المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني… مرحلة جديدة من التحول السياسي

شهد المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني، الذي عُقد بين 5 و7 أيار، قرارات تاريخية، ما يعكس توجهاً جديداً نحو العمل السياسي والمجتمعي. تناولت قناة Stêrk TV  هذه التحولات في برنامج خاص استضافت فيه جميل بايك، خالدة أنكيزك، وأوزغور شركر، حيث ناقشوا أبعاد القرار وتأثيره على مستقبل الحركة الآبوجية، ودور الشباب والمرأة في استراتيجية المرحلة القادمة.

المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني… مرحلة جديدة من التحول السياسي
الأحد 18 مايو, 2025   15:15
مركز الأخبار

تناولت قناة Stêrk TV  في أحد برامجها قرارات المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني، الذي شهد إعلان حل الهيكل التنظيمي للحزب وإنهاء الكفاح المسلح. واستضافت القناة ثلاثة ضيوف بارزين، بينهم الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني جميل بايك، وعضوة مجلس ديوان المؤتمر خالدة أنكيزك، وعضو منسقية مجموعات الشبيبة أوزغور شركر، حيث قدموا تقييماتهم حول هذه التحولات الجوهرية.

في حديثه خلال البرنامج، أكد الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، جميل بايك، أن المؤتمر الثاني عشر لم يكن مجرد اجتماع تنظيمي، بل خطوة جوهرية في إعادة تشكيل نهج الحزب، استناداً إلى رؤية القائد عبد الله أوجلان. وأشار إلى أن تأسيس حزب العمال الكردستاني شكّل نقطة تحول تاريخية للكرد، حيث لم يكن هناك حديث عن كردستان أو عن الهوية الوطنية قبل تدخل القائد أوجلان في المشهد السياسي.

وأضاف بايك أن الحركة الكردية منذ انطلاقها لم تكن مجرد مقاومة ضد الإنكار، بل كانت مشروعاً لإحياء كردستان وبناء هوية وطنية متماسكة، رغم جميع التحديات التي واجهتها. كما شدد على أن القرار بحل الهيكل التنظيمي للحزب وإيقاف الكفاح المسلح لا يعني نهاية النضال، بل بداية لمسار سياسي جديد يهدف إلى تحقيق الحرية عبر الوسائل الديمقراطية.

تحولات تاريخية وتأثيرات إقليمية

استعرض بايك في حديثه مراحل تطور النضال الكردستاني، مشيراً إلى كيف أسس القائد مفهوم الحياة الحرة، ومؤكداً أن القضية الكردية تجاوزت الإطار المحلي لتصبح قضية إنسانية أوسع. كما تطرّق إلى التغيرات السياسية التي شهدتها تركيا والمنطقة، معتبراً أن الحرب في الشرق الأوسط فرضت واقعاً جديداً على القوى السياسية، مما دفع الحزب إلى إعادة تقييم استراتيجيته لمواكبة هذه التغييرات.

وأكد أن الحل السياسي للقضية الكردية هو الهدف الأساسي في المرحلة المقبلة، رغم محاولات القوى الإقليمية عرقلة هذه الجهود، مشيراً إلى أن حزب العمال الكردستاني سيواصل العمل على تحقيق تطلعات الشعب الكردي عبر الوسائل السياسية والديمقراطية، بدلاً من النهج العسكري السابق.

وأشار إلى أن المؤتمر الثاني عشر لم يكن مجرد اجتماع تنظيمي، بل خطوة تاريخية تعكس تحولاً جوهرياً في مسار الحزب، والذي يسعى إلى بناء مستقبل جديد يستند إلى الحوار السياسي والمجتمعي.

وبدورها، أكدت خالدة أنكيزك أن المؤتمر الثاني عشر انعقد وفق رؤية القائد عبد الله أوجلان، ليكون محطة رئيسة في مسيرة التحول السياسي للحزب، مؤكدة أن قرار حل الهيكل التنظيمي لحزب العمال الكردستاني ليس نهاية للنضال، بل خطوة نحو نموذج جديد أكثر ارتباطاً بالمجتمع الديمقراطي والاشتراكية.

وأضافت أنكيزك أن الحزب شهد منذ تأسيسه تحولات جوهرية في أساليبه النضالية، مشيرة إلى أن إعادة الهيكلة الحالية تُعد امتداداً لطريق التغيير الذي بدأ منذ عام 2000. كما شددت على أن المؤتمر الثاني عشر استند إلى الإرث الفكري والسياسي الذي تركه الحزب، ليؤسس لمرحلة جديدة من العمل التنظيمي المبني على توجهات ديمقراطية أكثر وضوحاً.

أشارت أنكيزك إلى أن حزب العمال الكردستاني لعب دوراً جوهرياً في جميع أجزاء كردستان، وخاصة في روج آفا، حيث أسهم بشكل مباشر في تعزيز الوعي السياسي والاجتماعي، وإرساء مفاهيم الديمقراطية والمقاومة المجتمعية. وأكدت أن إرث الحزب سيستمر في بناء المجتمع الديمقراطي والحياة المشتركة، رغم انتهاء دوره كتنظيم سياسي تقليدي.

نحو نموذج اشتراكي ديمقراطي جديد

بحسب أنكيزك، فإن الحل الذي تبناه الحزب لا يقتصر على إنهاء الكفاح المسلح، بل يمتد إلى إعادة صياغة النموذج السياسي والاجتماعي، حيث تم تجاوز فكرة الدولة القومية إلى نموذج أكثر شمولاً، يقوم على أسس الاشتراكية الديمقراطية. وأوضحت أن الحزب لم يكن عقبة أمام أي جهود سياسية، بل كان دائماً قوة محركة للمطالب الديمقراطية، ورافداً للعدالة الاجتماعية في المنطقة.

ولفتت أنكيزك في حديثها إلى أن إرث حزب العمال الكردستاني سيبقى جزءاً من النضال المستقبلي، عبر مؤسسات جديدة تتبنى استراتيجيته، مؤكدة أن هذا التحول لا يعني نهاية النضال، بل بداية مرحلة مختلفة أكثر انسجاماً مع المتغيرات السياسية والاجتماعية في الشرق الأوسط.

اما أوزغور شركر فقد أكد أن الشبيبة كانت دائماً القلب النابض لحزب العمال الكردستاني منذ تأسيسه، مشيراً إلى أن القائد عبد الله أوجلان وضع الشبيبة في محور النضال حين قال: "لقد بدأنا بالشبيبة، وسننتصر مع الشبيبة." وأضاف أن الحزب لم يكن مجرد حركة سياسية، بل كان تجسيداً لروح الشباب، التي تستمر في دفع عجلة التغيير والحرية.

كما شدد شركر على أن القائد يمثل الشخصية الأكثر تمتعاً بروح الشباب في العالم، حيث حافظ على طاقة الثورة رغم الظروف الصعبة التي يواجهها في إمرالي، معتبراً أن استمرارية النضال بروح الشبيبة هي الضمان لتحقيق التحولات الديمقراطية والاجتماعية التي يسعى إليها الحزب.

تناول شركر طبيعة المهام الجديدة الملقاة على عاتق الشباب بعد قرار الحزب بحلّ هيكليته التنظيمية، موضحاً أن هذه المرحلة تتطلب من الشبيبة لعب دور أكثر فاعلية في تنظيم المجتمع، وتعزيز الفهم العميق لمبادئ الاشتراكية الديمقراطية. وأكد أن النضال لن يتوقف، بل سيتخذ أشكالاً مختلفة أكثر انسجاماً مع الظروف السياسية الجديدة.

وأشار إلى أن الحزب، رغم تحوله إلى نموذج جديد أكثر ديمقراطية، سيظل مستنداً إلى طاقة الشباب، التي كانت دائماً القوة المحركة في مواجهة سياسات الإنكار والإقصاء.

نحو نضال متجدد يستند إلى روح الشباب

وشدد شركر أن المؤتمر الثاني عشر وضع أسساً جديدة لمواصلة النضال بأساليب مختلفة، مشيراً إلى أن روح الشباب ستظل الضمان الأساسي لتحقيق الحرية للشعب الكردي، وجميع المجتمعات المضطهدة حول العالم، وفق نهج الاشتراكية الديمقراطية.

جميل بايك: الحركة الآبوجية تتدفق دائماً مثل المياه الجارية

خلال البرنامج، أكد جميل بايك أن المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني شكّل خطوة مهمة نحو مرحلة جديدة من النضال، مشيراً إلى أن الحركة الآبوجية بدأت كتيار صغير لكنها تحولت إلى قوة عالمية تمتد تأثيراتها إلى قضايا الحرية والديمقراطية على مستوى الإنسانية.

وأوضح أن المؤتمر جاء في سياق التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، خاصة بعد فشل خطة "الركوع" التي استهدفت الشعب الكردي، وذلك بفضل مقاومة الثوار والشعب، مما دفع الدولة التركية إلى إعادة النظر في سياساتها تجاه القضية الكردية. وشدد بايك على أن الحركة الآبوجية ليست مجرد تنظيم سياسي، بل هي رؤية ديناميكية تستمر في التطور والتجديد، وهو ما يعزز انتشارها عالمياً.

خالدة أنكيزك: حرية المرأة هي مفتاح التغيير في المشروع الديمقراطي الجديد

من جانبها، أكدت خالدة أنكيزك أن القائد وضع حرية المرأة في جوهر فلسفته حول الحضارة الديمقراطية، حيث ذكر أن بناء مجتمع ديمقراطي حقيقي لا يمكن أن يتحقق دون تحرير المرأة من القيود الاجتماعية والسياسية.

وأوضحت أن الحزب عمل منذ تأسيسه على تعزيز دور المرأة كمحور أساسي في إعادة تشكيل علم الاجتماع السياسي، معتبرة أن "الجنولوجيا"، أي علم المرأة، يجب أن يكون روح علم الاجتماع الحديث. كما أشارت إلى أن الحركة النسائية كانت دائماً القوة الدافعة للتغيير داخل الحزب، حيث أكد القائد أوجلان أن "سلاح التغيير هو المرأة"، وهو نهج سيظل أساساً للنضال المستقبلي.

الرؤية المستقبلية للحزب وفق توجيهات القائد

في ختام البرنامج، شدد جميل بايك على أن المؤتمر الثاني عشر جاء استجابة لتوجيهات القائد، الذي طرح رؤية استراتيجية لحل القضية الكردية عبر مسارات سياسية وقانونية، مؤكداً أن الحزب سيواصل العمل وفق هذا النهج، بما يتماشى مع التحولات الجارية في الشرق الأوسط.

وأشار إلى أن هذه المرحلة الجديدة لن تقتصر على القضية الكردية فحسب، بل ستسعى أيضاً إلى تقديم حلول ديمقراطية لمشكلات شعوب المنطقة، وفق نموذج الحضارة الديمقراطية الذي وضعه القائد.

(آ)