سياسي سوري: تركيا الخاضعة لروسيا تحاول تسليم إدلب للنظام

سياسي سوري: تركيا الخاضعة لروسيا تحاول تسليم إدلب للنظام
30 مايو 2018   02:18

أشار الكاتب والناقد الفكري السوري علي أمين السويد إلى السياسات التي تدور حول إدلب، وقال إن دولة الاحتلال التركي تحاول تسليم المحافظة إلى النظام السوري دون رصاص، كما سلمتها للقاعدة الإرهابية في عام 2015، مشيراً إلى أن سياسات التغيير الديمغرافي في سوريا تجري بيد روسيا وتركيا بعد خنوع الأخيرة للأولى، وأن سبب تراجع المعارضة على حساب النظام جاء لعدم تواجد هدف ثوري وطني.

مركز الأخبار

جاء ذلك خلال حوار مطول أجرته وكالتنا ANHA مع الكاتب والناقد الفكري علي أمين السويد، حيث نوه بأن تركيا تحاول كسب مصالح لها وأن روسيا تحاول إعادة النظام السوري كما كان.

نص الحوار كالتالي:

1-تدور في سوريا سياسات تغيير ديمغرافي لبعض المناطق في سوريا، والتغيير يجري بوتيرة عالية، حيث يتم نقل عائلات من أرياف دمشق وحمص إلى جرابلس والباب وإعزاز وعفرين وإدلب، كيف تنظرون إلى هذه السياسات، وما هو سببها برأيكم؟

مع تطور الوضع في سوريا، وجد النظامان السوري والتركي الفرصة مواتية للتعاون فيما بينهما على الأسس التالية:

أولاً – النظام السوري يريد من تركيا أن تقوم بالضغط على الفصائل السورية المعارضة لتنفيذ مخططاته الرامية إلى إعادة تسليم محافظة إدلب له كما سلمها أول مرة لتنظيم القاعدة الإرهابي. وقد ثبت أن لتركيا اليد الطولى في قيادة جميع الفصائل الإرهابية كجبهة النصرة وأحرار الشام وفيلق الشام وبعض مما يسمى بالمعتدلة وهي ليست كذلك.

ثانيا – تركيا تخطط لأن تفصل الكرد في تركيا عن الكرد في سوريا بجدار بشري من عائلات المرتزقة الموالين لها، خشيةً من تطور الأمور باتجاه قيام دولة كردية غرب كوردستان شمال سوريا، لذلك قبلت تركيا بمهمة مساعدة النظام الأسدي على إعادة السوريين إلى حظيرة الأسد مقابل أن يطلق النظام السوري يد تركيا في الشمال وعدم التعرض لها إعلامياً أو رفع شكوى عليها في الأمم المتحدة بحجة أنها دولة تنتهك السيادة الوطنية السورية المزعومة.

2-إدلب وجرابلس وإعزاز والباب وعفرين، الآن حديث الساعة، هناك أحاديث تدور حول بدء النظام بحملة عسكرية على إدلب، وحشوده عند سهل الغاب تدل على ذلك، كيف تقيّمون ذلك، وماذا سيكون حال العائلات التي خرجت من دمشق وحمص باتجاه تلك المنطقة، كونها مناهضة للنظام ؟

حسب اتفاقيات أستانا، يتم إنشاء وتدعيم ثلاثة أنساق من نقاط المراقبة حول محافظة إدلب: شرقية إيرانية، ثم روسية في المنتصف، وتركية في الغرب ضمن شريط أرضي عرضه بمتوسط  3 كم.

في المرحلة الأولى، سيتم فتح طريق حلب – دمشق، وباب الهوى سراقب وسيتم حمايته جوياً من قبل الطيران الروسي، وبرياً من قبل جبهة النصرة الإرهابية حليفة تركيا.

في المرحلة الثانية، ستقوم تركيا بالطلب من جميع الفصائل حلّ نفسها وتشكيل فصيل واحد تحت مسمى رنّان، ثم تبدأ بتحويله إلى شرطة مدنية وعسكرية في مناطق إدلب وريف حلب الشمالي.

علماً أن النظام لن يتوقف عن القصف المتقطع للمدنيين بحجة محاربة جبهة النصرة، وكل ذلك ليدعم خطط تركيا لإعادة كامل إدلب إلى النظام بدون رصاص.

المرحلة الثالثة سيتم إقناع المهجرين من جنوب سوريا بالتوجه إلى شمال سوريا على امتداد الشريط الحدودي مع تركيا والاستيطان هناك.

فالمهجّر، كما تعلمون،  لا بد وأن يعود إلى منزله الأساسي ومدينته التي فيها مصالحه. وقد تآمر الطاغية بشار الأسد مع الطاغية أردوغان على تنفيذ مخطط التغييرات الديمغرافية على النحو التالي:

قام نظام الأسد بإصدار قانون رقم 10 والذي بموجبه فعلياً تتم مصادرة ممتلكات المهجرين. لذلك، وحتى إن عاد المهجرون إلى مدنهم في دمشق، فلن يجدوا ممتلكاتهم وسيصبحون مهجرين في مدنهم.

يقوم النظام التركي بمنع المهجرين العرب من الالتجاء للمدن ذات الأغلبية العربية في الشمال السوري مثلما حدث في مدينة الباب، ليضغط عليهم كي يتجهوا إلى المناطق ذات الأغلبية الكردية كما يحدث الآن في عفرين وأريافها.

وبهذه المناسبة أود أن أؤكد أن أي تغيير ديمغرافي يستهدف اغتصاب ممتلكات المواطنين السوريين مرفوض جملةً وتفصيلاً. وقيام تركيا أو أية جهة أخرى بتوطين المهجرين السوريين مكان المهجرين السوريين الكرد جريمة تخالف القوانين الدولية، تماماً مثل توطين الأجانب من الطائفة الشيعية مكان المهجرين السوريين من مناطق الغوطة وريف دمشق. 

3-الأمر الآخر ما هو سبب تراجع فصائل المعارضة على حساب النظام في مناطق دمشق وحمص، في الوقت الذي كانت في عام 2014 تسيطر على نصف دمشق ومناطق واسعة من حمص؟

لقد تراجعت جميع الفصائل المسلحة المعتدلة، وفشلت بسبب عدم وجود هدف ثوري وطني واضح للنضال المسلح من أجله، وبسبب عدم وجود مشروع سوري وطني مخلص لسوريا الثورة، تعمل بموجبه مؤسسة سياسية سورية وطنية بعيداً عن أجندات الدول القريبة والبعيدة. وأهم أسباب الفشل هو عدم ثقة الشعب ببعضه البعض.

في ظل الظروف التي ذكرتها لا يمكن لأي فصيل الصمود حتى ولو كان جيشاً جراراً.

4-في إدلب على وجه الخصوص، هناك العشرات من الفصائل، منها الإرهابية مثل النصرة، هناك عمليات اغتيال، من هو سبب هذه المشاكل التي تدور هناك، في الوقت الذي تقول فيه  تركيا إنها ستبدأ بحملة عسكرية ضد جبهة النصرة في إدلب، برأيكم ماذا سيكون مصير هذه المحافظة ؟

لنضع النقاط على الحروف قبل الإجابة على هذا السؤال. فتنظيم القاعدة تحت مسمى هيئة تحرير الشام الإرهابية هو من يسيطر سيطرة مطلقة على كافة أرجاء محافظة إدلب وبعض ريف حلب، وبعض ريف حماة.

وجميع الفصائل الأخرى المعتبرة معتدلة شكلاً، والتي تتبع لإرادة جبهة النصرة الإرهابية مضموناً عبارة عن خزان ذخائر، ومورد بشري للجبهة تستخدمه حين تشاء.

جميع هذه الفصائل التي يقال عنها "جيش حر" ليست حرة وأوامرها تأتي من تنظيم القاعدة الحاكم الفعلي للمنطقة.

أما ما يسمى جبهة تحرير سوريا، فهي فصيل يحاول أن يثبت وجوده على الأرض لتحصيل بعض المكاسب القادمة نتيجة لاستعمال تركيا لهم كأدوات لضبط الأمن والسيطرة وحماية الطرق.

لذلك نشاهد تلك المعارك بين (جبهة تحرير سوريا) و(هيئة تحرير الشام). فهيئة تحرير سوريا ترى بأن الجبهة أضعف من أن تقاسمها على أية مكاسب مادية. وأؤكد هنا على المكاسب المادية، فهي  التي ستذهب إلى حسابات الأمراء في بنوك خارج المنطقة، حيث سيلحقون بحساباتهم حينما تنتهي مهماتهم، بينما سيتم قتل العناصر والتباهي بإعلان النصر على الإرهاب من قبل النظام وليس تركيا.

تركيا لن تحارب جبهة النصرة الإرهابية. فكل ما تفعله تركيا في الشمال يجري بالتعاون الكثيف بين تركيا وجبهة النصرة. وقد صرح مؤخراً المجرم قاتل عمه يوسف الهجر الذي قدمته قناة الجزيرة القطرية على أنه المسؤول السياسي للهيئة بأن تركيا حليف هيئة تحرير الشام والتعاون بينهما قائم على قدم وساق.

5-كيف ترون التدخلات التركية في سوريا وبالأخص الزاوية الشمالية الغربية، وآخرها عفرين، وذلك في ظل المشاكل الداخلية التي تشهدها؟ وهذه التدخلات تأتي نتيجة ماذا؟  تركيا باتت على أبواب حلب بوضعها نقطة مراقبة في منطقة الراشدين، ما هي الخطط التي تحيكها كل من تركيا وروسيا؟، وما هو الدور الإيراني فيها، فبحسب المواقف التي تظهر فإن إيران غير راضية عما يحدث، كيف تقيّمون ذلك ؟

التدخلات الروسية والتركية في الزاوية الشمالية الغربية تدخل في ظل الاتفاق الذي تحدثت عنه بين النظام وتركيا في معرض إجابتي على الأسئلة الأولى، ولكن يجب توضيح أمر هنا.

فمن المؤكد بأن روسيا لا ترغب باستفحال الدور الإيراني وهي لا تمانع إخراج إيران من المنطقة. علماً أن إخراج إيران من المنطقة لا يعني طرد الميليشيات الشيعية من سوريا لأن هذه الميليشيات مرتزقة، وتتبع من يدفع لها، ولا تغرنكم تلك الشعارات الطائفية التي ترفعها.

6-هل ترون أن روسيا وتركيا وإيران سيستمرون في إبرام اتفاقات على هذه المنطقة بمنأى عن أمريكا، هل توغل  تركيا واحتلالها للمنطقة لصالح أمريكا أم لصالح روسيا وإيران؟ أم أن لكم رأياً آخر في هذا الصدد؟

 مستقبل إيران في المنطقة بدأت تصفرّ أوراقه، إن لم نقل بدأت بالتساقط. وروسيا غير مستعدة للدفاع عن إيران، وربما هنالك إرادة مشتركة بين روسيا وأمريكا لإخراجها بضغط أمريكي ظاهري، وسكوت روسي. أما تركيا فدورها محدود وتسعى لتحقيق مصالحها في التغيير الديمغرافي الذي ذكرته آنفاً. وهنا أقول بأن تركيا أصبحت معدومة الإرادة، بعدما باع أردوغان نفسه لروسيا حمايةً لنظامه.

7-إلى أين تتجه سوريا؟ وما سبب تعمق الأزمة السورية؟ ولماذا لا يتم إيجاد حل لهذه الأزمة؟

بات من الواضح أن السوريين فقدوا حق تقرير مصير أنفسهم، وأقصد هنا كل السوريين دون استثناء، بما فيهم النظام من أساسه إلى رأسه. وسبب ذلك هو عدم وجود مشروع وطني ثوري يؤيده السوريون كلهم دون استثناء، وعدم الإخلاص في العمل الثوري، فقد ثبت أن معظم من عمل في الثورة رهن نفسه لدولة داعمة فتوهم أن تحقيق مصالح الدولة الداعمة أولاً سيكون بوابة لتحقيق مصالح الثورة السورية.

ومن الواضح أن روسيا تسعى لإعادة بناء الدولة السورية وفق رؤيتها هي، وإرادتها هي بعيداً عن الاستجابة أو حتى الاستماع لصوت الشعب السوري.

 

ANHA