اليوسف ممن عاصروا مسيرة الغزيل يقول" كان الشاعر منلا غزيل أباً روحياً لكافة أبناء منبج، مهتماً بالأدب والثقافة, وعلى جه الخصوص لمن كانوا يترددون إلى المركز الثقافي, و كان يجمع حوله الطلاب والتلاميذ ويقدم النصائح والإرشادات ويستمع لهم, بهدف تشجيع المواهب الموجودة لدى المترددين".
اتصف الغزيل بين شعبه في منبج بالشاعر الشجاع, المتواضع, الذكي, عفيف النفس, الشهم, ويقول رفاقه في هذا الصدد " المنلا غزيل لم ينقطع عن العالم والمجتمع يوماً , كنت تراه متواجداً داخل كل خيمة للعزاء في المدينة, وكان يشارك الشعب أفراحهم, كما كان ضد كل مظاهر الاستبداد والسلطوية ويدعو إلى التخلص منها, له دور كبير في النهضة العربية ويعتبر من أدباء النهضة العربية لذلك بقي خالداً في نفوس أهالي منبج باعتباره يمثل الحرية والأدب الإنساني.
أما خالد الحاج محمد وهو أيضاً ممن عاصروا زمن الغزيل فيصفه بالملم بالعلم وعفيف النفس قائلاً" لم يكن شخصاً مادياً أبداً لم يعتمد على التدريس لأجل الحصول على المال مقابل عمله , بل كان يعمل لعشقه وحبه للعلم, خلال مسيرة تدريسه لم يتقاضَ المال من التربية, باستثناء ما يسد حاجته فقط, وكان يعمل في الدرجة الأولى على نشر الثقافة والمعرفة, حيث كان يوزع المئات من الكتب التي تطبع له من دون مقابل علينا.
وعن قصة رحيل الغزيل يقول الرئيس المشترك لاتحاد المثقفين في مدينة منبج السورية أحمد اليوسف "المنلا غزيل كان مدرسة للكثير من رواد الأدب والثقافة في منبج وتخرج على يده الكثير من الشعراء والأدباء الذي برزوا في الساحة الأدبية , رحل الشاعر الكبير المنلا غزيل من ساحة الأدب والشعر منذ عامين لأسباب مرضية, حيث وافته المنية في الـ 5 من كانون الثاني عام 2016 ووري الثرى في مقبرة الشيخ عقيل بمنبج مسقط رأسه".
ويقول اليوسف أيضاً" إن سبب تسمية المكتبة المركزية في مدينة منبج باسم محمد منلا غزيل يعود لرمزية هذا الشاعر لدى أبناء مدينة منبج, لأنه شخص مثل الأدب والثقافة في المدينة, ولتمثيله للطبقات الكادحة والفقيرة التي لم تستطع إيصال صوتها للناس بسبب استبداد الحكومة من خلال كتاباته.
(سـ)
ANHA