ممثلة مسد في مصر: تركيا تحوّل الشمال السوري إلى قنبلة موقوتة تهدد الأمن والسلم الدوليين

أوضحت ليلى موسى أن تركيا تُشكل تهديداً جدياً على السلم والأمن الدوليين، وإنّ تجفيف منابع الإرهاب غير ممكن إلا إذا كفت تركية عن سياساتها. وقالت: "تركيا تحوّل الشمال السوري إلى قنابل موقوتة تهدد الأمن والسلم الدوليين".
أوضحت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر، ليلى موسى، أن حماية الأمن القومي التركي ـ وفق منظور ومنطق حكومة العدالة والتنمية ـ تتم عبر التنظيمات الإسلاموية، وأكدت أن تركيا تستهدف الأمن الوطني السوري برمته، كما تستهدف جميع مكونات المجتمع السوري دون استثناء.
تصريحات ليلى موسى جاءت في حوار مع وكالتنا، حول خطورة السياسات التركية بحق الشعب السوري، حيث أكدت أن ما تقوم بها دولة الاحتلال التركي من سياسات واستراتيجيات عبر أداتها ـ الإسلام السياسي ـ مثار قلق من قبل الشارع والحكومة المصرية، لأن تأسيس أي كيان إسلاموي متطرف في الشمال السوري هو تهديد جدّي لأمن وسلم المنطقة برمتها، وإعطاء زخم ودفع معنوي للتنظيمات الإسلاموية في الدول الأخرى.
وفيما يلي نص الحوار:
*تطلق دولة الاحتلال التركي تهديدات باجتياح مناطق سورية جديدة بذريعة حماية "أمنها القومي"، كما أنها لم توقف هجماتها ضد المنطقة منذ أعوام، برأيكم ماهي الأهداف الحقيقية لدولة الاحتلال التركي؟
لم يعد خافياً على أحد أهداف حكومة العدالة والتنمية الاحتلالية التوسعية، فكما تعلمون أن دولة الاحتلال التركي لديها مشروع متمثل بمشروع "الميثاق الملي"، الذي يهدف إلى احتلال كامل الشمال السوري.
وهذه الحكومة معروفة بسياساتها البراغماتية، القائمة على استغلال كافة الظروف بما يخدم أجنداتها، وهذه المرة تستغل انشغال العالم بالحرب الأوكرانية، مستخدمة إياها كورقة ابتزاز لإجبار المجتمع الدولي على الاستجابة لمطالبها؛ لقاء بعض الخدمات التي تقدمها، وتغطية على فشل سياساتها الداخلية. فهي تعيش أزمات حقيقية من الناحية الاقتصادية ومجال حقوق الإنسان وغيرها.
*ما مدى خطورة الهجمات التركية على مكونات المنطقة، وهل تستهدف الكرد فقط، أم هي حجج وذرائع لتوسيع رقعة احتلالها؟
هذه الهجمات لها أبعاد خطيرة، وستكون لها تداعيات كارثية على المستقبل الأمني للمنطقة برمتها، وليست سوريا وحدها، فهي تهدف إلى اقتطاع أراضي سوريا وتكرار سيناريو لواء اسكندرون وقبرص، والعبث بأمن واستقرار المنطقة، وبالتالي الإسهام في تنشيط داعش ولملمة شتاته، بل والأخطر من ذلك، توطين متطرفين بمختلف تنظيماتهم، من الإخوان والقاعدة وداعش في المناطق التي تحتلها.
حيث إن تركيا تقوم بتشكيل حزام من الجماعات الإسلاموية المتطرفة على الحدود الشمالية لسوريا، وبذلك تحوّل الشمال السوري إلى قنابل موقوتة تهدد الأمن والسلم الدوليين.
كما لا نستبعد أن يصبح الشمال السوري المصدر لكل هؤلاء أو ربما لتنظيم أكثر تطرفاً، وبمسمى مختلف، كالإخوان في مصر، والقاعدة في أفغانستان، وداعش في العراق.
وكي تتمكن تركيا من تمرير مشروعها الاحتلالي للشمال السوري، فهي بحاجة إلى إسكات الداخل التركي، وكسب مشاعر وتعاطف العالم الإسلامي والقومي التركي عبر خطاباتها الغوغائية، وضوء أخضر دولي، فإنها تقوم بإطلاق حجج وذرائع واهية، لاستهداف الجميع وليس الكرد وحدهم، والدليل أنها تمارس حتى في المناطق ذات الغالبية العربية عمليات تتريك ممنهجة وترتكب انتهاكات منافية لجميع المواثيق والأعراف الدولية والإنسانية بحق سكانها، عبر إطلاق يد الفصائل الإسلاموية المتطرفة.
*تدعي تركيا تشكيل ما تسمى بـ "المنطقة الآمنة" وترحيل اللاجئين السوريين إليها، وفي الوقت نفسه نرى أن المناطق المحتلة من قبل تركيا فيها فلتان أمني وعسكري واجتماعي ومعيشي، ومؤخراً خرجت تظاهرات عدّة في تلك المناطق وبشكل خاص في عفرين. فعن أي أمان تتحدث السلطات التركية، وكيف تقيّمون الوضع هناك؟
في حقيقة الأمر، إن استراتيجية حكومة العدالة والتنمية من إنشاء المنطقة الآمنة هو تشكيل حزام آمن للجماعات الإسلاموية المتطرفة، أدواتها الاستراتيجيين في تمرير أجنداتها وتأمين تدخلاتها في الدول الأخرى، حيث إن هذا الحزام هو ضمان الحفاظ على استمرارية الأمن الوجودي للتنظيمات الإرهابية.
كما أن هذا الحزام سيكون بمثابة خاصرة رخوة مليئة بالتناقضات والفوضى تضمن استمرارية التدخل التركي في سوريا.
واحتلالها لـ (عفرين، وسري كانيه، وكري سبي) عبر صفقات قذرة مع بعض الدول والقوى المتخاذلة، والمترافقة مع الصمت الدولي، ليس لأن هذه المناطق غير آمنة، بل لأنها تشهد ولادة تجربة وطنية ديمقراطية فتية لأول مرة في تاريخ سوريا الحديث، وتدار من قبل أبنائها وإرادتهم الحرة.
وفق منطق الدول الاستبدادية الديكتاتورية، وتركيا نموذجاً، ما يهدد وجودها هو هذه التجربة الفتية، لذا عملت وتعمل بكل ما تمتلك من وسائل وأدوات لوأدها. وعلى الرغم من وجود داعش على حدودها لم نسمع من حكومة العدالة والتنمية أي شكوى من تهديد على "أمنها القومي".
فحماية الأمن القومي التركي وفق منطق حكومة العدالة والتنمية تتم عبر التنظيمات الإسلاموية.
أما بخصوص ما يحدث في عفرين، فهو نتيجة طبيعية لما يتعرض له الشعب من انتهاكات وجرائم وتردٍ للوضع المعيشي والانفلات الأمني، حيث إن الشعب الذي ثار على الاستبدادية والمطالبة بحياة كريمة، بالتأكيد لن يقبل بهكذا وضع، كما أن الشعب لم يعد يقبل أن تتم المتاجرة به بما يخدم الأجندات والاستراتيجية التركية بعدما كشف زيف الخطابات الغوغائية لأردوغان من قبيل نصرة الشعب السوري وغيرها من الخطابات المنافية للحقيقة.
وهي خطوة مهمة في أن يضع الشعب السوري حداً لاستغلاله واستخدامه كأداة في اقتطاع أجزاء من الجغرافية السورية وتمزيق نسيجها الاجتماعي، وتغيير ديمغرافيتها والعبث بأمنها واستقرارها.
*هناك رود فعل إقليمية ومحلية حيال التهديدات التركية الأخيرة وحيال الهجمات التي تتعرض لها المنطقة، كيف تقيّمون هذه الرود، وهل هي كفيلة بردع النظام التركي؟
تركيا بهذه التهديدات والاحتلالات تشكل تهديداً جدّياً على السلم والأمن الدوليين، وهي وعقب كل عملية تقوم بها تساهم في تنشيط وتنمية الإرهاب والتطرف، وإنّ تجفيف منابع الإرهاب غير ممكن إلا إذا كفت تركيا عن سياساتها.
وعلى الرغم من إدراك المجتمع الدولي لهذه الحقيقة، إلا أن ردود فعله الآن، ليست في المستوى المطلوب. وكما قلت سابقاً مع الأسف الأولوية للمصالح.
نأمل أن تكون هناك خطوات عملية وجدية من قبل المجتمع الدولي تضع حداً لهذه التهديدات، كما نأمل من الشعب السوري ألا يسمح بأن يكون ضحية لهكذا مشاريع وأدوات، لتمرير سياسات وأجندات خارجية تتسبب في تمزيق سوريا شعباً وأرضاً.
*في سياق متصل، دعت الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية حكومة دمشق إلى القيام بواجبها الوطني، وحماية الأراضي السوري، برأيكم ما المطلوب من الحكومة الآن؟
المناطق التي تهدد تركيا باحتلالها هي أراضٍ سورية، وبالتالي من واجب حكومة دمشق القيام بواجباتها الوطنية، بالوقوف في وجه هكذا تهديدات والحفاظ على الوحدة والسيادة السورية.
ونأمل ألا تتكرر تجربة عفرين وغيرها من المناطق المحتلة تركياً، حيث إننا أمام مرحلة تاريخية مفصلية، كما أنها فرصة لتوحيد الجبهة الداخلية السورية في وجه المشاريع الاحتلالية التوسعية الخارجية واستعادة المحتلة منها.
لأن ما تقوم به تركيا لا يستهدف مكوناً أو طائفة بحد ذاتها، إنما تستهدف الأمن الوطني السوري برمته. كما تستهدف جميع مكونات المجتمع السوري دون استثناء.
*تمارسون نشاطاً دبلوماسياً في مصر، ما موقف القوى السياسية المصرية من التهديدات والهجمات التركية؟
ما تقوم به الدولة التركية من سياسات واستراتيجيات عبر أداتها الإسلام السياسي، مثار قلق من قبل الشارع والحكومة المصرية، لأن تأسيس أي كيان إسلاموي متطرف في الشمال السوري هو تهديد جدّي لأمن وسلم المنطقة برمتها، وإعطاء زخم ودفع معنوي للتنظيمات الإسلاموية في الدول الأخرى، وعلى هذا الأساس، أصدر الائتلاف الوطني للأحزاب السياسية المصرية مؤخراً، تنديداً بالتهديدات التركية حول شن عملية عسكرية احتلالية للشمال السوري.
(ل م)
ANHA