بيراني: النظام البائد أقصى اللغات غير العربية ونحتاج لدستور يعيد الاعتبار للتنوع السوري

ليست اللغة مجرد أداة تعبير فحسب، بل كما يرى الباحث عبد الوهاب بيراني، هي الجسر الذي "يضمحل معه خطاب الكراهية وينفتح من خلاله المجتمع على الآخر". مؤكداً أن سوريا بحاجة إلى دستور جديد يعيد الاعتبار للتنوع السوري انطلاقاً من الجذور العميقة لبلادٍ كانت يوماً جزءاً من ميزوبوتاميا المتعددة الثقافات.

بيراني: النظام البائد أقصى اللغات غير العربية ونحتاج لدستور يعيد الاعتبار للتنوع السوري
الجمعة 9 مايو, 2025   05:01
الحسكة
بلند حجي

دخل "الأسبوع الأدبي" في شمال وشرق سوريا عامه الرابع، كفعالية سنوية ينظمها ديوان الأدب بمشاركة نخبة من الأدباء والمثقفين من مختلف المكونات السورية. ويتضمن البرنامج قراءات شعرية وقصصية، وندوات فكرية وحوارات أدبية تسلط الضوء على قضايا الهوية والتعدد الثقافي واللغوي.

وفي هذا السياق، أجرت وكالتنا لقاءً مع الباحث في التاريخ والثقافة عبد الوهاب بيراني، الذي سلط الضوء على أهمية إعادة بناء المشهد الثقافي السوري في مرحلة ما بعد الأسد، مؤكداً أن "الأدب هو أصدق مرآة لنبض الشعوب وأداة لتقويض الظلم وتكريس العدالة".

التعدد اللغوي في مواجهة سياسات الإقصاء

وقال بيراني: "نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لإعادة بناء المشهد الثقافي السوري، بعد سنوات من القمع الثقافي أحكم فيها النظام البائد قبضته على الحقل الثقافي، فارضاً ثقافة واحدة، وهوية واحدة، ولغة واحدة، وعلى رأسها منع اللغة الكردية ومثيلاتها من الظهور في الفضاء العام".

وأضاف أن "سلطة البعث طمست التعدد اللغوي، وقيدت الإنتاج الأدبي والثقافي غير العربي ليبقى في غرف مغلقة وتحت الرقابة".

سوريا المتنوعة: واقع معطل وفرص مستقبلية

وأشار الباحث إلى أن سوريا بلد غني بالتعدد اللغوي والثقافي، لكن غياب الترجمة وسياسات التهميش حالت دون أن يتعرف أبناء المكونات المختلفة على تراث بعضهم البعض.

وتابع قائلاً: "من النادر أن تجد مواطناً عربياً في الساحل مثلاً مطّلعاً على الأدب الكردي، أو قصصه الشعبية. هذا الخلل لا يمكن معالجته إلا عبر دستور جديد يضمن الحقوق الثقافية لكل مكون، ويؤسس لمجتمع يعترف بتنوعه".

من ميزوبوتاميا إلى شمال وشرق سوريا: الجذور والتجربة

وذكر بيراني أن سوريا، كونها جزءاً من حضارات ميزوبوتاميا، شهدت تاريخياً تعايشياً ثقافياً ولغوياً ينبغي أن يشكّل نموذجاً للحاضر، مضيفاً: "لقد عاشت الشعوب في سوريا بلغاتها من دون إقصاء. واليوم، يجب استعادة هذا الإرث، فاللغة هي الجسر الأمثل لمحاربة خطاب الكراهية والانغلاق، ووسيلة فعالة لخلق انفتاح ثقافي حقيقي".

وأكد أن تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا قدّمت نموذجاً عملياً لاحترام التنوع اللغوي، إذ تم إدخال اللغات المختلفة ضمن المناهج الدراسية، وتعزيز مكانتها في الحياة العامة، داعياً إلى "تعميم هذه التجربة على كامل الجغرافيا السورية".

توصيات لإعادة الاعتبار للتنوع

وفي ختام حديثه، شدد الباحث في التاريخ والثقافة عبد الوهاب بيراني على أن سوريا الجديدة لا بد أن تولي اللغات والمكونات الثقافية كل الاهتمام الذي تستحقه، عبر تأسيس مراكز بحوث تهتم بتوثيق وتطوير هذه اللغات، لافتاً إلى أن "العديد من المفردات السورية القديمة لا تزال موجودة في اللغات الأوروبية، وهذا دليل على عراقة الإرث الثقافي الذي يجب أن يُمنح فرصة للتعبير عن ذاته".

(ح)

ANHA