بروفيسور عراقي: مخططات تركيا في العراق هي ضم الأراضي المحتلة إليها
عدّ بروفيسور عراقي أن الاجتماعَ الأمني التركي العراقي دليل على شرعنة الاحتلال التركي للعراق، ويفسح المجال أمام احتلال مساحات شاسعة أخرى من الأراضي العراقية.
أجرت تركيا مؤخراً، عدة جولات إلى الولايات المتحدة وجنوب كردستان والعراق عبر وفود رفيعة، سعت من خلالها إلى كسب المزيد من التنازلات بغية تحقيق أطماعها الاحتلالية في المنطقة.
وفي هذا الصدد، عدّ البروفيسور والدكتور العراقي، تيسير عبد الجبار الآلوسي أن السياسة الخارجية التركية "ليست وليدة تكتيكات ظهرت مؤخراً؛ لكنها تستند إلى عمق قرن من المنظومة الكمالية من جهة ونهج الحزب الذي جاء بمخالبه بمسميات عديدة منذ عقود ولكن بجوهره الإخواني ومزاعم علمانية لا أثر فعلي لها".
وأشار إلى أن السلوك التركي هذا "عبارة عن خلطة ميكافيلية تعمل على انتهاز الفرص في تثبيت (قوة) تركيا اقتصادياً وبفلسفة ترى أن ذلك يأتي بصورة جوهرية بالتسلل عبر منافذ عسكرية من قواعد ثابتة ومتنقلة وتسليح يجمع بين الجيش الذي تمت السطوة عليه منذ الانقلاب المدعى مع ميليشيات مكلفة بغايات مستهدفة".
ورأى أن فعاليات الحراك الدبلوماسي التركي الأخير "تأتي لتهيئ لما يُتوقع من القوة العسكرية التركية في القريب بالمنطقة، دع عنكم تلك التي باتت تتوزع في بلدان أفريقية وغيرها.. ونحن في ضوء ذلك يمكننا تفسير رفقة رأس المخابرات وأجهزة العسكرة في وفود الدبلوماسية أو الخارجية التركية بما يبيت منطق القوة وعنفها في العلاقات التركية بمحيطها وبمناطق وبلدان أخرى".
المحادثات التركية في العراق هي لتمرير الأطماع
وعدّ الآلوسي أن "جوهر المحادثات عدا عن شؤون تخص أمور لوجستية لدعم تركيا في الظرف الراهن وتراجعاتها فيه، يكمن أيضاً وبالأساس في إعداد الأجواء للاجتياح العسكري في المنطقة بما يسميه مكافحة الإرهاب، تمريراً لأطماع وانتهاكات بلا حدود".
ولفت إلى أن الأخطر في الجولات هو "ما استطاعت فرضه بالابتزاز على العراق من مما لا تبتغي منها سوى أصوات للتغطية على حملاتها بادعاء أنها تتم بموافقة ومشاركة عراقية! لكن أي مشاركة يمكننا تخيلها، في ظروف تعدد مراكز القرار في السلطة العراقية ووجود قوى موازية للحكومة تختلف مرة وتحترب مرات، أنها مجرد فرض رؤى للتستر على المتوقع منها من انتهاك".
تداعيات مخططات تركيا المعروفة بالاحتلالية على العراق وشعبه
وعن تداعيات مخططات تركيا الاحتلالية على العراق وشعبه، قال الباحث إن "صيغ الاحتلال المتخفية والمتسترة يجري تمريرها بعبثية انتهاز الظرف المحيط بالعراق وبالأوضاع الممزقة داخلياً والهزيلة تجاه محيطيه الإقليمي والدولي، ولكن الخطر الذي نرصده إنما تفضحه حال التخفي خلف الأكمة بما يُطلق من تصريحات تتحدث عن تركيا الكبرى وامتداداتها في دول الجوار.. وإنها لمن المؤكد توجهها لضم الأراضي المحتلة بإحداث تغييرات ديمغرافية تجري اليوم على قدم وساق، مثلما يتم تعميدها بعشرات ومئات القواعد والمراكز العسكرية الثابتة والمتحركة".
الموقف العراقي غير القادر على إخراج تركيا من العراق
وأما عن أسباب ضعف الموقف الرسمي للحكومة العراقية حيال تركيا (على العكس من موقفها من الولايات المتحدة)، فرأى الآلوسي أن "تركيبة السلطة في العراق تتوزع بين رسمية وأخرى موازية للدولة وهذه تتعدد في توجهاتها وتحالفاتها وفق مرجعيات أجندات ليست وطنية ما يدفع بكثير من القضايا إلى مواقف متعارضة ومتناقضة، ومن ثم تضع البلاد بين فكي رحى الأجندات وطبعاً يُضعِف الموقف الرسمي المعتمد ويجعله في حال يرثى له، لأنه غير قابل للنفاذ ميدانياً فعلياً بقدر ما يمنح فرصاً متعددة لقوى التدخل أن تنفذ بمهامها وغاياتها".
وبشأن الموقف من الولايات المتحدة ينطبق هذا، بحسب الكاتب، بوضوح على الموقف، لكن غلبة الصوت بمرجعيته الخارجية (الإيرانية حصراً) يصوره وكأنه موقف موحد بالضد من الوجود الأميركي لكن الحقيقة تعود طبعاً إلى حجم التدخل ونتائجه التي تفتضح بالمجمل".
ورأى الباحث أنه "إذا قرأنا تعدد الأجندات المؤثرة من جهة وتعدد مصالح القوى التي تسطو على الوضع بعمومه سنستطيع قراءة الموقف من الوجود العسكري التركي (الاحتلالي) ومن القوى الصديقة التي ينبغي أن نكون معها بالضد من تلك التدخلات وبوسائل وطنية عراقية".
كما عدّ الآلوسي أن ما خرج من بيان مشترك بعد الاجتماع "الأمني" بين تركيا والعراق، "دليل على شرعنة الاحتلال التركي للعراق ويفسح المجال أمام احتلال مساحات شاسعة أخرى من الأراضي العراقية، وأن مثل تلك التنسيقات لا يمكنها أن تعبّر عن المصالح الوطنية خاصة هنا بخلفية اختلال التوازن، حيث تأتي الأمور على حساب العراق وشعبه".
ورأى الباحث أن المشكلة تكمن في أن القيادة الرسمية تسمي ذلك تنسيقاً فيما لا يمكن وصفه إلا بفرض شروط قسرياً بوجود القواعد العسكرية بذاك الحجم وبالعمق الذي يخترق حتى الاتفاقات الموقعة مع الدولة العراقية عليه، فإن كل تلك الاتفاقات الأمنية ليست شرعية ولا تخدم الصالح الوطني بل تكرس من جهة، صمتاً سلبياً خطيراً على وجود ينتهك السيادة ويرتكب جرائم موصوفة في القوانين والمعاهدات الدولية المعروفة".
وعدّ الآلوسي التنسيق الأمني الجديد "استمراراً لخطاب الإذعان من جهة والاستسلام للضغوط والمآرب والغايات الخطيرة التي تفتضح بما تختلق وتمهد له من قضم أراض عراقية مع جر الحكومة لمنزلقات ليست من مسؤوليتها بالإشارة إلى القضية الكردية في تركيا، تلك القضية العادلة التي يجب حلها حلاً ديمقراطياً سلمياً بخلاف نهج القمع والمصادرة ومزاعم توصيف حركاته التحررية بالإرهاب والأصل هو إرهاب الدولة الذي تمارسه تركيا".
(أ م)
ANHA